"كنت يائسة للغاية.. فقدت الأمل فأقبلت على الانتحار حيث بدا لي الملاذ الوحيد لوقف العنف ضدي.. فلم أكن أعرف كيف أتعامل مع الألم" بتلك الكلمات بدأت "فاطمة" لقاءها مع "علي الدين محمد" الصحفي التونسي الذي أخذ على عاتقه عمل بحث حول العنف ضد المرأة العراقية، وأزمات الزواج المبكر والاضطهاد الجنسي من أزواجهن وتعرضن لمخاطر كبيرة بعد انتشار داعش في العراق في الفترة الماضية قبل هزيمتهم وتقلص وجودهم في الكثير من المدن العراقية.
فبعد الإطاحة بالرئيس صدام حسين عام 2003 ، أصبح العراق مسرحاً للحرب والدمار، حيث عاني الشعب العراقي بشكل كبير في ظل الصراع المستمر، بين الدول والتنظيمات الإرهابية، ووقعت الفتيات والنساء ضحايا للعنف والاعتداء الشديد، فمنذ بداية النزاع ، تقف النساء جنبًا إلى جنب مع الرجال أثناء الاحتجاجات ، ويعارضون التطرف وأشكال القمع الأخرى ويلعبون دورًا حاسمًا في تقديم الدعم لضحايا العنف.
اقرأ أيضاً:قصص ممرضات تحولن إلى "عزرائيل الموت".. ماذا يحدث داخل مستشفيات أوروبا بسبب كورونا؟
وقد ساعد الخطاب الطائفي والديني في المجتمع في قمع حقوق النساء في العراق، حيث ينتشر العنف القائم على النوع الاجتماعي مثل العنف المنزلي والاغتصاب وجرائم الشرف على نطاق واسع، حيث هناك عدد متزايد من الفتيات، يتعرضون للعنف بشكل كبير وقد نعيش معاً قصص لهؤلاء النساء في السطور التالية، رأوا ويلات الحرب والعنف معاً.
View this post on Instagram
الانتحار ملاذي الوحيد
وبالعودة إلى قصة "فاطمة" الأم لثمانية أطفال والتي قالت "لعلي الدين" في صحيفة الجارديان البريطانية أنه خلال السنوات التسع الأولى من الزواج ، كان زوجي لطيفًا ومحبًا،كنا نخرج، نضحك معًا كزوجين محبان، وعقب خلاف مع شقيق زوجها انقلبت حياتهما رأساً على عقب بعد أن أراد الرجل إخلاء المنزل الذي كانوا يستأجرونه منه، ازدادت حدة الخلاف، حتى اتهمها صهرها بأنها امرأة بلا شرف، وطردها من المنزل وعند عودة زوجها لم يأبه لكلام زوجته المسكينة التي وبخت دون داعي بل صدق عليها أنها "باغية" وبدأ يلعنها ويضربها كل يوم حينها كانت حاملاً في مولودها الثالث، ولم يكن رد فعل زوجها إيجابياً على هذا الحمل، واتهمها أن الطفل ليس منه وفض انفاق أموال عليه تماماً بعد إنجابها الطفل، حتى أنه حرق رأس الطفل اعتقاداً أنه "ابن زنى"، وعندما حاولت الدفاع عنه اشتعلت بي النيران أنا أيضاً حتى احترق جانبي الأيمن بأكمله ورفض ذهابي إلى المستشفي، ودفن الطفل وعالجني في المنزل.
ضحية العنف في العراق
وتقول فاطمة حاولت الهرب بطفلي الآخرين بعد موت "طفلي الرضيع" إلا انه كان يحبسني في المنزل فحاولت الانتحار بـ"شفرة" ماكينة الحلاقة الخاصة به، عند إذن ذهب بي إلى المستشفى وهناك حررت محضراً ضده لكني لم أستطع حتى الآن الحصول على مستحقاتي أو رؤية أطفالي.
اقرأ أيضاً: اغتصبني لكسر الملل الزوجي.. ارتفاع حالات العنف المنزلي حول العالم في زمن كورونا
أم تتواطئ في العنف ضد بناتها
في سياق متصل، كانت معنا رواية أخرى للمراسلة "ألمي حسون" من لندن والتي نشرت قصص لثلاث فتيات تعرضن لعنف وصل إلى الموت في شبكة "البي بي سي"، حيث نقلت "ألملى" عن الناشطة الحقوقية العراقية، مها أحمد، بأن تلك الفتيات تعرضن للضرب حتى أن واحدة منهما ظهرت في صورة صورة تبدو عينها مغلقة لكن جفنها الأسفل محاط بجرح على شكل هلال كبير، وتظهر رضوض على أنفها ووجها.
ويتعرضن هؤلاء الفتيات للضرب من قبل أبيهن لاسباب تافهة، كما أنه أجبرهن على ترك الدراسة والخدمة في المنزل، وقد ساعدته الأم على ذلك وسمحت بتهديده لهن بالقتل، وقد وصل الأمر إلى حرق إحداهن مما أسفر عن وفاة الأخت الصغرب لهم "ملاك الزبيدي" في مدينة النجف العراقية، حينها قررت الأختان إرسال الصور للناشطة الحقوقية "مها أحمد" لفضح الأمر.
اقرأ أيضاً: "مقاهي الموت".. متى ظهرت وكيف تساعدك في أزمة فيروس كورونا وهل يمكن الانضمام لها؟
هاربة من داعش في العراق
لقد عانى أولئك الذين تمكنوا من العودة من الإخلاء والنزوح القسري والنهب والتهديد والاعتداء، بما في ذلك الاعتداء والتحرش الجنسيين، وكان من بين هؤلاء "عزة الحميدي" امرأة قاست في ويلات الحرب من تنظيم داعش بعد قتل زوجها وابناءها أمامها أخذها التنظيم لتكون "جارية" وقد اغتصبوها القادة كل يوم وضربوها بشكل افقد الشعور بالحياة، تقول "عزة" بعد أن هربت من بين فكي التنظيم الإرهابي عقب هزيمتهم لصحيفة "التايم البريطانية"، "أثناء تواجدي معهم كنت اتساءل احياناً لماذا لم أموت في غارة جوية، حتى أن محاولاتي في الانتحار جميعها فشلت،كنت وحيدة تماماً ابكي طفلي وزوجي كل يوم وهم يغتصبوني ويجروني من شعري لأقبل أقدامهم، وحين بدأت الحرب تشتد وبدأوا في الهزيمة كنت قد فقد الشعور بالحياة لكني استطت الهرب في إحدى الغارات الأمريكية عليهم، وعدت إلى منزلي الذي أصبح حطاماً وأنا الآن أتلقى العلاج النفسي في إحدى دور الرعاية بالعراق.
ضحية العنف في العراق
اقرأ أيضاً: ماتوا وحيدين دون "قبلة" أو وداع أخير .. قصص ضحايا فيروس كورونا داخل غرف الحجر الصحي
نسبة العنف ضد المرأة في العراق
قالت المنظمات الحقوقية أن 36% على الأقل من النساء المتزوجات تحدثن عن تعرضهن لشكل من أشكال الأذى النفسي من أزواجهن و23% للإساءة اللفظية و6% للعنف الجسدي و9% للعنف الجنسي،وفقط في إقليم كردستان العراق يوجد قانون لمكافحة العنف الأسري،وبحسب وزارة الداخلية العراقية، ووحدة حماية الطفل، تم إبلاغ الشرطة بـ 272 قضية "شرف" وجرت الإشارة إليها.
اقرأ أيضاً: الممرضة رقم7 تروي لحظات الرعب من فيروس كورونا بعد عمل 86 يوماً
ماهو الإجراء القانوني في تلك الحالات؟
يمكن اللجوء للشرطة المجتمعية جهاز تابعة لوزارة الداخلية العراقية، ليست جهة قضائية ولا تنفيذية، ورغم أن مهمة الفريق التوصل إلى الصلح، إلا أنه في حال رفض الضحية للصلح ورغبتها في تسجيل شكوى، توجه الشرطة الضحية وتساعدها بتوثيق الإصابات الناجمة عن التعرض للتعنيف،ويمكن للنساء التواصل معهم لطلب المساعدة عبر الخط الساخن (497) أو عبر خطوط الأعضاء الشخصية.
الخيار الآخر لضحايا العنف هو اللجوء لدور الرعاية - لكن هذه الدور محدودة العدد وغير مجهزة بما يلزم،وتنص المواد 128 و 130 و 131 و 409 من قانون العقوبات العراقي بعقوبات مخففة للجرائم
اقرأ أيضاً: الاعراس والوفيات والولادة في زمن الكورونا.. ماذا يحدث في كينيا؟
ويستمر الزواج القسري والمؤقت والزواج المبكر في العراق، بينما المادة 7 من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959 يحدد السن القانوني لكل من الرجال والنساء بـ 18 سنة ، ويسمح بتخفيضه، من ذلك السن حتى 15 عامًا بموافقة ولي الأمر والإذن القضائي.