قررت الحكومة الجزائرية اتخاذ حزمة جديدة من القرارات لمواجهة التداعيات السلبية لفيروس كورونا وتراجع أسعار النفط، أبرزها خفض موازنة النفقات العامة بنسبة 50%.
وأقر مجلس الوزراء الجزائري، الأحد، برئاسة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون 10 قرارات اقتصادية جديدة، بعضها تقشفية وأخرى للحد من الآثار الاجتماعية لأزمتي كورونا وأسعار النفط، كشف عنها بيان عن رئاسة الجمهورية اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله.
وتمثلت القرارات التقشفية في زيادة خفض ميزانية التسيير من 30% إلى 50%، على أن يشمل التخفيض نفقات الدولة والمؤسسات التابعة لها.
ومن أبرز القرارات التي تستهدف إنقاذ المهن الأكثر تضرراً من الإجراءات الاحترازية الخاصة بجائحة كورونا: إلغاء الضريبة على المداخيل التي تقل أو تساوي 30 ألف دينار ابتداء من مطلع يونيو/حزيران المقبل، ورفع الأجر الوطني الأدنى المضمون بزيادة ألفي دينار جزائري (15.64 دولار أمريكي) ليصبح 20 ألف دينار جزائري (220 دولارا أمريكيا) ابتداء من مطلع يونيو، وكذا إلغاء نظام التصريح المراقب على المهن الحرة.
كما أمر الرئيس الجزائري حكومته بالتحضير لاجتماع "الثلاثية" الذي يتكون من الحكومة والنقابات ومنظمات رجال الأعمال خلال الأسابيع المقبلة، لمناقشة واتخاذ قرارات أخرى تخص الجبهة الاجتماعية.
وفي محاولة لبعث بدائل اقتصادية أخرى غير النفط الذي يشكل 97% من دخل البلاد و60% من موازنتها العامة، قرر مجلس الوزراء الجزائري اعتماد اقتراحات وزارة الصناعة والمناجم المتعلقة بإنعاش القطاع الصناعي.
بالإضافة إلى الإسراع في تشكيل ديوان للفلاحة الصحراوية "فورا" بغرض "استصلاح ملايين الهكتارات الصحراوية لتطوير الزراعة الصناعية".
وفي قطاع النفط، اعتمدت الجزائر مشروع مرسوم رئاسي يتضمن الموافقة على ملحق للبحث عن المحروقات واستغلالها في المساحة المسماة "تمسيت" (جنوب البلاد) بين الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات (النفط) والشركة النفطية سوناطراك وشركة "إيكينور ألجيري ب.ف".
كما طلب تبون من حكومة عبدالعزيز جراد الشروع في الدراسات اللازمة لتشكيل وكالة وطنية للطيران المدني، ووكالة وطنية للطاقة، ووكالة وطنية للابتكار، إلى جانب الوكالة الوطنية للأمن الصحي.
وفيما يتعلق بمستقبل السنة الدراسية المتوقفة بسبب انتشار فيروس كورونا في البلاد وما صاحبها من مخاوف أولياء أمور التلاميذ والعاملين في قطاع التعليم، تشكلت لجنة برئاسة رئيس الوزراء تضم وزراء التربية الوطنية، والتعليم العالي والبحث العلمي، والتكوين والتعليم المهنيين، أوكل لها مهمة تقديم الاقتراحات اللازمة لإنهاء السنة الدراسية بما يضمن مصلحة التلاميذ والطلبة، على أن يتخذ القرار النهائي حولها الأحد المقبل.
تفاؤل وسط أزمتين حادتين
وفي مقابلة تلفزيونية مع وسائل إعلام محلية، الجمعة الماضي، قلل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون من التبعات السلبية لجائحة كورونا وانهيار أسعار النفط على اقتصاد بلاده، وتوقع عودة أسعار النفط إلى حدود 40 أو 45 دولاراً للبرميل خلال الشهرين المقبلين.
واعتبر أن الأزمة النفطية التي تعرفها الجزائر وبقية الدول المنتجة للنفط "جد ظرفية"، مشيرا إلى أن "العجلة الاقتصادية العالمية التي تعطلت بسبب وباء كورونا ستتحرك عن قريب".
وربط تحسن مستوى الاقتصاد الجزائري في العامين المقبلين بـ"مشاركة رجال الأعمال النزهاء" في الإصلاحات الاقتصادية التي ينوي القيام بها.
وجدد رفض بلاده العودة إلى الاستدانة الخارجية أو إعادة طبع النقود التي طبقتها حكومة أحمد أويحيى في عهد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، وكشف عن احتمال لجوء حكومته إلى "المديونية الداخلية" لتمويل المشاريع الكبيرة.
وأوضح تبون أن الجزائر "لن تذهب للمديونية لا من صندوق النقد الدولي ولا من البنك الدولي"، معتبرا أنها "تمس بالسيادة الوطنية وهي تجربة عشناها بداية التسعينيات".
كما قلل الرئيس الجزائري من خطورة تهاوي احتياطيات الصرف، مرجعاً ذلك إلى "القضاء على ظاهرة تضخيم الفواتير"، وتعهد بأن يكون تسيير إنفاق احتياطيات الصرف الأجنبي بـ"أقل سرعة" من السنوات الماضية.
كما كشف تبون عن اعتزام الجزائر "للمرة الأولى" منذ استقلالها عام 1962 "التوجه نحو استغلال جميع الثروات المعدنية غير المستغلة في البلاد".
وأعلن عن تحضير حكومته لإطلاق مشاريع استغلال للثروات الطبيعية والمعدنية التي تزخر بها البلاد ولم تستغل حتى الآن بالشكل المطلوب، بينها "المعادن النادرة التي تحتل الجزائر فيها المرتبة الثالثة أو الرابعة عالميا من حيث الاحتياطيات، إضافة إلى الذهب والألماس واليورانيوم والنحاس وغيرها".