رمضان في جنوب إفريقيا 2020، تشتهر الدولة الواقعة أقصى جنوب القارة الإفريقية بتعدد ثقافاتها وجنسياتها وبالاختلافات العرقية بها، فهناك الهنود والماليزيين والإندونيسيين والأفارقة، وكل منهم له أساليبه الخاصة في الاحتفال بالشهر الكريم وفقا لما هو شائع في بلده الأصلي، فكانت تُنظم موائد الإفطار بالمساجد و تقام بها صلاة التراويح في جو روحاني فريد، وكذلك يُدعى الأصدقاء والأقارب لتقاسم وجبة الإفطار في البيوت، لكن اليوم، ومع تفشي النوع الجديد من فيروس كورونا (كوفيد-19) في هذا البلد، لم يبقَ حتى القليل من تلك الطقوس.
مسجد نيزامي في جنوب إفريقيا
وفي أحدث إحصائية حول الوضع الوبائي في جنوب إفريقيا، الصادرة في وقت سابق اليوم الاثنين، ارتفعت حصيلة الإصابات بالفيروس المستجد إلى أكثر من 10 آلاف، وفقا لما أفادته معطيات المركز الأفريقي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، فيما ارتفعت حصيلة الوفيات إلى 194 في عموم البلاد.
رمضان في جنوب إفريقيا (أرشيفية)
أعلن رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوسا، أنه يتعين على مواطني البلاد التكيف على الحياة مع خطر فيروس كورونا المستجد، لمدة عاما وربما أكثر من ذلك.
رمضان في جنوب إفريقيا (أرشيفية)
رمضان في جنوب إفريقيا (أرشيفية)
وطالب رامافوسا، مواطني بلاده، بالاستمرار في الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات وغسل اليدين باستمرار. واستخدم الرئيس رسالته الإخبارية الأسبوعية ليحذر من أنها "لن تكون الحياة كما عرفناها من قبل" حتى مع تخفيف القيود. وحذر من زيادة عدد الإصابات حيث تجاوزت جنوب إفريقيا علامة 10 آلاف إصابة جديدة.
رمضان في جنوب إفريقيا (أرشيفية)
رمضان في جنوب إفريقيا (أرشيفية)
وكما تتنوع الثقافات والأعراق في جنوب إفريقيا، تتباين كذلك الأطعمة، حيث يكثر الهنود المسلمون من استعمال التوابل الحارة فى إعداد الوجبات والمشروبات الهندية مثل الجانجوي والحريرة كنوع من العودة للجذور والحنين إلى وطنهم.
رمضان في جنوب إفريقيا (أرشيفية)
رمضان في جنوب إفريقيا (أرشيفية)
ويشتهر مسلمو جنوب إفريقيا بالكرم الكبير مادياً وروحياً خلال أيام شهر رمضان، ويوجد في جنوب إفريقيا حوالي 500 مسجد و408 معاهد تعليمية للدراسات الإسلامية ومراكز التدريب الديني، وكليات العلوم الإسلامية التي كان يبرز دورها خلال شهر رمضان في تقديم تعاليم الدين الإسلامي للمسلمين ولغير المسلمين، وذلك قبل إغلاقها حاليا لاحتواء الفيروس الوبائي في إطار تعليق الدراسة في المدارس والجامعات في هذا البلد كأحد الإجراءات الاحترازية المتبعة لمنع تفشي الفيروس.
رمضان في جنوب إفريقيا (أرشيفية)
رمضان في جنوب إفريقيا (أرشيفية)
وفي جنوب إفريقيا تصل ساعات الصيام إلى 12 ساعة.
ويسهم الإعلام الإسلامي بجنوب إفريقيا في نشر رسالة رمضان، حيث كانت المحطات الإذاعية الإسلامية الخاصة تبث صلاة التراويح تقريباً في كل محافظة ذات كثافة سكانية مسلمة قبل منع إقامة صلوات الجماعة في المساجد، ومن الإذاعات الرائجة في هذا النشاط بجنوب إفريقيا، إذاعة إسلام في جوهانسبرج، وإذاعة 786 في كيب تاون وإذاعة الأنصار في ديربان.
رمضان في جنوب إفريقيا (أرشيفية)
رمضان في جنوب إفريقيا (أرشيفية)
وللصحف الإسلامية دور كبير في نشر معلومات بين المجتمع المسلم في جنوب إفريقيا والمجتمعات الأخرى حول رمضان، وأكثر الجرائد الإسلامية ظهوراً جريدة القلم، وجريدة رؤى المسلمين، وجريدة الأمة، وجريدة المفتاح، وتكون لها جميعاً نشاط ملحوظ خلال الشهر الكريم في نشر تعاليم الدين الإسلامي وشعائر شهر رمضان ونصائح للصيام خلال الشهر.
رمضان في جنوب إفريقيا (أرشيفية)
رمضان في جنوب إفريقيا (أرشيفية)
كما يظهر دور المنظمات الإسلامية المحلية في جنوب إفريقيا خلال شهر رمضان، حيث تقود حملة خدمات الاحتياجات الإنسانية محلياً وخارجياً، وعلى رأسها، لجنة مسلمي إفريقيا، ولجنة هلال الرجاء، كما تقدم الجمعية الطبية الإسلامية في جنوب إفريقيا مساعدات كبيرة لكل من المسلمين وغير المسلمين قبل وبعد الإفطار.
وتبدأ المنظمات الإسلامية بجنوب إفريقيا عملها الخيري قبل رمضان في سبيل رفع مقدراتهم التمويلية، ليساعدوا بها فقراء المسلمين، فيما كانت تشهد المساجد خلال الشهر الكريم، قبل إغلاقها في إطار التقيد بعدم التجمع، إقبالاً من أعداد كبيرة من المسلمين وتضاء معظمها بالكامل من الخارج بالأضواء الخضراء احتفالاً بالشهر الكريم مثل مسجد "نيزامي".
وقبل تفشي الفيروس في العالم ومن ثم وصوله إلى جنوب إفريقيا، كانت صلاة التراويح في هذا البلد تُؤدى في كل مسجد بمشاركة السيدات في أماكن الصلاة المخصصة لهن. ويهجر مسلمو جنوب إفريقيا كل ما يمكن أن يشغلهم عن العبادات خلال الشهر، حيث تصبح تلاوة القرآن النشاط الرئيسي لكل مسلم بجنوب إفريقيا خلال رمضان، إلى جانب زيارة القبور التي تعتبر عادة لدى مسلمي جنوب إفريقيا في رمضان.
كانت مظاهر احتفال المسلمين في جنوب إفريقيا بشهر رمضان تقتصر على الأنشطة المحلية بالمدن التي ترعاها المنظمات الإسلامية لقلة عدد المسلمين بجنوب إفريقيا، فطبقاً لأحدث إحصائية أجراها موقع Fact book عام 2015، وصلت نسبة المسلمين من بين التعداد السكاني لجنوب إفريقيا 1.9% فقط، لكن اليوم ومع تفشي الفيروس التاجي وما تتبع ذلك من فرض إجراءات احترازية صارمة في محاولة لوقف انتشاره، تلاشت حتى أبسط تلك المظاهر والطقوس وأصبحت أجواء وروحانيات رمضان لا تخرج من إطار منازل مسلمي البلد الإفريقي.