رمضان في هولندا 2020، تستقبل الجالية المسلمة في هذا البلد الأوروبي الشهر الكريم في ظل ظروف استثنائية، فمع اتخاذ الحكومة جملة من الإجراءات لمكافحة تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، والتي شملت غلق دور العبادة ومنع التجمعات وحظر تنظيم موائد الإفطار، فلا بديل عن العزلة والوحدة، ولا شك أنه وضع صعب خاصة للشخص الذي يعيش وحيدًا وينتظر شهر الصيام للقاء الأصدقاء بالمساجد خلال صلاة التراويح، وتقاسم وجبة الإفطار معهم على الموائد الجماعية.
رمضان في هولندا (أرشيفية)
رمضان في هولندا (أرشيفية)
إلياس اليوسفي، إمام وخطيب المركز الإسلامي في مدينة لاهاي، عبّر عن شعور المسلمين بالأسف البالغ على قدوم شهر رمضان في ظل هذه الأوضاع العصيبة؛ وقال، لوكالة "سبوتنيك" الروسية، في وقت سابق هذا الشهر: "لاشك أن الكثيرين من المسلمين متأسفين جدا على استقبال شهر رمضان الفضيل بدون قدرتهم على تأدية واجباتهم وشعائرهم الدينية، خاصة وأن صلاة التراويح لن تجمع المسلمين هذا العام".
مسجد في هولندا
رمضان في هولندا (أرشيفية)
وأضاف اليوسفي، "ولكننا نعمل كأئمة في كافة أنحاء هولندا على إبقاء التواصل مع الجالية المسلمة هنا مستمرا، فالبعض يتواصلون من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، حيث تبث بعض المساجد والتي لديها القدرة مثل مركزنا صلاة التراويح والأنشطة الدينية مباشرة على موقعنا الإلكتروني، وذلك لكي يشعر المؤمن بالترابط وبقاء الشعائر الدينية والاستماع للقرآن الكريم".
رمضان في هولندا (أرشيفية)
رمضان في هولندا (أرشيفية)
وفيما يتعلق بالوضع الوبائي في هولندا، قال المعهد الوطني للصحة العامة والبيئة الهولندي (RIVM) اليوم الخميس 14 مايو 2020، أن 28 شخصا توفوا خلال ال 24 ساعة الماضية بسبب فيروس كورونا في هولندا، مما يجعل عدد الوفيات الإجمالي في البلاد 5.590 حالة وفاة، مضيفا أن عدد الإصابات التي تم تسجيلها خلال ال 24 ساعة الماضية وصل إلى 270 حالة جديدة، ليصبح عدد المصابين الإجمالي بفيروس كورونا في هولندا 43.481 إصابة مسجلة.
رمضان في هولندا (أرشيفية)
رمضان في هولندا (أرشيفية)
كما أكد اليوسفي، خلال المقابلة الصحفية، أن الحكومة الهولندية لم تعمل على فرض إغلاق دور العبادة ولكنها قدمت النصائح والإرشادات من خلال البلديات التي تتواصل بشكل مباشر مع المساجد وباقي دور العبادة، "الحكومة تعمل وفقا لدستور البلاد، ولذلك يمنع أن تغلق السلطات المساجد في ظل انتشار فيروس كورونا، ولكنها عملت على توجيه اللجان الإدارية للمساجد، إلى العمل على طريقة أخرى للتواصل مع الجالية المسلمة، من خلال الفيديو أو البث المباشر وغيرها من الطرق المتعددة، وأيضا سمحت لنا الحكومة بتحديد الصلوات لـ 30 مصلٍ في المساجد، وليس هناك أي مانع قانوني لاستقبالهم للصلاة.
رمضان في هولندا (أرشيفية)
رمضان في هولندا (أرشيفية)
وتابع الإمام اليوسفي حديثه، قائلا: "ولكن بعد مشاورات الأئمة ورابطة المساجد على مستوى هولندا، اتفقنا على إغلاق المساجد بشكل مؤقت في ظل هذه الأزمة وذلك لأن استقبال عدد قليل من المصلين سيكون معظمهم من كبار السن وهم من أكثر الفئات المعرضة لخطر الإصابة بالفيروس، لذلك قررنا ألّا نخاطر بسلامة وصحة أفراد المجتمع".
رمضان في هولندا (أرشيفية)
رمضان في هولندا (أرشيفية)
وأشار إلى أن رئيس الوزراء الهولندي مارك روتييه ورؤساء عدة بلديات قدموا رسائل شكر إلى المساجد على حُسن تفاعلها ودورها الإيجابي في هذه الظروف، ومنها القرار الموحد لإغلاق المساجد وإيجاد حلول أخرى للتواصل مع الجالية المسلمة.
رمضان في هولندا (أرشيفية)
رمضان في هولندا (أرشيفية)
كما دعا اليوسفي، الجالية المسلمة إلى استغلال أوقات الحظر الصحي للعمل على إصلاح العلاقات الاجتماعية وتعزيز الترابط الأسري، ويعتبر هذا الوقت فرصة لكل شخص لإصلاح علاقته بربه وبمجتمعه أيضا، وللاستفادة بشكل إيجابي من هذه الأزمة التي نعيشها، فإن إقامة فرائض العبادة بشكل جماعي مع العائلة تعتبر فرصة للتواصل الأسري وزيادة الارتباط العائلي".
رمضان في هولندا (أرشيفية)
رمضان في هولندا (أرشيفية)
ورغم ظروف كورونا، وفقا لشبكة "رؤية الإخبارية"، فقد أظهر الفيروس المستجد المعدن الأصيل للجالية المصرية في هولندا، عندما نقلت فكرة الشنط الرمضانية والمساعدات العينية إلى هولندا وأوروبا وأمريكا أيضا، فقد استقبلت الشهر الكريم هذا العام بالعديد من المبادرات التي شملت مظاهر مختلفة من التعاون بين المنظمات والأفراد، وكان هدفها واحد "هو كيف نقف معًا من أجل دعم الأسر المصرية التي تعاني ظروفًا صعبة أو أشخاص قد تم إلغاء عقودهم أو شباب يعيش بهولندا بإقامة لبلد أوروبي آخر ومع أزمة كورونا تم الاستغناء عنه من العمل، أو من يقيم بشكل غير شرعي بالبلاد، ولا يجد قوت يومه ولا ثمن إيجار سكنه، بسبب ظروف البلاد في الوقت الحالي، وأيضا تقديم المساعدات لكبار السن.
وبالفعل تم تنظيم الشنط الرمضانية أو صناديق المساعدات التي شملت مساعدات مادية حسب الاحتياج، ولم يقتصر الأمر على رمضان فقط، بل كانت مع بداية أزمة كورونا. كما ساهم العديد من أبناء الجالية المصرية في الخارج في تحمل تكاليف إقامة العالقين وأيضًا ساهموا في تكاليف عودتهم لأرض الوطن.
إلى ذلك، أكد أبناء الجالية الإسلامية في هولندا أنهم سيفتقدون الطقوس الجماعية والعادات التي ألفوها في هذا الشهر، إلا أن المواقف من الإجراءات المتخذة أو التي يمكن أن تتخذ في جميع البلدان لمكافحة تفشي كورونا جاءت متباينة؛ فهناك من يصفها بـ المبالغ فيها، وهناك من يرى أنها تتناسب مع خطورة الفيروس، وعلى سبيل المثال يرى البعض أنه "يمكن أن يصلي الناس وبينهم مسافة كما صلى المسلمون في عهد عمر بن الخطاب عندما أصيبوا بوباء الطاعون، من يدري فربما بصلاتنا في رمضان ربنا يرفع عنا هذا المرض". والبعض الآخر يؤكد على ضرورة الالتزام بالتعليمات والصلاة في البيت أصبحت واجبًا شرعيًا وقانونيًا.