أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، قيمة العدل في المجتمع، قائلًا إن النبي _صلَّى الله عليه وسلَّم- قد رغّب في العدلِ ورهبّ من الظلمِ، في كثيرِ من الأحاديث النبوية، وخاصة العدل في الحكم، والمساواة بين الأبناء والبنات في المعاملة، ومن ذلك قوله عليه الصلاةُ والسلامُ: "إذَا حكمَتُم فاعدلُوا"، وقوله: "فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم".
وخلال برنامجه الرمضاني "الإمام الطيب " أشار شيخ الأزهر، إلى أن النبي _ صلى الله عليه وسلم_ أوصى بالزهدِ في طلبِ الإمارةِ خوفَ فواتِ العدلِ، فعن عوفِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، قال: قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "إِنَّ شئتُم أنبأتُكم عنِ الإمارةِ وما هِي؟ قال عوفٌ: فناديتُ بأعلى صوتي ثلاثَ مراتٍ: وما هي يا رسولَ الله؟ قال عليه السلامُ: أوَّلها ملامةٌ، وثانيها ندامةٌ، وثالثُها عذابٌ يومَ القيامةِ، إلَّا مَن عَدَل.
ولفت الطيب إلى أن "الإمارةَ" ليست هي إمارةُ الدولِ والبلادِ فقط، بل هي الإمارةُ بأوسعِ معانِيها، والتي تنطبقُ على كل مسئولٍ صغيرٍ أو كبيرٍ، فإنه أميرٌ فيما أُسندَ إليه من وظائفَ وأعمالٍ، مدللًا على ذلكَ بقوله صلى الله عليه وسلم: "ما مِنْ رجلٍ يلي أمرَ عشَرةٍ فما فوقَ ذلكَ إلا أتى الله عزَّ وجلَّ مَغلولًا يومَ القيامةِ يدُه إلى عنقِه.. فكَّه بِرُّه، أوأَوْبقَه إثْمُه.
وأضاف شيخ الأزهر، أن الحديث يُستنبطُ منه التنفيرُ الشديدُ من طلبِ الولايةِ لما تشتملُ عليه من تَبعاتٍ لا يَبعُدُ معها الوقوعُ في مظالمِ العبادِ، وإهانتُهم والإساءةُ إليهم، وبخاصَّةٍ إذا كان الموظفُ أوالمسئولُ غيرَ مؤهَّلٍ لإدارةِ ما أُسندَ إليه من وظائفَ ومسئولياتٍ، وفي الحديث كذلك تحذيرُ للذينَ يُرهقونَ أنفسَهم، و يُريقونَ ماءَ وجوهِهم، من أجلِ الظَّفرِ بكرسيٍّ لا يَعلمُ سَلَفًا هل يستطيعُ أن يَنشرَ من فوقه العدلَ والرحمةَ والرفقَ بالعباد، أو أنَّ شيئًا من هذه المظالمِ لا يخطِرُ له على بالٍ، مؤكدًا أن مهمة القيام بالعدل ليست بالأمرِ الميسور عادةً، وبخاصةٍ في المواقف الدقيقة التي يجد الإنسان فيها نفسَه مدفوعًا بغريزته إلى التَّحيُّز والميل مع الهوى.