في الوقت الذي يفرك السياسيون والبيروقراطيون الغربيون أيديهم، انتزع الجهاديون والسلفيون المتشددون المبادرة في شمال سوريا.
وكتب مايكل ويس وروي غوتمان في موقع الديلي بيست أن ثوارًا سوريين، يتقدمهم جهاديون وسلفيون كسروا حصار نظام الأسد لحلب السبت، بعد شهر تقريبًا من تطويق معقل المعارضة في الشطر الشرقي من المدينة.
ومنع طوق النظام من إدخال أية مساعدة إنسانية أو غذائية لنحو 300 ألف رجل وامرأة وطفل عالقين داخل المدينة، إلا أن هذا الوضع انتهى حاليًا، مع دخول قافلات من المساعدات انطلقت من إدلب التي تسيطر عليها المعارضة، إلى شرق حلب الأحد.
انتصار تكتيكي
وبدد هذا الاختراق الذي يمكن اعتباره الانتصار التكتيكي الأكبر للمعارضة منذ سنة تقريبًا، الكآبة التي حلت على القوى المناهضة للنظام منذ بدء التدخل الروسي الجوي في سوريا في سبتمبر الماضي.
ونظريًا، استهدفت غارات موسكو مواقع داعش، ولكنها في الواقع ركزت على الجماعات المعارضة المسلحة، بما فيها تلك المدعومة من الاستخبارات الأمريكية سي آي إي والبنتاغون.
وأثار تطور حلب ارتياحًا في كل القطاعات الإيديولوجية للمعارضة، مجددًا الأمل في إمكان إضعاف نظام الأسد، على رغم استمرار الدعم من إيران وروسيا والميليشيات الطائفية، وإن يكن ليس متوقعًا إلحاق هزيمة كاملة به.
400 قتيل
وينقل الصحافيان عن موقع الدرر الشامية المقرب من المعارضة أن أكثر من 400 مقاتل من الجيش السوري وحزب الله في تسعة أيام من القتال، وهو رقم قد يكون مبالغًا فيه، ولكن ليس كثيرًا، نظرًا إلى تقديرات معارضة أخرى.
ووفقًا لناطق باسم جيش الفتح، الذي يضم فصائل قادت الهجوم، تبلغ مساحة الأراضي التي أمكنت السيطرة عليها نحو 40 كيلومترًا مربعًا، أي أكبر من مساحة مدينة إدلب. أما الجائزة الرئيسية فكانت الكلية الحربية التابعة للنظام والتي عجزت قوات المعارضة عن السيطرة عليها طوال أربع سنوات من المعارك.
الأكاديمية الحربية
واعتبرت الأكاديمية رمزيًا حصنًا منيعًا للقمع في الأيام الأولى للانتفاضة، عندما كانت طائرات هليكوبتر تنطلق منها لقصف ضواحي صلاح الدين والحمدانية اللتين صارتا أشبة بستاليتغراد مصغرة.
وسقطت الأكاديمية، المعقل الأخير للنظام في جنوب حلب، في يد المعارضة الأحد.
وأفادت مصادر معارضة أن المقاتلين قتلوا قائدًا في حزب الله وسيطروا على مجموعة كبيرة من الأسلحة والذخائر، بما فيها دبابات، واعتقلوا جنودًا سوريين، بينهم جنرال على ما يبدو.
في غضون ذلك، قصفت مقاتلات روسية معاقل المعارضة في شرق حلب، إضافة إلى مناطق جديدة سيطرت عليها، ما أدى إلى مقتل ستة أشخاص. إلا أن هذه الغارات لم تنجح على ما يبدو في طرد المعارضين في مواقعهم الجديدة.
دور بارز للمتشددين
ومع ذلك، يلفت ويس وغوتمان أن وقع الانتصار خففته التحذيرات من أن قوات متشددة استخدمت انتحاريين اضطلعت بدور بارز في فتح الطريق بين الميليشيات التي سيطرت على الأكاديمية العسكرية وتلك التي تقدمت من الجنوب على طول طريق الراموسة.
وفي الواقع، يقول الصحافيان إن المعركة التي أطلق عليها اسم "ملحمة حلب الكبرى" وشارك فيها نحو 12 فصيلًا مختلفًا، كانت بقيادة جهاديين وسلفيين متشددين، وتحديدًا جبهة فتح الشام وأحرار الشام، اللذين يسميان معًا جيش الفتح.
وقال الناطق العسكري باسم أحرار الشام أبو يوسف المهاجر، إن دور التفجيرات الانتحارية كان "فتح الطريق لميليشيات النظام للفرار لأن تلك العمليات تثير الرعب الأكبر. تفجير آلية محملة ستة أطنان من المتفجرات له تأثير كبير في انهيار الفريق الآخر".
دور تركي
وادعى المهاجر بأن تركيا لم تشارك في كسر الحصار، مع أن محللين سوريين كثرًا قالوا عكس ذلك، وتأكيد شهود عيان على الحدود السورية-التركية أن شاحنات محملة بالقوة النارية تدفقت على الحدود طوال أسابيع.
ويقول الصحافيان إنه وفقًا لتطور النقاشات بين واشنطن وموسكو في شأن تنسيق غاراتهما وتبادل المعلومات الاستخباراتية ضد أهداف للجهاديين، يمكن أن تبدأ مقاتلات "أف 18" و"سوخوي" التحليق في مهمات متوازية لقصف هؤلاء المقاتلين الذين بات سوريون كثر يعتبرونهم منقذين لهم من الجوع والموت.