هل ستحسم الضربات الأمريكية الحملة العسكرية ضد داعش في ليبيا؟ سؤال تبادر إلى أذهان معظم المراقبين والمتابعين لما يجري على الساحة الليبية، وهناك من رأى أن أمريكا تنفذ حملتها دون أن تفكر باليوم التالي لما بعد داعش.
وكتب دومينيك تييرني، محرر في مجلة ذا أتلانتيك الأمريكية، وأستاذ مساعد للعلوم السياسية في كلية سوارثمور في بينسيلفانيا، أنه في الأول من أغسطس أعلنت إدارة أوباما عن تنفيذها سلسلة من الضربات الجوية ضد مواقع لداعش في مدينة سرت الليبية، بالتنسيق مع هجوم تشنه حكومة الوفاق الوطني الليبية في طرابلس، والمدعومة دوليًا.
تصعيد كبير
وبرأي الكاتب، تعد المهمة الجديدة بمثابة تصعيد كبير، لأنه فيما نفذت الولايات المتحدة في العام الماضي ضربات جوية ضد قادة التنظيم، ومراكز تدريبه في ليبيا، فقد اختارت اليوم الوقوف إلى أحد جانبي الحرب الأهلية هناك. وستضع هذه المحاولة لاستئصال داعش من سرت، حكومة الوفاق الوطني، المدعومة دوليا"، أمام اختبار حاسم.
نقطة انطلاق
وتعتبر التهديدات التي يواجهها داعش كبيرة، لأنه في حال ضمن التنظيم موطئ قدم له في الأراضي الليبية، فإن المتشددين سوف يستخدمون ذلك البلد كنقطة انطلاق نحو تنفيذ مزيد من الهجمات في أوروبا، وذلك للتعويض عن خسائره الميدانية في سوريا والعراق. يضاف إليه أن الاستقرار الأشمل في ليبيا يمثل نقطة ضاغطة، وذلك لأن مئات الآلاف من اللاجئين خرجوا عبر البحر من ليبيا نحو أوروبا، وغرق منهم آلاف أثناء الرحلة الخطرة.
صدى
ويلفت تييرني إلى أن لليبيا وقعًا خاصًا على أوباما. فبعد أن شارك الناتو كذراع جوي للثوار في ليبيا في عام 2011، وفي إطار حملة دولية لخلع معمر القذافي، تجاهل التحالف وواشنطن، لاحقًا، هذا البلد الذي انحدر، نتيجة لذلك، نحو الفوضى والصراع على السلطة، بين ميليشيات متناحرة.
لا خطة لليوم التالي
واليوم يعترف أوباما بأن الخطيئة الأولية في لييبا، كانت الاعتماد على فكر قصير المدى. وفي إبريل قال أن إدارته ارتكبت أكبر أخطائها عندما فشلت في وضع خطة لليوم "التالي"، بعد غزو ليبيا. وفي مؤتمر صحفي عقده في الأسبوع الماضي، كرر أوباما قوله: "كنا جميعًا غير واعين بما فيه الكفاية لما سيجري في اليوم التالي لخلع القذافي، ولما بعده، وأننا لم نضمن وجود هيكليات قوية لضمان الأمن والسلام داخل ليبيا".
حروب مرتجلة
ولكن، برأي تييرني، نفس الخطأ يتكرر اليوم في العملية الجارية في ليبيا، وحيث إثم "قصر التفكير" ما زال واضحًا بشدة. ففي الواقع، شجعت عقيدة أوباما على تبني وجهة نظر الحروب المرتجلة، وهي التي تقوم على إطفاء النيران دون اتباع استراتيجية متناسقة طويلة الأمد. ونتيجة لذلك، ليس هناك ما يضمن أن المهمة الجديدة في ليبيا، ستفضي لنتائج مستدامة، وليست كالحملة السابقة لعام 2011.
حماية المصالح
ويقول الكاتب إن عقيدة أوباما تستند، في صميمها، إلى استخدام القوة لأجل حماية المصالح والقيم الأمريكية، ومنها، على سبيل المثال، احتواء وإضعاف داعش، دون القضاء على الهدف الأسمى للرئيس الأمريكي، بالنأي عن حروب الشرق الأوسط، أو المخاطرة بتكرار الحرب العراقية. وتظهر الحملة الجوية الجارية حاليًا في ليبيا جميع ملامح أسلوب أوباما في الحروب، استخدام حذر ومحكم للقوة، واعتماد على القوة الجوية بدلًا من القوات البرية، والتنسيق مع حلفاء محليين، وفي هذه الحالة، مع حكومة الوفاق الوطني التي طلبت توجيه ضربات ضد داعش.
فرق كبير
في رأي تييرني، إن طرد داعش من ليبيا يتطلب تطبيق خطة سياسية أوسع وأشمل. وهناك أيضًا فرق كبير بين عقلية أوباما القائمة على الحلول القصيرة الأمد، وبين إدارة حروب طويلة، مما يهدد بالقضاء على فرص تحقيق نجاح مستدام. وبالفعل أعلن المتحدث باسم البنتاغون في 2 أغسطس أن العملية ستدوم لمدة محددة، 30 يومًا فقط. وخلص الكاتب إلى إنها فترة قصيرة لا تنهي داعش، ولا تحقق الاستقرار المنشود في ليبيا.