قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية، إنَّ غُسل الميت المُسلم فرضٌ من فروض الكفاية، التي إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين؛ لحصول المقصود بالبعض، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة؛ لما روي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، أَنَّ رَجُلًا كَانَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَوَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ (رمت به فدقّت عنقه) وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ» [متفق عليه].
وقال مركز الأزهر للفتوى في فتواه مساء الاثنين: «والواجب في غُسل الميت باتفاق الفقهاء إسالة الماء عليه، وإيصاله إلى جميع أجزاء بدنه ولو مرة واحدة فقط؛ إذا تم الأمر بها».
وأضاف: «وهو الواجب في حقِّ المُتوفَّي بفيروس كورونا مع أخذ القائم على الغسل والتكفين كافة الاحتياطات الوقائية؛ لمنع انتقال العدوى إليه بارتداء واقيات شخصيّة طبيّة، وهي كما قررتها وزارة الصحة: (ماسك تنفسي عالي الكفاءة- قفاز لاتكس نظيف يغطي العباءة عند الرسغ- العباءة السميكة التي تغطي الذراعين والصدر وتمتد إلى أسفل الركبة- النظارة الواقية أوواقي الوجه- غطاء الرأس- الحذاء البلاستيكي طويل الرقية)».
وأشار إلى منع دخول أفراد لا دور لهم في الغُسل، وفي حال تواجد أشخاص مع المُغسّل يجب ابتعادهم عن الجُثَّة لمسافة أكثر من واحد متر على الأقل، مع وجوب ارتدائهم الواقيات المُناسبة (ماسك تنفسي جراحي- قفاز لاتكس نظيف- أبرون- النظارة الواقية أو واقي الوجه- غطاء الرأس- الحذاء البلاستيكي طويل الرقبة).
وأوضح مركز الأزهر في فتواه أنه: «إذا تعذّر غُسْل المتوفَّي بكورونا بتعهد جسده بالدَّلك؛ خوفًا من انتقال العدوى إلى المُغَسِّل الصَّحيح، فيكفي عندئذٍ في غُسل المُتوفَّي بكورونا مجرد إسالة الماء عليه ولو من بعيد، ولا يشترط في هذه الحال مُباشرة الميّت وتعهده بالدَّلك؛ حفاظًا على حياة المُغسِّل، ومنعًا من انتقال العدوى إليه».
وذكرت الفتوى أنه: «في حال عدم التَّمكُّن من تغسيل ميت كورونا بالماء لأي ظرف من الظروف كانعدام وجود الواقيات الشخصية اللازم ارتداؤها حال التغسيل، أوعدم توفر من يستطيع التعامل معه وتغسيله ممن خضعوا للتدريب على هذه الأعمال، وتعذَّر مَسُّه لأجل التيمُّمِ ولو بخرقة تُوصِل الغبار مباشرة على وجهه ويديه؛ رُفع الحرج وانتُقِل إلى التَّعقيم باعتباره بدلًا عن الماء كالتيمم بالتّراب؛ حيث بالتعقيم يتم تطهير الميت وتتم السّيطرة على العدوى التي يُمكن انتقالها إلى غيره، ويمكن الاستئناس في هذه الحالة بما ذهب إليه بعض المالكية من القول بسُنيّة الغُسل لا فرضيّته على الكفاية، وما ذهب إليه بعض الحنابلة أنّ مَن تعذَّر غُسله -حسيًّا أو معنويًّا- لا يُيمَّم، ويُصلَّى عليه من غير غُسل ولا تيمُّم؛ بناءً على أنَّ المقصود من الغُسل هو التَّنظيف وهو غير مُتحقِّق بالتَّيمم.
وأضافت الفتوى: «ولكننا نؤكِّد على أنه لا يجوز أن يُنتَقل مِن الأَصْل إلى صُورة أخفّ -مما ذُكر- إلَّا بضرورة مانعةٍ مِن فِعْل الأَصل، كلُّ حالةٍ بحسبها».
وأكدت أن كلُّ ما سبق يتَّفق ومقاصد الشَّريعة العُليا، وتدلُّ عليه الأدلَّة الشَّرعيَّة المُعتبرة؛ إذ الحفاظ على الحَيِّ أَولَى من المَيِّت، والضَّرورات تبيح المحظورات، والضَّرورة تُقدَّر بقدرها.
واختتمت الفتوى: «نسألُ اللهَ سُبحانه أنْ يرفع عنَّا الوباء والبلاء بجاه قوله سبحانه: {رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ}، وأن يتقبل مَن مات به في الشُّهداء، وأنْ يَمُنَّ على كلِّ مُصابٍ بالشِّفاء، وأنْ يحفظنا وبلادنا من كلِّ ضُرٍّ وشرٍّ؛ إنَّه سُبحانه رحيمٌ بَرٌّ».