قدّم البنك الدولي تصورا قاتما لمستقبل الاقتصاد العالمي خلال العام المالي الحالي، متوقعاً أن يشهد خلال 2020 انكماشاً هو الأعنف بأكبر وتيرة سنوية منذ الحرب العالمية الثانية، وذلك بسبب الصدمة الهائلة لوباء كورونا وإجراءات الإغلاق المتعلقة به.
ووفق تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، فمن المرجح أن ينكمش الاقتصاد العالمي بنحو 5.2 في المئة في 2020، مقارنة مع التقديرات السابقة الصادرة في أبريل (نيسان) الماضي بتراجع نسبته 3 في المئة. كما أنه من المتوقع أن يتراجع الناتج المحلي الإجمالي للاقتصادات المتقدمة 7 في المئة خلال عام 2020. وهذا الانكماش يزيد ثلاثة أضعاف عما كان عليه عام 2009،
ورجّح تقرير البنك الدولي أن تنكمش الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية 2.5 في المئة هذا العام، وهو أول انكماش لها كمجموعة في 60 عاماً في الأقل.
وأوضح البنك الدولي أن دخل الفرد قد يتراجع 3.6 في المئة، الأمر الذي سيدفع الملايين من الناس إلى الفقر المدقع هذا العام، كما أن ضربة الوباء ستؤثر بشدة في الدول التي كان كورونا فيها أشد، لاعتمادها على التجارة العالمية والسياحة وصادرات السلع والتمويل الخارجي.
تراجع الحيز المالي لدول المنطقة
ومن المتوقع أن يكون الأداء الاقتصادي للدول المستوردة للنفط في المنطقة أفضل من أداء الدول المصدرة للنفط هذا العام والعام المقبل، ولكن تظل اقتصاداتها معتمدة على النشاط السياحي، مما يجعلها عرضة لخطر الانخفاض المتوقع في أعداد الوافدين من المناطق التي تعد مصدراً رئيساً للسائحين، بما في ذلك أوروبا. ويتوقع التقرير أن تتراجع معدلات الاستثمار والصادرات "وسط انحسار الثقة العالمية والمحلية"، فضلاً عن حالة عدم اليقين الكبيرة على مستوى السياسات.
ويرى التقرير أيضاً أن حالة عدم اليقين وتقلّب أسعار النفط يهددان بحدوث تراجعات في المنطقة ككل، ففي حين أن هبوط أسعار النفط أتاح للدول المستوردة للنفط في البداية بالقليل من تخفيف الضغوط على الحساب الجاري، تواصل التقلبات المرتفعة التأثير سلباً على الاستثمارات ومستويات الثقة.
كما أن تراجع الأسعار المتواصل "سيؤدي أيضاً إلى تآكل الحيز المالي الضعيف بالفعل لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما سيحدّ من نشاط الاستثمار في المنطقة بشكل كبير، لا سيما أن أسعار النفط والاستثمارات العامة غالباً ما يتحركان بالتوازي معاً في المنطقة.
وعلى المدى المتوسط، شدّد البنك الدولي على ضرورة مواصلة الإصلاحات الهيكلية لزيادة الاستثمارات في دول المنطقة بشكل عام. ووفقاً لما جاء في التقرير، فإن تطوير القطاع الخاص في مصر يعد أحد برامج الإصلاح في المنطقة التي تشهد نمواً مشجعاً، كما أن إصلاحات القطاع المالي في جميع أنحاء المنطقة ستساعد في تحسين مناخ الاستثمار. واستدرك التقرير "إلا أن النجاح يتوقف على الالتزام المستمر بالإصلاحات، بما في ذلك من خلال الحكومات المشكلة حديثاً".