"رُب ضارة نافعة"، استوجبت أزمة كورونا استحداث طرق التعليم عن بعد، فلم تعد جانب مكملاً بل أصبحت أمرًا أساسيًا، لذا قررت الحكومة تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات بحيث تسمح بالتعلم وإجراء الامتحانات عن بعد، وفي هذا الصدد، توضح "أهل مصر" آراء خبراء التعليم حول كيفية التعامل في مختلف الكليات.
قال الدكتور هشام عطية عميد كلية الإعلام وتكنولوجيا الاتصال جامعة مصر، إن قرار تعديل اللوائح التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات حول التعلم وإجراء الامتحانات عن بعد بمثابة مفاجأة، حيث إن هذا التعديل يستجيب ويتعامل مع مستحدثين، أولهما ما يخص تيسير إجراء الامتحانات والتغلب على معوقات تخص أزمة كورونا، ثم إنه يدفع في اتجاه تدعيم تطوير البنى التكنولوجية بالجامعات المصرية.
وأضاف "عطية" في تصريح خاص لـ "أهل مصر"، أن تداعيات فيروس كورونا فى العالم أظهرت أن البنية التكنولوجية لم تعد اختيارًا مكملًا، بل جزءًا جوهريًا من العملية التعليمية وليست مجرد أدوات تيسير.
وتابع "فكرة التطوير وتحديث البنية التقنية ليست زرارًا ميكانيكيًا مرة واحدة بل هي عملية لها بدايات وتطور، ومن شأن ذلك أن يحفز كل المراحل، بمعنى أن من بدأ يستكمل ومن سار خطوات يضيف خطوات".
وفيما يخص الكليات العملية، أشار إلى أن القرار مراعيًا لفكرة الإتاحة ومنح مرونة للجميع بحيث من لديه القدرة والإمكانية يبدأ وهو يوجه الجميع لأهمية أن يكون ذلك ضرورة فى التطوير، أما بشأن بعض الكليات العملية فقد حدث تطور نوعي مهم في برامج المحاكاة والتدريب، لتقدم إمكانيات عالية وبحيث يندمج التدريب العملي مع برامجه في أداء خدمات متميزة، وبالتالي كورونا تستوجب أمور اتأخرت كثيرًا، معلقًا "رُب ضارة نافعة".
ومن جانبه، أعرب الدكتور هاني علي، أستاذ الترجمة بجامعة القاهرة، عن سعادته بقرار إدخال تعديلات تسمح بتفعيل التعليم عن بعد أو على الأقل التزاوج بين التعليم عن بعد والتعليم المواجهي أو ما يسمى بالمحاضرات المباشرة وجها لوجه، مثلما اجتاح وباء كورونا المستجد العالم جاءت دعوات التعلم عن بعد التي صاحبت انتشار الفيروس لتجتاح هي الأخرى جميع أنحاء العالم.
وقال "علي" في تصريحاته لـ"أهل مصر"، جاءت جائحة كورونا لتجبر البلدان العربية على انتقال مفاجئ نحو التعليم عن بعد.
وأضاف أن تقرير لـ"اليونسكو" أكد أن انتشار الفيروس أدى إلى انقطاع الشباب والأطفال عن الذهاب إلى المدرسة أوالجامعة، وقد أحصت اليونسكو 138 دولة اتخذت قراراً بإغلاق تام أو جزئي للمدارس والجامعات بالفعل.
وتابع "كان طبيعي جدًا أن يتحول التعليم عن بعد بكل ما يمتلكه من موارد بصرية وسمعية ورسوم توضيحية وصور متحركة إلى مطلب أساسي صاحبه تحول التعليم عن بعد من أسلوب "التلقين" إلى أسلوب "تفاعلي" مصحوب بمؤثرات بصرية وسمعية، وهو ما أدى إلى أن تصبح العملية التعليمية عملية أكثر جذبًا وساعدت الطلاب من وجهة نظري على استيعاب المحتوى بشكل أفضل".
وذكر أنه لم تكتمل بعد كافة متطلبات المنظومة اللازمة للتحول إلى التعليم عن بعد وقعت بعض الأخطاء وحدث بعض التقصير لكنه لم يؤثر أبدا على النجاح الأولى لتجربة الدراسة أون لاين، وخاصة في جامعة القاهرة التي أسهمت بشكل واضح تحت رئاسة الأستاذ الدكتور محمد عثمان الخشت في التطوير المتسارع وفي وقت قصير جدًا، مما انعكس على أداء جميع كليات الجامعة وظهرت نتائجه في كافة استطلاعات الرأي التي أجريت بين الأساتذة والطلاب.
وأشار إلى أن استخدام الأساتذة بالفعل إمكانيات تكنولوجية قائمة مثل المنصات الرقمية، لكن العمل في هذه المنصات يعتريه الكثير من المشاكل وأهمها أن شرط التفاعلية في التعليم غائب تقريباً كما توجد العديد من المشاكل التقنية في مشاهدة هذه المحاضرات خاصة مع ضعف سرعة الإنترنت في بعض المناطق، وأحياناً حتى ثغرات في الأدوات الرقمية المستخدمة كما جرى مع تطبيق زووم الذي تعرض لانتقادات كبيرة لمزاعم تخص عدم احترام الخصوصية.
وأفاد أنه من التحديات المهمة أيضًا عدم إعداد الأساتذة للتعليم عن بعد، حيث يجيد الأساتذة التعامل داخل المحاضرات التقليدية بينما جاءت أغلب المبادرات الرقمية، وأقصد بها التعلم من خلال المنصات الرقمية التي كانت تتم بين الأساتذة والطلاب بشكل تطوعي، وحاولت الجامعات تلافي ذلك بتسجيل محاضرات متلفزة لطلابها وتخصيص محاضرات تفاعلية مع الطلاب كما فعلت جامعة القاهرة.
وأوضح هناك تحدي آخر يخص الثقافة الرقمية للطلاب فغالبا ما تركز المناهج التقليدية على برامج بسيطة مثل أوفيس مقارنة مع مناهج دول متقدمة تتيح للطلاب دروساً متقدمة في المجال الرقميي، معلقًا "التجربة باعتبارها في بداياتها أدت إلى نتائج باهرة وأعتقد أن التعديل على لائحة قانون الجامعات بإتاحة التعليم عن بعد ستؤدي لمزيد من التطوير في هذا الاتجاه".
والجدير بالذكر أصدر الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، قرارًا بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات بحيث تسمح بالتعلم وإجراء الامتحانات عن بعد.
وبحسب القرار، تضاف للمادة ٧٩ من اللائحة فقرة تنص على أنه "يجوز أن تتضمن تلك اللوائح تدريس المناهج الدراسية إلكترونيًا بنظام التعليم عن بعد وفقا لطبيعة الدراسة في الكليات والمعاهد المختلفة".
ونصت الفقرة المضافة إلى جواز عقد الامتحانات إلكترونيًا متى توافرت للكلية أو المعهد البنية التحتية والإمكانيات التكنولوجية التي تمكنها من ذلك.