انتشر في الفترة الأخيرة، الحديث عن فعالية عدد من الأدوية التي تعطي نتائج جيدة في علاج مرضى فيروس كورونا المستجد كوفيد 19، ولكن تضاربت الأقوال والأبحاث الأولية حول الكثير منها، لذا نرصد أهم هذه العقاقير والأدوية وحقيقة وجود صراع بين شركات الأدوية العالمية لتحقيق مكاسب مالية كبرى خلال هذه الفترة.
أهم العقاقير الداخلة في علاج مرضى كوفيد 19
هيدروكسيكلوروكين
تنتجه شركة سانوفي الفرنسية، بدأ العاملون بقطاع الرعاية الصحية في بريطانيا يوم الخميس 21 مايو الماضي، المشاركة في تجارب دولية تقودها جامعة أكسفورد لاستخدام دواءين مخصصين لعلاج الملاريا، أحدهما دواء يتعاطاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لمعرفة ما إذا كانا يصلحان لمنع الإصابة بمرض كوفيد-19 وهم كلوروكين وهيدروكسيكلوروكين حيث اشتد الطلب على هيدروكسيكلوروكين بعدما أشاد ترامب به في أوائل أبريل، وفي وقت سابق قال ترامب إنه يتعاطاه للوقاية من الفيروس رغم تحذيرات طبية بشأن استخدامه، فيما قال الفريق المشرف على الدراسة، إن أدلة معملية تظهر أن أدوية علاج الملاريا قد تكون فعالة في منع الإصابة بكوفيد-19 أو علاجه لكن لا يوجد دليل قاطع.
وكان السلطات الأمريكية المعنية وافقت على استخدام هيدروكسيكلوروكين بصفة استثنائية لعلاج المصابين بكورونا لكن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية حذرت من استخدامه لمرضى كوفيد-19 خارج المستشفيات والتجارب السريرية بسبب مخاطر اضطراب ضربات القلب، فيما حذرت فرنسا من العقار وألغت استخدامه في علاج مرضى كوفيد 19 موضحة أن البيانات العلمية المتاحة في الوقت الحاضر لا تقدم أدلة كافية لدعم استخدام الدواء، وذلك في أعقاب تحذير منظمة الصحة العالمية من استخدام العقار، ولكن أكدت وزيرة الصحة والسكان المصرية الدكتورة هالة زايد، أن تحديث بروتوكول العلاج لمصابي فيروس كورونا المستجد يتضمن سحب عقار "التاميفلو" من بروتوكولات العلاج، لعدم ثبوت فعاليته في علاج المرضى، طبقاً لما أقرته اللجنة العلمية في هذا الشأن، مع الإبقاء على عقار الهيدروكسي كلوروكين، ضمن بروتوكولات العلاج.
أفيجان
عقار للأنفلونزا يتم إنتاجه من قبل شركة فوجي فيلم هولدينجز اليابانية، وجدت دراسة في شهر مارس أُجريت على 80 مريضًا أنه ساعد على إزالة الفيروس وارتبط بتحسن أعراض الصدر لديهم. في 31 مايو، اعتمدت وزارة الصحة الروسية نسخة منه باسم "أفيفافير" ويتم شحنه منذ ذلك الحين إلى المستشفيات في جميع أنحاء البلاد، والشهر الماضي، أعلن خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، حصول مصر منذ مارس الماضي على عدد من العينات لذلك العقار.
كما وقعت السفارة المصرية في طوكيو منذ أيام على مذكرة دبلوماسية تتضمن قيام الحكومة اليابانية بتوفير جرعات مجانية من عقار افيجان "Avigan" لعلاج مرضى فيروس كورونا المستجد لمصر.
عقار ريمديسفير
تنتجه شركة جلياد الأمريكية، حيث حقق نتائج جيدة حتى الآن في كل مراحل التجارب، وجاري حاليا التجارب السريرية على عدد كبير، بعد إثبات فاعليته في أعداد قليلة من البشر، وفي 1 مايو، سمحت إدارة الغاء والدواء الأمريكية باستخدامه في حالات الطوارئ وذلك بعد أن أظهر نتائج واعدة لكن في 1 يونيو، أظهر فائدة محدودة على عدد من المرضى كانوا يعانون من أعراض متوسطة.
وكما أعلنت مصر أنها تقدمت لحجز كمية من ذلك العقار في التجارب السريرية الخاصة به، وستسدد منظمة الصحة العالمية قيمة تلك الكمية الأولى، كما قالت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة، وتخطط "جيلياد" لطرح 1.5 مليون جرعة من العقار تكفي لعلاج 200 ألف مريض.
ديكساميثازون
يستخدم الستيرويد منخفض التكلفة بالفعل على نطاق واسع لعلاج مجموعة من الأمراض، بما في ذلك الروماتيزم والربو والحساسية منذ ستينيات القرن الماضي، حيث أجرت جامعة أوكسفورد دراسة أوضحت أنه تم إعطاء دواء "ديكساميثازون" لمرضى مصابين بفيروس كوفيد 19 واحتاجوا إلى جهاز التنفس الصناعي حيث ساهم في خفض معدلات الوفيات بمقدار الثلث، وبنسبة الخُمس بين أولئك الذين يتنفسون بقوارير الأوكسجين فقط، غير أن الأطباء يرون أنه من المبكر إصدار حكم دقيق على هذه النتائج؛ لأن البيانات الكاملة للدراسة لا تتوفر بعد، في حين رحبت منظمة الصحة العالمية أول أمس بنتائج الدراسة ووصفتها بأنها "نجاح كبير"، مشيرة إلى أنه أول دواء يظهر أنه يقلل معدل وفيات كورونا من الذين هم بحاجة إلى دعم الأكسجين أو التنفس الاصطناعي.
نقيب صيادلة القاهرة: يجب أن يكون هناك ضوابط في صرف الأدوية
وعن رأي الصيدلي باعتباره الخبير الأول في الدواء، قال الدكتور محمد الشيخ نقيب صيادلة القاهرة، أن شركات الأدوية تقوم بعمل محاولات لتجريب أدوية معينة ورصد نتائجها، وبالتالي لا يوجد علاج نهائي حتى الآن لفيروس كورونا المستجد كوفيد 19، ولكن نمر بمرحلة رصد أولية لنتائج تجريب الأدوية على المرضى لمعرفة مدى فعاليتها، معلقًا أن هذا الوضع طبيعي حتى يصل أي دواء فعال للدول الأخرى ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في سلوك الأفراد العاديين، فعندما يتم الحديث عن عقار معين يسرع الكثيرون لتخزينه فمثلا عقار الديكساميزون هو كورتيزون يجب الحصول عليه تحت رعاية طبية خاصة لخطورته، ونفاجئ بسحبه وتخزينه لخلق أزمة.
وقال الشيخ في حديثه لـ "أهل مصر"، أن هيئة الدواء المصرية حذرت أول أمس من الكورتيزون وأنه يستخدم في حالة معينة لمرضى كوفيد 19، مشيرًا إلى أن منظمة الصحة العالمية تسببت في حدوث تكالب من المواطنين عليه بحديثها أنه يعطي نتائج جيدة، فهو يمكن أن يكون بهدف التربح، ويكون في صالح الشركات والمؤسسات الكبرى لاستخدام هذه الأدوية.
وأضاف نقيب صيادلة القاهرة، أنه يجب أن يكون ضوابط في صرف الأدوية حتى لا ينتج عن ذلك تحقيق أرباح ومكاسب كبرى حول أدوية غير مفيدة وغير فعالة بالعكس هناك تضارب حولها وخطورة من استخدامها، لافتًا إلى أن هناك جزء تربح من جانب الشركات وهناك جزء أخر يتعلق بتخزين الأدوية وهو ما يخلق أزمة وبعض الشركات تحدثت عن ذلك وتوجيه أن البرتوكولات المعلن عنها عبر تواصل الاجتماعي لهم يد كبير في ترويج عدد من الأدوية.
وأشار نقيب صيادلة القاهرة، أن كل دولة تقوم بتجريب منتجات شركاتها من الأدوية، على مرضى كوفيد 19 لمعرفة مدى فعاليته في علاج المرض، ومنها مصر فهي تجرب حاليا على البلازما وعدد من الأدوية، وهناك كل دولة تقوم بتجريب دواء معين مهم لديها وترصد نتائجه وبعد ذلك يتم ارسال هذه النتائج إلى منظمة الصحة العالمية التي تعلن عن العقاقير ومدى فعاليتها ونتائجها ويبدأ الدول الأخرى حذو مسارهم واستخدامها.
أستاذ الفيروسات بالقومي للبحوث: نعمل على دراسة تأثير عدد كبير من الأدوية على فيروس كورونا
ومن جانبه، أوضح الأستاذ الدكتور محمد أحمد علي أستاذ الفيروسات بمركز التميز العلمي التابع للمركز القومي للبحوث، وأحد العلماء المصريين القائمين على عمل أبحاث حول لقاح يعالج مرضى كوفيد 19، أن طبيعة عملهم فيما يخص الأدوية تستهدف معرفة مدى تأثير الدواء أوالعقار على فيروس كورونا المستجد كوفيد 19 أم لا يوجد أي تأثير، فلا يمكن الحديث عن الأدوية في حد ذاتها لأنها تتعلق بصحة المرضى وكل حالة صحية تستوجب علاج معين وهو خارج اختصاصه.
وقال الدكتور محمد أحمد علي، في حديثه لـ "أهل مصر"، أنهم يعملون منذ فترة طويلة بحثيًا على كل العقاقير الطبية الفعالة في مصر ويتم تقسيمها حسب ميكانيكية التفاعل لأن اختيارها يكون على أسس علمية محددة، ولا علاقة له بإعلان أي شركة أدوية أو دولة معينة عن فعالية عقار معين لديها، "مش كل دولة تقول حاجة نمشى وراها".
وأضاف أستاذ الفيروسات بمركز التميز العلمي التابع للمركز القومي للبحوث، أنه دواء أفيجان على سبيل المثال تم طلب عمل أبحاث عملية حول تأثيره على فيروس كورونا ومدى فعاليته وبالفعل تم اجراء ذلك وتسليمه لوزارة الصحة والسكان، لافتًا إلى أن ذلك يعتبر جزء واحد فقط من العمل الذي يؤدونه، مؤكدًا أن الفريق البحثي لديه يعمل على أشياء عديدة في نفس الوقت.
رئيس شعبة الأدوية: صراع شركات الدواء العالمية خلال أزمة كورونا وارد.. ولكن ليس على حساب صحة المواطن
قال الدكتور علي عوف رئيس شعبة الأدوية بالغرف التجارية، إن في مصر لجنة علمية تابعة لوزارة الصحة وهي المسئولة عن أنها تقر البروتوكول العلاجي لفيروس كورونا بناء على تعليمات منظمة الصحة العالمية، بالإضافة إلى رؤية دول العالم التي يتم طرحها ويتم أخذ ما يفيدنا من الناحية العلمية والطبيعة لدينا والنواحي الاقتصادية، ونلتزم به في علاج المرضى، وعندما تخرج دولة كبرى بنتائج دراسة لها حول فعالية دواء معين نحصل عليه لتجريبه لأن في البشر هناك اختلاف جينات فمثلا عقار هيدروكسي كلوروكين يمكن أن يكون جيدًا مع البعض وغير فعال للأخرين لديهم السكر أو الضغط أو أمراض مزمنة أخرى أو يحصل على أدوية أخرى يمكن أن تتفاعل معًا.
وأضاف عوف في حديثه لـ "أهل مصر"، أن كل دول حسب ظروفها، وفي مصر لدينا برتوكول علاجي نلتزم به، فمنذ 3 أيام تم نشر دراسة بريطانية نشرتها مجلة علمية أن استخدام الكورتيزون يعالج الحالات الحرجة لمرضى كورونا وأعطى نتائج جيدة، وفي مصر نحن بالفعل نجرب هذا العقار منذ شهر مايو الماضي، فلم ننتظر أن بريطانيا تعلن ذلك، مؤكدًا أن كل دولة على حسب ظروفها، لافتًا أن منظمة الصحة العالمية هي المسئولة عن اقرار دواء معين لعلاج مرضى كورونا.
وأشار عوف إلى أن هيدروكسي كلوروكين منذ البداية ومصر تستخدمه ضمن بروتوكول العلاج ويعطي نتائج جيدة، وعندما خرجت منظمة الصحة العالمية، من خلال دراسة أوضحت أنه غير مفيد وقبل بدء استكمال البحث قالت أنه غير فعال، وبعد أسبوع وجدت أن الدراسة بها أخطاء وتم رفضها وتم الرجوع لهيدروكسي كلوروكين وكل هذا ومصر مستمرة عليه، لافتًا إلى أنه تم سحب التاميفلو لأن الشركة نفسها خرجت وأعلنت أن العقار ليس له تأثير على كورونا.
وعن إمكانية أن نكون خلال هذه الفترة أمام صراع شركات أدوية عالمية، أوضح رئيس شعبة الأدوية، أنه شيء وارد لأن شركة الأدوية التي ستكون قادرة على الوصول إلى شيء سيفرق الموضوع كثيرًا بالنسبة له بمكاسب كبيرة، فلا يمكن أن يكون ذلك على حساب صحة المواطنين لأن هناك علماء يجرون أبحاث وتجارب، ونحن أمام مشهد فمن يريد أن يخفي فكرة تصنيع دواء يمكنه ذلك، ولكن كل دولة من حقها أن تفعل ما تريده حتى تواجه المرض، فعندما يكون هناك دواء جديد لعلاج كورونا بشكل مؤكد لا يوجد براءة اختراع ولكن ففي اليوم الثاني يمكن لمصر أن تصنعه وينزل شركاتها.
جيهان العسال: بروتوكول علاج مرضى كورونا يعتمد على أبحاث فعالية الأدوية في خارج مصر وداخلها
فيما أوضحت الدكتورة جيهان العسال، نائب رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورونا، وأستاذة الأمراض الصدرية بجامعة عين شمس، أن برتوكول علاج مصابي فيروس كورونا كوفيد 19 تم تعديله في أواخر شهر مايو الماضي وتم نشر الأدوية ويتم تعديلها حسب الحالة الصحية للمرضى فهناك مرضى يكون لديهم موانع صحية من استخدام عدد من الأدوية وبالتالي كل مريض له علاج محدد.
وقال الدكتورة جيهان العسال في حديثها لـ "أهل مصر"، إن قبل دخول أي دواء أو عقار في برتوكول علاج مرضى كوفيد 19، يتم دراسة الأبحاث التي أجريت عليه سواء خارج مصر في كل دول العالم وداخلها ومدى فعاليته وخواصه وهل تعمل على المرض بالفعل أم لا، ويتم دراسة الحالة والأدوية المناسبة يتم تجريبها بالفعل.
وكانت الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان، استعرضت أمس الأربعاء، الوضع الوبائي لمصر، حيث بلغ عدد الإصابات 1363 إصابة، 84 وفاة، ليصل بذلك إجمالي الإصابات إلى 49219، و1850 وفاة.
كما أشارت إلى خروج 411 من المتعافيين من الفيروس من مستشفيات العزل والحجر الصحي، بعد تلقيهم الرعاية الطبية وتمام شفائهم ليرتفع إجمالي المتعافين من الفيروس إلى 13141 ، بينما بلغ عدد الحالات التي تحولت نتائج تحاليلها معمليًا من إيجابية إلى سلبية لفيروس كورونا (كوفيد- ١٩) 14566 حالة، من ضمنهم الـ 13141متعافيًا.