أردوغان بين المطرقة الروسية وسندان توجهاته الإسلامية

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
كتب :

انتهت الأزمة التي نشأت عن إسقاط مقاتلات تركية مقاتلة روسية في نوفمبر الماضي، ويحاول الخبراء والديبلوماسيون الغربيون فك اللغز المتعلق بالطريقة التي ستستغل بها أنقره هذا التطور، وسط مخاوف من أن تسعى الحكومة التركية التي توترت العلاقات بينها وبين كل من الولايات المتحدة وأوروبا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، إلى شراكة سياسية وعسكرية مع موسكو.

ويقول الكاتب سميح إيديز في صحيفة حريت ديلي نيوز إن تشجيع هذا الانطباع يصب في مصلحة موسكو، نظرًا إلى أنها سترحب بانشقاق بين تركيا وشركائها في الناتو. وحتى أن بعض المعلقين الروس يستبقون الأمور ويشيرون إلى تركيا على أنها "حليف جديد في المهمة لإضعاف الغرب".

تدير ظهرها للغرب؟

ويؤكد أن "أردوغان سعيد أيضًا لإظهار أن تركيا لا تعتمد على الولايات المتحدة وأوروبا، وأن لديها خيارات أخرى، ولكن إلى أي مدى يبدو هذا الأمر واقعيًا؟ وهل يمكن لتركيا حقًا أن تدير ظهرها للغرب أو على الأقل للولايات المتحدة بعد العلاقة الاستراتيجية التي ربطت الجانبين منذ أكثر من قرن؟".

مصالح متضاربة

ويضيف أنه ليس سهلًا الإجابة إيجابًا عن هذا السؤال، لا بسبب التاريخ فحسب، ولكن أيضًا بسبب الثغرات الخطيرة بين المصالح الاستراتيجية الطويلة الأمد لموسكو وأنقرة. فبينما كان هناك الكثير من الكلام خلال زيارة أردوغان لروسيا عن إعادة إطلاق العلاقات الاقتصادية، وخصوصًا في قطاع الطاقة، "لا نعرف في المقابل، إذا أمكن الاتفاق مثلًا على الأزمة السورية التي تعتبر المسألة الدولية الأساسية هذه الأيام. فبعد الاعتذار التركي عن إسقاط الطائرة الروسية، أشارت تصريحات رفيعة المستوى من موسكو إلى أن هذه الخطوة مرحب بها، إلا أن العلاقات مع أنقرة تبقى في النهاية رهنًا بعوامل مثل موقف تركيا في سوريا".

لهجة أردوغان

وبكلام آخر، يقول إيديز إن روسيا تتوقع أن تراجع أنقرة موقفها من سوريا، لا العكس، لأن أنقرة في موقف أضعف. ويتوقع بوتين من أردوغان تلطيف لهجته حيال بشار الأسد، والأفضل التصالح معه. ولكن هذا الأمر بالغ الصعوبة للرئيس التركي بعدما اعتبر الأسد، الحليف الإقليمي الاستراتيجي لروسيا، عدوه اللدود.

وماذا عن طلب روسيا أن توقف أنقرة دعم القوات المناهضة للأسد والتي تعتبرها مجموعات إسلامية إرهابية؟ وهل يمكن تركيا أن تلبي هذا الطلب من دون أن تبدو كأنها تخون حلفاءها السوريين في الحرب ضد الأسد؟ وحتى إذا شاء أردوغان التحرك في الاتجاه الذي تريده موسكو، سيكون الأمر صعبًا بالنسبة إليه وخصوصًا أن الأمر يتعلق أيضًا بحلفائه الإسلاميين المنزعجين أصلًا من المصالحة مع إسرائيل.

مصالحة مع مصر؟

ويضيف إيديز: "إذا أرادت تركيا التصالح مع النظام السوري، فسيكون السؤال التالي هو: هل ستتصالح أيضًا مع مصر التي تبدو داعمًا قويًا لمحاولة الانقلاب الفاشلة؟ وبكلام آخر، هل سترغم اعتبارات الصورة الكبرى أردوغان على تطبيع العلاقات مع القيادة في القاهرة التي أطاحت حليفه الوثيق محمد مرسي وحكومة الإخوان المسلمين؟".

التوجهات الإسلامية

إلى ذلك، يتساءل إيديز أيضًا: "إذا أصر أردوغان على المضي بتوجهاته الإسلامية حيال المنطقة، ألن يؤثر ذلك في النهاية على تطوير علاقات استراتيجية مع موسكو التي يعتبرها مؤيدوها ثقلًا موازيًا للغرب الذي يكرهونه كثيرًا؟ ففي النهاية، تعارض روسيا الإسلاميين بقدر معارضتها للغرب.

ويختم إيديز أن المساحة لا تتيح المزيد من الأسئلة هنا، وهي أسئلة لا تقل أهمية ولكن تصعب الإجابة عنها. ومع ذلك تبدو الأسئلة المطروحة كافية لإبراز الحاجة إلى الواقعية عند مناقشة المفاهيم حول العلاقات الإستراتيجية مع روسيا ضد الغرب.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً