تراجع النشاط التجارى " الرئيسى " ببورسعيد تراجعا كبيرا خلال الفترة الماضية ضاربا الاوضاع الاقتصادية فى المدينة فى مقتل الامر الذى دفع العديد من التجار للمطالبة بضرورة استغلال الاثار السياحية و انشاء مشروعات ترفيهية لتنشيط السياحة الداخلية للمحافظة الا ان الاجهزة التنفيذية فشلت فى الاستغلال الامثل للكثير من الكنوز السياحية و على رأسها جزيرة تنيس
أهل مصر تكشف النقاب فى الحلقة الثانية على التوالى عن اهمية جزيرة تنيس التى تضرب بجزورها فى عبق التاريخ المصرى و التى كانت واحدة من اهم المدن الصناعية المصرية على مر العصور
موقع جزيرة تنيس قديما
مجمع المياه وأحواض التنقية والترشيح وقنوات المياه المتصلة به
اكد طارق ابراهيم مدير عام الاثار ببورسعيد و بحيرة المنزلة ان جزيرة تنيس كانت في العصر الإسلامي أكبر جزر البحيرة وأقربها لمخرجها الرئيسي " اشتومها " وربما تمثل في موقعها هذا بقايا احدي ضفاف فرع من فروع النيل القديمة , وذلك يتفق الى حد بعيد مع ما ذكره المقريزي من أن مدينة تنيس كانت تقع علي الفرع التانيسي قبل أن يصب في البحر بقليل علي شريط من اليابس كان يتصل بالشاطئ بحيث يقسم بحيرة المنزلة الي قسمين بحيرة تنيس وبحيرة دمياط . ويقول اليعقوبي " فأما المدن التي علي ساحل البحر المالح فأولها الفرما ثم تنيس وهي مدينة يحيط بها الــبحر الأعظم المالح وبحــيرة يأتي ماؤها مـن النيل "وأضاف المقديسي " أنها جزيرة صغيرة قد بنيت كلها مدنية وهي جزيرة ضيقة والبحر عليها كحلقة ملونة " وأعطي ياقوت وصفا لموقع الجزيرة فقال بأنها في وسط بحيرة مفردة عن البحر الأعظم ويحيط بها البحر من كل جهة وبينها وبين البحر الأعظم بر مستطيل أوله قرب الفرما والطينة وامتداد هذا البر غربا الي دمياط حيث يسار فيه نحو ثلاثة أيام الي قرب دمياط . ويمكننا القول بان مدينة تنيس كانت بصورتها هذه قبل الفتح العربي بعدة قرون كما لاحظ John Cassian عند وصوله بالقارب الي تنيس وذلك بعد عام 380 م بقليل فيقول " ولما أكملنا رحلتنا وصلنا الي مدينة مصرية تسمي تنيسوس سكانها كانوا محاطين بالبحر والمستنقعات المالحة .
و اضاف ابراهيم الى ان تميز موقع تنيس بالتوسط بين مواني مصر الشمالية الشرقية في العصر الإسلامي فالي الشرق منها ميناء الفرما ثم بديله الطينة وفي الناحية الغربية كانت مدينة دمياط كما وصفها اليعقوبي بأنها " مـرسي المراكـب الواردة من الـشام والمغرب" وتعتبر هذه أقدم صورة عن موقع تنيس علي اثر غرق إقليم البحيرة .
موقع وجغرافية التل الاثرى الحالى
و تابع مدير الاثار ببورسعيد انه بصورة عامة يشكل موضع التل الاثرى الان جزيرة مفردة في أقصي الشمال الشرقي من بحيرة المنزلة والي الجنوب الغربي من مدينة بورسعيد على بعد حوالي ثمانية كيلو مترات علي طريق الخط الملاحي قنال المنزلة الذي يربط بين محافظة بورسعيد ومدينة المطرية وسط بحيرة صغيرة قليلة العمق تعرف باسم البشتير ، وهو موقع كبير يضم مجموعة من التلال تقع داخل رسوم الأسوار القديمة ، وأجزاء قليلة منبسطة خلف رسوم الأسوار على سيف البحيرة قدرها المجلس الأعلى للآثار بحوالي 215 فدان ، و اشار بانه من خلال أعمال المسح الأخيرة التى قامت بها بعثة جامعة كامبردج قدرت المساحة المحصورة داخل رسوم الأسوار بحوالي 93 هكتار تقريبا ، " وإن كانت بقايا أطلال المدينة الكاملة تشغل مساحة كيلو متر مربع واحد تقريبا والتل يرتفع تدريجيا من شاطئ البحيرة مكونا تلال صغيرة يعلو بعضها بضعة أقدام والبعض الآخر بضعة أمتار يميزها المرء وسط أنقاض واسعة من الطوب الأحمر وشقاف من الخزف والفخار وقطع زجاجية من كل لون ، ويميل لون التل إلي اللون الأحمر الطوبى نتيجة لتحلل بقايا المباني القديمة التي كانت مبنية بالطوب الأحمر نتيجة للعوامل الطبيعية التي تسود المنطقة علي مدار العام ، فقد تشربت بمياه الأمطار وتركت طبقات هشة تكسو وجه الأرض والتلال."
حفائر تنيس ..
اكبرصهاريج المياة المكتشفة والقنوات الممتدة من والى الصهريج وآثار التبليط فوق سقف)
و اكد مدير اثار بورسعيد انه لم يكن هناك اهتمام أثري بالمنطقة الى عهد قريب وحتي عام 1910 م عندما قامت لجنة حفظ الآثار العربية بإرسال أحــد مفتشيـها وهو المهندس الايطالي " باترو كلوا Patricolo والذى ذكر في تقريره المنشور فى عام 1911 م انه لم يعد بين أطلال هذه المدينة غير أنقاض قلعة المدينة وما بالمدينة من صهاريج للماء وقد كشف عن أربعة صهاريج وعمل تخطيط لها " ولم يبدأ العمل في أطلال المدينة مرة أخري الا في عام 1979م حين أرسلت هيئة الآثار المصرية بعثة للحفائر برئاسة عباس الشناوي , ثم توقف العمل مرة آخري الي ان جاء عام 1990 واستمر العمل في الحفائرثمانية مواسم متتالية حتي موسم 1998م ثم توقفت العمل مرة آخري ثم استكمل خلال موسم واحد عام 2003 م ثم توقف مرة آخري واستكمل فيما بين عامى 2009 م / 2010 م وكان اخر موسم حفائر 2019 م
اكبرصهاريج المياة المكتشفة والقنوات الممتدة من والى الصهريج وآثار التبليط فوق سقف)
وأضاف مدير اثار بورسعيد ان ما تم من حفائر فى اطلال المدينة قد اماط اللثام عن مساحة صغيرة جدا ( منطقة الحفائر الرئيسية ) 100م طول × 40م عرض تقدر بنسبة 4 . , % من الحجم الكلي للتل والذى يقدر بمساحة كيلو متر مربع واحد تقريبا لذلك لم نستطع التعرف الا علي القليل من الملامح المعمارية داخل المدينة ، وان امدتنا على جانب اخر بتميز وانفراد المدينة عن غيرها من المدن ببعض المرافق التي جاءت بسبب طبيعتها كجزيرة منعزلة في وسط البحيرة ، ومن ذلك الصهاريج والمصانع المخصصة للماء العذب والتى تم الكشف عن واحد وعشرين منها حتى الان وشبكة طويلة من القناوات تمتد بطول مائة وسبعون مترا تقريبا تنقل وتوصل الماء فيما بين المصانع والصهاريج ووحدات تنقية الماء واحواض لترصيب الماء ومراقبة جريانه بالاضافة لبعض الابار المتصلة بها ، كما استطعنا أن نميز ونحدد لمرحلتين تاريخيتين لتشييد هذه الصهاريج الاولى مع نهاية القرن الثانى وبداية الثالث الهجرى والثانية فى القرن الخامس الهجرى
جزيرة تنيس
هذا ويحيط بالصهاريج عند مستوى أساس الجدران (دكات ) من الجيروالدبش والحمرة والتي كانت تمثل فى الأغلب الأعم أرضيات لبعض الدور وبعض الغرف يحيط بها مجموعة كبيرة من الجدران التي تمثل بقايا وحدات سكنية مختلفة ، والتى تعطى نموذج للبيت التنيسى هذا بالاضافة لرسوم احدى الخانات بالمدينة اما عن المنشاءات الصناعية فقد تم العثور على بقايا منشاءه ربما كانت تمثل بقايا فرن لصناعة الزجاج (مسبك ) هذا بالاضافة الى بعض الافران الاخرى خاصة افران صناعة الفخار وافران صهر المعادن ، وبعض الافران الملحقة بالدور اوالمنازل وبعض المنشاءات الصناعية المتكاملة كقاعات النسيج كما امدتنا الحفائر باحدى المصابغ الضخمة هذا بالإضافة للكشف عن بعض المنشاءات الدفاعية وبعض التحصينات خاصة احد الأبراج ورسوم السور الخاص بالمدينة .