"الفاتيكان" و"رابعة العدوية" هل كان من الممكن أن يتكرر السيناريو..؟

رابعة العدوية

تسبب اعتصام رابعة العدوية في حالة من الجدل أعقبته تحليلات عدة، بعضها يتصور أن الاعتصام كان يهدد كيان الدولة الأم وبعضها الآخر كان يرى محدودية تأثير هذا التجمع السلبي في قلب القاهرة، فكرة الدولة كانت دائما ما تسيطر على الوطنيين، وفكرة "الدويلة" والتقسيم كانت تطغى على أحلام الجماعة، إذ حاولت قياداتها أن ترسخ لدولة خاصة خاضعة لسيطرة إخوانهم بعيدا عن سيادة الوطن.

تصرفات "مجاذيب" الإخوان داخل الميدان كانت تقوي نفوذ المشروع الأمريكي للتقسيم، وكانت تقوض شيئا فشيئا مفهوم الدولة لدى المواطن العادي الحريص على وحدة أراضيه واستقرار وطنه.. الإخوان ربطوا بين حكمهم واستقرار مصر ووحدتها، "يا نحكمكم يا نقتلكم ونغتصب أرضكم"، هذا هو المنهج الذي قام عليه التنظيم مستندا إلى ميليشيات أو ممارسات عنيفة، أو تصريحات استفزازية مهددة لإقامة دويلة على أنقاض الشعب وثورته والوطن الأم الذي نسف الإخوان مفهوم الانتماء إليه في عدة تصريحات، رصدها محللين.

ومع كل هذا اللغط والشطط الإخواني المتعمد، أثيرت تساؤلات عدة ذات وجاهة: هل كان من الممكن أن ينشق هؤولاء المتظاهرين ليعلنوا إقامة دولة أخرى داخل مصر خاصة بهم مثل دولة الفاتيكان داخل إيطاليا؟، لكي نعرف الإجابة كان لابد من أن نعطى نبذة عن نشأة الفاتيكان وتاريخها مقارنة ببداية نشأة اعتصام رابعة.

نشأة الفاتيكان:

منذ بداية القرن السادس ولمدة تفوق الألف عام، كانت الفاتيكان تسيطر على مناطق واسعة من شبه الجزيرة الإيطالية، ودعيت هذه المناطق باسم الولايات البابوية وكانت تخضع مباشرة لحكم الكرسي الرسولي، والسبب الرئيسي في نشوء الولايات البابوية هو انتقال عاصمة الإمبراطورية الرومانية إلى القسطنطينية، ما أدى إلى إضعاف سيادة الإمبراطورية في روما، يضاف إلى ذلك ملكية الكنيسة لمساحات شاسعة من الأراضي الزراعية وأراضي الأوقاف، هذه الأملاك حصلت عليها الكنيسة بشكل أساسي من تبرعات الأثرياء والهبات المقدمة للكنائس.

انشقاق الباباوات عن روما:

بنيت على هضبة الفاتيكان كنيسة صغيرة على اسم القديس بطرس ومن ثم بنيت كاتدرائية القديس بطرس في القرن السادس عشر؛ وعلى الرغم من كون روما المقر الدائم للبابوية إلا أن البابوات قبل القرن الرابع عشر كانوا قد اتخذوا من قصر لاتران في المدينة مركزًا لهم، ولم تتجه الأنظار نحو الفاتيكان إلا في أعقاب الانتهاء من انشقاق أفينغون، حيث انتقل البابوات ومعهم قيادة الكنيسة إلى الفاتيكان، وشيّد هناك خلال عصر النهضة سلسلة من المباني والمتاحف إلى جانب القصر البابوي والحدائق البابوية وعدد من المباني الأخرى.

الانشقاق الرسمى للفاتيكان:

رغم الوجود التاريخي للفاتيكان، فإن هذا الوجود لم يصبح بالشكل المستقل المتعارف عليه اليوم، قبل 7 يونيو سنة 1929 حين تمّ توقيع ثلاث معاهدات في قصر لاتران بين الحكومة الإيطالية التي كانت آنذاك فاشية بقيادة بينيتو موسيليني وممثل البابا بيوس الحادي عشر، الكاردينال بيترو كاسباري، وعرفت هذه الاتفاقيات باسم اتفاقية لاتران، نظمت الاتفاقيات الثلاث العلاقة بين الفاتيكان والدولة الإيطالية، ونصت على أن يكون الفاتيكان بحدوده الحالية، جزء مستقل عن الدولة الإيطالية ومدار من قبل البابا.

نبذة عن أحداث رابعة:

بعد اعتصام عدد كبير من مؤيدي الرئيس السابق "محمد مرسي" لمدة 45 يوما في عدة ميادين، وفي الساعة السادسة والنصف صباحا من صباح يوم الأربعاء 14 أغسطس 2013 بدأ تحرك قوات من الشرطة تجاه المعتصمين في ميداني رابعة العدوية بالقاهرة وميدان نهضة مصر بالجيزة وأغلقت الطرق المؤدية إليهما، وصاحبت القوات جرافات للعمل على إزالة حواجز وضعها المعتصمون. قبل بدء العملية، أعلنت الشرطة أنها ستوفر ممرات آمنة لخروج المعتصمين، ثم تبع ذلك في حوالي الساعة الثامنة صباحا إطلاق كميات كبيرة من القنابل الدخانية المسيلة للدموع، وفي حوالي التاسعة صباحا تقدمت قوات الشرطة لفض اعتصام ميدان نهضة مصر أولًا، ثم دخلت قوات الشرطة الى ميدان رابعه العدوية وألقت مجموعة من القنابل المسيلة للدموع تجاه المتظاهرين، ومن ثم بدأ اطلاق النار الحى وسقط مئات القتلى والاف الجرحى منهم ما لا يقل عن 15 من عناصر الشرطة وانتهت حينها أسطورة دولة رابعة العدوية.

هل كان من الممكن أن ينشق معتصمى رابعة ويكونوا دولة داخلية؟

وقد حدثت أحداث شبيهة بتلك الأحداث التى جرت فى الفاتيكان منذ قديم الزمن حيث سمى البعض اعتصام الاخوان المسلمين بميدان رابعة العدوية وميدان النهضة بالانشقاق حيث كان اعتصام الاخوان المسلمين اعتصاما داخليا فى ميدان رابعة وكان يمثله بعض القادة الاسلاميين الذين يدعون الى استمرار الاعتصام لحين تحقيق مطالبهم، وقد فسر البعض هذا الاعتصام بالانشقاق عن الدولة وتكوين دولة أخرى بقيادات اسلامة أخرى مثلما حدث بدولة الفاتيكان فى بدايتها من انشقاق الباباوات وتكوينهم دولة أخرى داخل ايطاليا مما اضطر الدولة الايطالية لتصنيفهم رسميا كدولة داخل دولة، ولكن اذا كان من الممكن أن يحدث هذا فقد كان ليحدث عبر قرون مثلما حدث بالفاتيكان حيث بدأ إنشاء الفاتيكان فى القرن السادس الميلادى، وتم الاعتراف بها رسميا فى القرن العشرين !

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
وفاة والدة مي عز الدين بعد تدهور حالتها الصحية