في ذكري رحيلها.. سميرة موسى «عالمة الذرة» التي اغتالتها يد الغدر

سميرة موسى

لمن لا يعرفها "هي الحلم" الذي لم يكتمل، هي أول عالمة ذرة مصرية اشتهرت بــ«مس كوري الشرق»، عرف عنها الذاكرة الفوتوغرافية التي تؤهلها لحفظ الشيء بمجرد قراءته.

استطاعت سميرة موسي أن تحصد العديد من الجوائز في جميع مراحل تعليمها، فكانت الأولى على شهادة التوجيهية عام 1935، ولم يكن فوز الفتيات بهذا المركز مألوفًا في ذلك الوقت، إذ لم يكن يسمح لهن بدخول امتحانات التوجيهية إلا من المنازل حتى تغير هذا القرار عام 1925 بإنشاء مدرسة الأميرة فايزة، أول مدرسة ثانوية للبنات في مصر.

كما قامت بإعادة كتاب الجبر الحكومي في السنة الأولى الثانوية، وطبعته على نفقة أبيها الخاصة، ووزعته بالمجان على زميلاتها 1933.

وقامت بتأسيس هيئة الطاقة الذرية بعد 3 أشهر فقط من إعلان الدولة الإسرائيلية عام 1948، وحرصت على إيفاد البعثات للتخصص في علوم الذرة فكانت دعواتها المتكررة إلى أهمية التسلح النووي، ومجاراة هذا المد العلمي المتنامي.

كانت الدكتورة سميرة مولعة بالقراءة، وحرصت على تكوين مكتبة كبيرة متنوعة تم التبرع بها إلى المركز القومي للبحوث، حيث الأدب والتاريخ وخاصة كتب السير الذاتية للشخصيات القيادية المتميزة.

وأجادت استخدام النوتة والموسيقى وفن العزف على العود، كما نمت موهبتها الأخرى في فن التصوير بتخصيص جزء من بيتها للتحميض والطبع وكانت تحب التريكو والحياكة وتقوم بتصميم وحياكة ملابسها بنفسها

كانت تأمل عالمة الذرة أن يوجد تقدم بعلاج السرطان في العالم، فكانت تقول "أمنيتى أن يكون علاج السرطان بالذرة مثل الإسبرين"، وكانت عضوًا في كثير من اللجان العلمية المتخصصة على رأسها لجنة الطاقة الذرية والوقاية من القنبلة الذرية التي شكلتها وزارة الصحة المصرية.

أنجزت سميرة موسى الرسالة في سنة وخمسة أشهر وقضت السنة الثانية في أبحاث متصلة وصلت من خلالها إلى معادلة هامة (لم تلق قبولًا في العالم الغربي آنذاك) تمكن من تفتيت المعادن الرخيصة مثل النحاس ومن ثم صناعة القنبلة الذرية من مواد تكون في متناول الجميع.

سافرت سميرة موسى إلى بريطانيا ثم إلى أمريكا لتدرس في جامعة "أوكردج" بولاية تنيسي الأمريكية، ولم تنبهر ببريقها أو تنخدع بمغرياتها ففي خطاب إلى والدها قالت: "ليست هناك في أمريكا عادات وتقاليد كتلك التي نعرفها في مصر، يبدءون كل شيء ارتجاليا.. فالأمريكان خليط من مختلف الشعوب، كثيرون منهم جاءوا إلى هنا لا يحملون شيئًا على الإطلاق فكانت تصرفاتهم في الغالب كتصرف زائر غريب يسافر إلى بلد يعتقد أنه ليس هناك من سوف ينتقده لأنه غريب".

وفي عام 1952 استجابت الدكتورة سميرة إلى دعوة للسفر إلى أمريكا وأتيحت لها فرصة إجراء بحوث في معامل جامعة سان لويس بولاية ميسوري الأمريكية، وتلقت عروضًا لكي تبقى في أمريكا لكنها رفضت وقبل عودتها بأيام استجابت لدعوة لزيارة معامل نووية في ضواحي كاليفورنيا في 15 أغسطس.

وفي طريق كاليفورنيا الوعر المرتفع ظهرت سيارة نقل فجأة؛ لتصطدم بسيارتها بقوة وتلقي بها في وادٍ عميق، وقفز سائق السيارة، زميلها الهندي في الجامعة الذي يقوم بالتحضير للدكتوراه، والذي اختفى إلى الأبد

بعد وفاتها أوضحت التحريات أن السائق كان يحمل اسمًا مستعارا وأن إدارة المفاعل لم تبعث بأحد لاصطحابها كانت تقول لوالدها في رسائلها: «لو كان في مصر معمل مثل المعامل الموجودة هنا كنت أستطيع أن أعمل حاجات كثيرة».

وفي آخر رسالة لها كانت تقول: «استطعت أن أزور المعامل الذرية في أمريكا وعندما أعود إلى مصر سأقدم لبلادي خدمات جليلة في هذا الميدان وسأستطيع أن أخدم قضية السلام»، وكانت تنوي إنشاء معمل خاص لها في منطقة الهرم بمحافظة الجيزة.

ومازالت الصحف تتناول قصتها وملفها الذي لم يغلق، وإن كانت الدلائل تشير - طبقا للمراقبين - أن الموساد، المخابرات الإسرائيلية، هي التي اغتالتها، جزاء لمحاولتها نقل العلم النووي إلى مصر والوطن العربي في تلك الفترة المبكرة

جدير بالذكر ان "موسي" من مواليد 3 مارس 1917، في قرية سنبو الكبرى بمركز زفتى بمحافظة الغربية.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً