يعد مصنع "أم القرى" أو ما يعرف باسم "مصنع كسوة الكعبة المشرفة" معلمًا بارزًا من معالم العاصمة المقدسة، إذ يستقبل كل عام الآلاف من الزوار من مختلف أنحاء العالم ومن كافة المستويات للإطلاع على مراحل صناعة كسوة الكعبة المشرفة، تأسس المصنع عام 1346ه، 1926م علي مساحة تبلغ أكثر من مائة الف متر مربع، ويقع في أم الجود بطريق مكة جدة القديم، وكان موقعه الأول في أجياد وبعد التوسعات نقل إلى جرول ( القبة) قبل افتتاح مبناه الحالي عام 1397هـ، 1977م.
وشهد المصنع منذ إنشائه تطورًا تقنيًا وإداريًا ملحوظًا، حيث تم تزويده بالآلات حديثة ومتطورة وتحويل النسيج اليدوي إلى نسيج آلي، كما تضم تشكيلات الوظائف الفنية بالمصنع أكثر من مائتين وظيفة تخصصيه في مجال صناعة الكسوة بالإضافة إلى الجهاز الإداري والطبي في المصنع.
تمر صناعة كسوة الكعبة المشرفة بعدة مراحل، المرحلة الأولى تشمل صباغة الكسوة الخارجية باللون الأسود والكسوة الداخلية باللون الأخضر، أما المرحلة الثانية فتعنى بالنسيج أو ما يعرف بالسداء اليدوي والآلي،ثم يلي ذلك مرحلة تصميم الزخارف والخطوط التي يراعى خلالها الدقة ومعايير الجمالية في الفن الإسلامي. ثم تأتي مرحلتي الطباعة والتطريز وتتمثل في طباعة الآيات القرآنية وتطريزها بالأسلاك الفضية والذهبية.
تصنع كسوة الكعبة من الحرير الطبيعي الخالص المصبوغ باللون الأسود المنقوش عليه بطريقة الجاكار عبارة "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، "الله جل جلاله"، "سبحان الله وبحمده "، "سبحان الله العظيم"، "يا حنان يا منان".
ويبلغ ارتفاع كسوة الكعبة أربعة عشر مترا ويوجد في الثلث الأعلى منها حزام مطرز بالذهب والفضة كتب عليه آيات قرآنيه بالخط الثلث المركب محاطة بإطار من الزخارف الإسلامية ويبلغ طوله خمسةً وأربعين مترا ويتألف من ست عشرة قطعة،ويوجد تحت الحزام على الأركان سورة الإخلاص مكتوبة داخل دائرة محاطة بشكل مربع من الزخارف الإسلامية ويستهلك تطريز الحزام أكثر من 120 كجم من أسلاك الذهب و25 كجم من أسلاك الفضة ويلي الحزام قطع مستطيلة منها قناديل كتب عليها ( يا حي يا قيوم)و( يا رحمن يا رحيم ) و( الحمد لله رب العالمين ).
وعلى باب الكعبة ستارة مطرزة بأسلاك الذهب والفضة، بالإضافة إلى إنتاج كسوة الكعبة المشرفة كل عام فإن المصنع ينتج أيضًا الكسوة الداخلية للكعبة.
لا يقتصر دور مصنع كسوة الكعبة على إنشاء الثوب فقط، بل يمتد الي الصيانة الدورية، فنتيجة لكثرة الزحام واحتكاك الحجاج والمعتمرين بكسوة الكعبة، قد تتعرض بعض أجزائها للتلف،لذلك يقوم عدد من الموظفين بمتابعة أي خلل في الثوب وإصلاحه.
ويتم تغيير كسوة الكعبة مرة في السنة وذلك خلال موسم الحج، والكسوة التي يتم إزالتها من الكعبة تقطع إلى قطع صغيرة ويتم إهدائها إلى شخصيات إسلامية. وفي سنة 1982 قامت المملكة بإهداء قطعة إلى الأمم المتحدة تقوم بعرضها في قاعة الاستقبالات.