كريمة محمد تكتب: مصر إلى أين؟

صورة تعبيرية
كتب :

قال لي وكله فخر: حصلت على تأشيرة للخارج تؤهلني للحصول على الجنسية الكندية وسأستقر هناك، وأصبح إنسانا فسألته وهل كنت إنسانا آخر هنا في بلدك مصر؟ فأجاب على الفور "طبعا عمري ما تعاملت معاملة آدمية".

"أنا أول دفعتي في كلية العلوم قسم ذرة، لي من الأبحاث ما أن ظهر إلى النور ما يجعلني نجم الإعلام وأستاذ الأساتذة ولأنني مواطن عادي فقد سبقني في التعيين من يتقلد المناصب الجامعية، وسرقت أبحاثي جهرا ونسبت إليه وعندما حاولت أن أحمي نفسي، وأحصل على حقي توعدني عميد الجامعة".

قال لي "عندما لجأت إلى البوليس أذاقني المر ونصحني العارفين ببواطن الأمور بأن أتنازل عن كل اتهاماتي لمن أخذوا مكاني في التعيين ونهبوا أبحاثي وقد تجردت من كل آمالي، وتقوقعت في بيتي أبي وأمي وعشت عالة عليهم، وعندما بكت أمى على حالي لم أتحمل دموعها وخرجت من عزلتي ونزلت إلى الشارع كي أبحث عن عمل؛ إما أن أعمل مدرس علوم أو مندوب مبيعات.

ولأن دائرة اختياراتي كانت مغلقة فاخترت العمل كمندوب مبيعات، وأصبحت أنا من يحمل أعلى التخصصات وأندرها.. مندوب يطرق الأبواب على أن يجد من يشتري منه.

مضت بيا الأيام، وأوشكت على الأربعين ولم أتزوج لأني لا أريد أن أزيد من ويلاتي بأرواح جديدة لم أوفر لها ما ابتغيته، أنا لنفسي فما بالك بمن ينتمون إلي وفي زخم حياتي المملة ظهرت لي فرصة الهجرة، ولم أتوان أو أتردد وعلى الفور تقدمت بأوراقي ودرجاتي العلمية وأبحاثي وتصوراتي عن المستقبل العلمي ورحبوا بي ترحيبا شديدا.

وها أنا الآن استعد لمغادرة مصر إلى الأبد ولن أعود إليها حتى ميتا فسأدفن هناك في بلاد تحترم آدمية الإنسان.. ونظر إلي لعله يجد عندي ما يثنيه عما ينتوي إلا أنني أثرت الصمت، وأنتظر ما ستحمله تجربته من حقائق قد تكون مغايره لما رسمه لمستقبله لأنني على قناعة بأن مهما كانت قسوة الأم فهي أخف ألف مرة من مرارة وغلظة زوجة الأب.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
بث مباشر مباراة أرسنال ونوتنجهام فورست (2-0) بالدوري الإنجليزي (لحظة بلحظة) | الثاني لأرسنال