"ياسر عرفات".. يا جبل ما يهزك ريح، هكذا وصفته وسائل الإعلام، وهكذا كان يردد دائما عن الشعب الفلسطيني، فعلى الجدران والمدارس والبيوت والشوارع يبتسم ياسر عرفات دائما بكوفيته الشهيرة، ملوحا بالنصر تارة ورافعا جبهته تارة أخرى.
وتحل اليوم ذكري ميلاد الزعيم ياسر عرفات الذي توفي، في مستشفى كلامار العسكري في باريس، بعد صراع مع المرض، بعد أن حاصره الجيش الإسرائيلي في مقره برام الله بالضفة الغربية على مدى أكثر من عامين.
وكانت لجنة تحقيق فلسطينية في وفاة عرفات، أعلنت نهاية العام 2013 عن موته «مسمومًا بمادة البولونيوم المشع» نقلًا عن تقريرين لمعهدين طبيين في روسيا وسويسرا.
شارك "عرفات" في وضع المسامير علي طريق عجلات الدوريات البريطانية وكان ابن السابعة من عمره حينما مسك بأول حجر للمقاومة، وعقب تلك الأحداث بعام انتقل عرفات إلى القاهرة، وعاش مع أسرته في حي السكاكيني، واقتصرت زيارته للقدس في فترة الصيف فقط، وفي المرحلة الثانوية بدأ يشارك في المظاهرات التي تخرج من مدرسته الملك فاروق الأول الثانوية، ومع مرور الوقت، توطدت علاقته بالقضية الفلسطينية.وفي عام 1948 التحق "عرفات" بالجامعة كلية الهندسة، وفي هذا العام شهدت حياة عرفات نقطة التحول التي صقلت شخصية القائد الذي وضع نصب عينيه قضية يعيش لها وبها.
وعقب أحداث ثورة 23 يوليو تسلم الرئيس محمد نجيب منه عهد وفاء الطلاب الفلطسنين مكتوبا عليها بدمهم "لا تنس فلسطين" وعقب اندلاع احداث مذبحة دير ياسين تحرك نحو فلسطين حاملا السلاح ومن ثم اسس رابطة الطلاب الفلسطينين.استطاع "عرفات" أن يعمل مهندسا عام 1956 في الشركة المصرية للاسمنت بالمحلة الكبري كما انضم الي الجيش المصري ضابط احتياطي ثم سافر الي الكويت للعمل بالانشطة التحارية.
وبمشاركة مجموعة من الشباب استطاع أن يؤسس حركة التحرير الوطني "فتح" لتحرير فلسطين عن طريق السلاح ومن ثم أولى خطوات العمل بإصدار مجلة "فلسطيننا"، التي وحدت المجموعات الفلسطينية الأخرى تحت لواء الحركة الجديدة التي تلقت دعمًا من الجزائر ومصر، وبدأ الكفاح المسلح عام 1965.ومن خلال الأردن عام 1967، اشتعل نشاط "فتح" ولكنه لم يصمد كثير فانتقل الي لبنان ثم توجه عرفات إثر ذلك إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، مسمعًا العالم كله مطالب الشعب الفلسطيني، وكسب تأييد الرأي العام الدولي، وأطلق المراقبون الأميركيون على ذلك اليوم اسم "يوم عرفات"؛ لأنه نجح خلال ساعات في تركيز الاهتمام على مشكلة ظل الأميركيون يجهلونها أو يتجاهلها قادتهم عقودا عديدة.
"إقامة دولة فلسطينية" كانت أحد اهم اهداف "عرفات" وفي عام 1993 وضعت اتفاقيات سرية ثم وقعت اتفاقية اوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، والتي بموجبها اعترف الطرفان ببعضهما رسميًا، بعد ذلك عاد عرفات إلى فلسطين وانتخب رئيسًا للسلطة بنسبة أصوات بلغت 88%، وبدأ في بناء مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية.تم منح "عرفات" جائزة نوبل للسلام عام 1995 وفي تلك الاثناء هاجم حزب الليكود الاسرائيلي ما حدث ببيان شديد اللهجة وكان نصه:- "رابين وبيريس يلحقان الإهانة بالشعب اليهودي بتقبلهما جائزة نوبل شراكة مع قاتل شعبهما".
وخلال حياته تعرض لحصارين الاول علي خلفية اصدار رئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون قامت من خلاله الدبابات بمحاصرة مقر عرفات.أما المرة الثانية كانت حصار سياسي حيث طالب الرئيس الأمريكي جورج بوش تشكيل قيادة فلسطينية جديدة ومع بداية عام 2004 صارع "عرفات" صراع جديد وهو المرض الي ان رحل عن عالم الأحياء.
وخلال حديث صحفي له تفاخر "عرفات" بأنه تعرض لآكثر من 40 محاولة اغتيال الي جانب عشر مرات نجا فيها من الموت المحقق.