مواقع الضياع الاجتماعي

  في البداية، بقينا عايشين وسط ناس كل هدفها في الحياة "اللايك" و"الكومنت"، والدنيا بالنسبة لهم عبارة عن "إيفيهات" مضحكة وتريقة على أي حاجة وأي حد، الدنيا مش "فيسبوك" وحياتنا مش "لايك وكومنت".. فيه فرق كبير بين حد إنتَ معاه النهارده وممكن يسيبك أول لما يكون "أوفلاين" وفرق بين حد إنتَ معاه ومش مهتم بيه وبينه وبينك خطوتين، الفرق كبير والمعنى أكبر، لكن إحساسنا بإن فيه ناس معانا وحوالينا وإحنا أصلًا مش معاهم ولا بنفكر فيهم ده بيقتل.. بيقتل جواك حاسة الإحساس باللي حواليك.. وتتحوّل الحياة من "فعل" لـ مجرد "كلمتين" تكتبهم ع الفيسبوك تقول فيهم "أنا لوحدي ومحدش حاسس بيّا" مع إنّك لو بصيت حواليك هتلاقي ناس كتير حاسين بيك.

حاول تقرّب من اللي إنتً ضامن وجودهم، مواقع "الضياع" الاجتماعي، مجرد وهم.. وهم كلنا عايشين فيه على أمل إننا نهرب من "الحقيقة" ونختفي في "الخيال المريض"، عايشين على هدف "الحبيب" يكون "شاعر" وهمي له معجبين كتير على الفيسبوك – تويتر، و"الحبيبة" كل الناس بتجري وراها عشان تكلمها، الفكرة مش فكرة "الجري".. إحنا كلنا بنجري في الحياة.. ناس بتجري عشان حاجة، وناس بتوهم نفسها إنها بتجري عشان توصل لحاجة، وناس عايشة في عالم تاني فاهمة كل حاجة مع العلم إنها مش فاهمة ولا حاجة.

الحب إتحوّل فجأةً من حب الناس بتحكي عنه لـ حب كل الناس بتسب وتلعن فيه، حاجز بيكسر جواك حتة "الأمان" وحاجز بيخليك تعيش في عالم إنتَ أصلًا مش عارف آخره إيه، الحب زمان كان "أمان" دلوقتي بقى "حرمان"، حرمان من المشاعر ومن الكلام ومن الإحساس، وكل اللي إنتَ قادر تقوله "أنا وحيد" مع إنّك مابتفكرش ولا بتهتم ولا حتى بتبص حواليك.. "أنا وحيد" بتجيب لايكات كتير؛ فهكتبها عشان آخد كام لايك، "أنا وحيد" بتخلي ناس كتير تهتم وتبعت "رسالة" ع الفيسبوك؛ فهكتبها عشان أحس بشوية إهتمام، "أنا وحيد" بتخليني أحس إني فعلًا لوحدي وإني فعلًا ماليش حد يهتم ولا يسأل عني؛ فهكتبها عشان أعيش في عالم إفتراضي كله وحده وخوف وحرمان عشان أحس إني وحيد.. كلمة ممكن توصل لـ كلام كتير قوي، وكلام ممكن يوصلك لـ حقيقة إنتَ رافض تعرفها، وهي إن الحياة مش "لايك" وإن بعدك عن أهلك وصحابك اللي حواليك "ضياع" ليك انتَ، وإن "الحب" مش مجرد كلمتين بنكتبهم ع الفيسبوك وشوية مشاعر في أغنية أو صورة، الحب أكبر بكتير من كلام الدنيا بحاله؛ فحاول قبل ما ترمي نفسك في حضن عالم "الضياع" الاجتماعي تفكر مليون مرة.. عشان ماترجعش تحس إنك وحيد، وإنتَ أصلًا حواليك ناس كتير.

قرّب من أهلك، واهتم بيهم، ماتخيلهومش يحسوا إن العمر بيجري وابنهم بعيد عنهم أو حاطط نفسه في "خانة" بعيد عن عيونهم، حاول تمسك "نور" الحياة بإيديك مش تشوفه في "شاشة" وإنتَ مش قادر تلمسه، ولا حتى تحسه، مجرد تبص عليه، إلمس "نور" الحياة وإهرب من سجن "الضياع" الاجتماعي، وخليك مع "التواصل" الاجتماعي في الواقع مش في الخيال.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً