تطرقت صحيفة نيويورك تايمز في افتتاحيتها إلى الجدل الأخير حول الإتفاق النووي الإيراني، قائلة إن أول ما يجب معرفته هو أن إدارة الرئيس باراك أوباما لم تدفع 400 مليون دولار "فدية" لإيران لضمان الإفراج عن ثلاثة محتجزين أمريكيين.
ومع ذلك يصر المنتقدون على اعتبار المبلغ فدية، في محاولة أخرى لنزع الصدقية عن اتفاق قالت الصحيفة إنه أنجز عملًا رائعًا بإبعاده إيران مسافة طويلة عن إنتاج سلاح نووي.
وأوضحت النيويورك تايمز أن الحقيقة هي أن الإدارة أخفت قصة المبلغ للتأكد من أن إيران لن تتراجع عن تعهدها بإطلاق المحتجزين الثلاثة وهم صحافي في واشنطن بوست وجندي متقاعد من المارينز وقس. وكان ذلك ديبلوماسية براغماتية وليس استسلامًا.
وانفجر الجدال عندما نشرت صحيفة وول ستريت جورنال أن الولايات المتحدة سلمت مسؤولين إيرانيين نقدًا 400 مليون دولار بعدما أفرجت عن الأمريكيين الثلاثة.
جزء من تفاوض منفصل
وروت الصحيفة ما حدث فعلًا، قائلة إن الرئيس أوباما أعلن أن الـ 400 مليون دولار ترافقت مع إطلاق الأمريكيين في يناير، في اليوم الذي بدأ فيه تنفيذ الإتفاق النووي. لكن المبلغ كان جزءًا من تفاوض منفصل حول أموال كانت الولايات المتحدة قد جمدتها منذ الثورة الإيرانية عام 1979.
وعامذاك جمدت واشنطن الودائع الإيرانية في الولايات المتحدة، بما في ذلك أموال دفعتها إيران لشراء أعتدة عسكرية لم تسلمها واشنطن بعد إطاحة حليفها الشاه هناك. وفي عام 1981، اتفق البلدان على أن تفصل محكمة في لاهاي في القضية.
الفوائد المتراكمة
وتتنازع الولايات المتحدة وإيران حول هذه القضية منذ عقود، لكن الجهود من أجل التوصل إلى تسوية تكثفت منذ بدأ الجانبان العمل على الإتفاق النووي. وقرارات المحكمة ملزمة، وتوصلت الإدارة إلى استنتاج بأنها ستخسر في محكمة لاهاي، وأنه بالإضافة إلى ال400 مليون دولار، فإن إيران ستسعى إلى مليارات الدولارات من الفوائد المتراكمة على المبلغ.
إسرائيل
وليست الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي تواجه هزيمة قانونية في مواجة إيران. ففي وقت سابق من هذا الشهر، أمرت المحكمة العليا في سويسرا إسرائيل بأن تدفع لإيران 1.1 مليار دولار مضافًا إليها الفائدة في نزاع قانوني حول شركة لأنابيب النفط عائدة إلى ستينيات القرن الماضي.
1،7 مليار دولار
وقالت نيويورك تايمز إن مبلغ الـ400 مليون دولار مع الفائدة يصل إلى 1.7 مليار دولار هو ما وافقت الولايات المتحدة على دفعه، هو أقل بكثير مما طالبت به إيران. وفيما كانت المفاوضات حول الأموال منفصلة عن المفاوضات في شأن البرنامج النووي والإفراج عن المحتجزين، فإن القضايا الثلاث أتت متزامنة على أمل أن تمهد لعلاقات بناءة أكثر بين البلدين.
ومع ذلك أقر الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية جون كيربي الخميس بأنه عندما ساور أمريكا القلق من أن إيران قد تؤخر الإفراج عن المحتجزين، الذين ما كان يجب أن يحتجزوا أصلًا، حجب المسؤولون الأمريكيون الأموال موقتًا لتأمين "أقصى رافعة". لكنها كانت أموال إيران، وفي مرحلة معينة، سواء عبر التفاوض أو عبر التحكيم، كانت إيران ستحصل على المبلغ.
أكثر شفافية
وأما ما أخطأت فيه الإدارة هو أنها لم تكن أكثر شفافية بشكل أسرع في مسألة إطلاق المحتجزين. فلو أن الإدارة سلمت المبلغ من دون إعادة المحتجزين إلى الديار، ماذا كان سيقول المنتقدون في هذه الحال؟
وخلصت الصحيفة إلى أن ثمة أسبابًا كثيرة للوم إيران، بما فيها دورها في دعم الرئيس السوري بشار الأسد في حربه الأهلية الوحشية، ومساعدة حزب الله وكراهيتها لإسرائيل، وسجلها المخيف على صعيد حقوق الإنسان. لكن التاريخ يفيض بحالات يعمد فيها الرؤساء الأمريكيون على تقديم المصالح القومية عن طريق العمل مع حكومات لا يثقون بها. بالضرورة. وهذه واحدة منها.