الإيرانيون في تنظيم داعش.. تهوين إيراني وواقع دولي

لطالما اتهمت إيران الأنظمة السنية بتقديم الدعم المادي واللوجيستي، لما يُعرف بتنظيم داعش الإرهابي؛ في حين يلحظ المتابع للشأن الإيراني استخدام طهران لفزاعة التنظيم في تعزيز نفوذها في المنطقة وتوسعها على حساب الدول العربية.

أضف إلى ذلك أن التنظيم الذي يعيث فسادًا في العراق على الحدود الإيرانية؛ لم يفكر إطلاقًا في توجيه قذائفه نحو طهران رغم مناصبة تنظيم داعش للشيعة كما يدعي. من المكاسب الإيرانية أيضًا –كما تزعم إيران – هو تزايد الإقبال على المذهب الشيعي بسبب جرائم داعش.

يقول علی "أکبر رائفی‌ پور" الأستاذ بجامعة الإمام الصادق في حوار مع الموقع الإخباري استبصار إلى دور المهدوية المهم في المنطقة قائلًا:"اعتنق الكثيرون المذهب الشيعي حيال جرائم داعش، التي لا تتورع عن قطع رقاب الناس وصلبهم.

ويسعى من يتوهمون الحيلولة دون تنامي الثقافة الإسلامية بالعالم إلى التشكيك في مسألة ظهور المهدي وإضعاف إرادة المنتظرين. وعلينا ألا نسمح للبعض بإلاستفادة من عمليات شج الرؤوس للتعريض بالشيعة وتقديم الإسلام بصورة المتوحش".

بينما أكدت زعيمة المعارضة الإيرانية بالخارج مريم رجوي: "إن نظام الملالى يتواكب مع تنظيم داعش ويتسق معه.

فكلاهما ضد رسالة الإسلام الحنيفة. كلاهما له أساليب مماثلة فى البربرية والتوحش وكلاهما حياته مرهونة بعضهما بالآخر". ولهذا رأينا تسليط الضوء على مسألة قلما يُلتفت إليها، هي أعداد الإيرانيين في تنظيم داعش، وما هي دوافعهم للانخراط في التنظيم الإرهابي؟

أعداد الإيرانيين في تنظيم داعش:

ما من إحصائية موثقة بشأن أعداد الإيرانيين في صفوف داعش. لكن السلطات الإيرانية تقلل من الظاهرة وتحاول – بشكل غير مباشر- حصر الأعداد في المناطق السنية لاسيما المتاخمة للحدود العراقية والأفغانية.

ففي حوار مع الصحيفة البريطانية فایننشال تایمز تطرق على شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي إلى عدد الإيرانيين في داعش قائلًا:" لدينا عدد كبير من أهل السنة في إيران، ولقد أقاموا الاحتفالات بانتصارات داعش في العراق، وكانوا في المناطق السنية فقط يوزعون الشيكولاته ويتبادلون التهاني ويكتبون الشعارات على البنايات والأبواب، وبلغ الأمر أن تم رفع علم داعش أيضًا في إحدى قرى غرب إيران... لكن هذا لا يعني وجود صلة بين أهل السنة في إيران وداعش.

ولقد فشلت داعش في اجتذاب عناصر من إيران، إذ تم القبض على عدد من الراغبين في الانضمام إلى داعش قبل عبور الحدود، وكانوا فقط 22 شخصًا من مجموع 75 مليون نسمة. وبالنسبة لـ 22 شخصًا فقد أخبرنا أهل السنة أنهم لا يعرفون أيًا منهم. وحتى في سيستان وبلوشستان لا تجد داعشيًا واحدًا.

بدوره نفى جواد جهانجيري عضو لجنة الأمن القومي والسياسية الخارجية ما تررد في وسائل الإعلام الأجنبية عن ازدياد أعداد المنتمين إلى داعش من إيران، مؤكدًا أن دور نخبة أهل السنة في المحافظات المتاخمة للحدود العراقية كان سببًا رئيسيًا في انخفاض عدد الإيرانيين في التنظيم".

من جهتها، أكدت مرضية أفخم المتحدث باسم الخارجية الإيرانية:" عدم وجود إي إحصائيات رسمية عن أعداد الإيرانيين في تنظيم داعش، وأن ما يُنشر من أخبار عن ذلك إما يفتقر إلى المصداقية أو ينحصر في بعض الشعارات المكتوبة على البنايات".

من ناحية أخرى تتواتر الأخبار خارج إيران حول قصص انضمام عدد من الإيرانيين إلى التنظيم سواءً من إيران أو من المقيمين خارجها، منها ما ذكرته فضائية بي بي سي البريطانية من اعتقال السلطات التركية عدد 3 إيرانيين كانوا يحاولون عبور الحدود بغرض الانضمام إلى تنظيم داعش الإرهابي في سوريا.

كذا نشر التنظيم صورة لمنفذي تفجيرات الحكسة؛ أحدهما إيراني الجنسية ويدعى أبو قتادة الإيراني. كما أكد التنظيم وفاة "أبو بكر الإيراني" في الهجوم على مقر للشرطة العراقية في منطقة هبهب. ونشرت شبكة إن بي سي الأمريكية تقريرًا عن "رضا نیکنژاد" أول شاب أيراني- أمريكي ينضم إلى داعش في سوريا.

ورضا من مواليد إيران ويبلغ من العمر 18 عامًا ويدرس في ثانوية أوزبورن پارک بالولايات المتحدة الأمريكية. في السياق ذاته، كشفت صحيفة دیلی میل البريطانية عن انضمام "ترانه شکیل" فتاة بريطانية من أصل إيراني تبلغ من العمر 25 عامًا بصحبة أخيها "زهيم" البالغ من العمر 16 عامًا إلى تنظيم داعش. وأكدت صحيفة پورتلند هرالد مقتل "عدنان فاضلي" إيراني الجنسية خلال مواجهات داعش ضد الجيش اللبناني عام 2015م.

الدوافع والأسباب:

لا تكاد تجد سببًا واضحًا لانضمام الإيرانيين إلى تنظيم داعش، لاسيما مع إصرار النظام على التقليل من الظاهرة. لكن "محمد رضا محسنی ثانی" رئيس لجنة الأمن القومي والسياسية الخارجية بالبرلمان الإيراني يلمح إلى أن السبب إنما يكمن في الإغراء المادي؛ إذ يقول في حوار مع صحيفة إيران: "ثمة تقارير تشير إلى هروب بعض الإيرانيين إلى الخارج ومن ثم الانضمام إلى تنظيم داعش الإرهابي، لكن عددهم ليس بالكبير ونحن لا نعول عليهم، فهم مدفعون بمصالح مادية حيث تغدق عليهم داعش الدولارات".

في حين أرجع آخرون السبب في انخراط الإيرانيين بالتنظيم إلى سياسات النظام القمية لاسيما حيال أهل السنة. ولقد نشر تنظيم داعش فيدو لانضمام الدكتور الإيراني "بهاء الدین محمدیان" من سكان بلدية " گنبد کاووس" إلى التنظيم. يوضح فيه أن السبب الرئيس لانضمامه وأسرته إلى التنظيم هو انتهاك السلطات الإيرانية لحقوق أهل السنة.

من خلال ما سبق يتضح أن إيران تحاول التقليل من شأن الظاهرة وتحصرها داخل المناطق السنية، لكن هذا لا ينفي وجود عناصر شيعية إيرانية داخل التنظيم مدفوعة بمصالح مختلفة. والحقيقة أننا ندين هذه النبرة العنصرية، ولا نربط التنظيم بأي دين أو مذهب، لأن الأديان عمومًا بريئة من ظاهرة الإرهاب، وإنما السبب يكمن في التلقين الخاطئ لتلكم الأديان، الأمر الذي يترتب عليه شيوع الأفكار المغلوطة التي تبيح دماء الأبرياء باسم الدين.

وسوف تتكشف لنا حقيقة من يقف وراء هذه الجماعات المتطرفة التي أضرمت النيران في المنطقة، تلك النيران التي سترتد يومًا على من أشعلها كما تقتضي سنة الله في الكون.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً