تحل اليوم ذكري ميلاد الفنان الراحل محمد فوزي الذى الذي تربع على عرش السينما الغنائية والاستعراضية طيلة الأربعينيات والخمسينيات، حيث بلغ رصيده الفني حوالي 400 أغنية منها ما يقرب 300 في الأفلام.
نشأته
محمد فوى اسمه بالكامل محمد فوزى عبد العال الحو، ولد يوم 28 أغسطس لعام 1918م في قرية كفر أبو جندي بمركز طنطا فى محافظة الغربية لعائلة متوسطة الحال، وهو يأتي في الترتيب 21 من بين أصل 25 ولدا وبنتا منهم المطربة هدى سلطان، حصل على الشهادة الإعدادية من معهد فؤاد الأول الموسيقي في القاهرة ولكنه ترك الدراسة فيما بعد.
زواجه
تزوج الفنان محمد فوزي للمرة الأولى عام 1943م من السيدة هداية التي أنجب منها ثلاثة أبناء هما نبيل - مهندس وسمير -مهندس ومنير- طبيب، ولكنهما انفصلا عام 1952م ليتزوج في نفس العام من الفنانة مديحه يسري التي أنجب منها ولدا واحدا يدعى عمرو، وفي عام 1959م تم الطلاق بينهما ثم تزوج للمرة الثالثة عام 1960م من السيدة كريمة التي أنجب منها ابنته الصغرى إيمان واستمر معها حتى وفاته.
رحلته
تعلم محمد فوزى أصول الموسيقى منذ طفولته على يد صديق والده محمد الخربتلي الذي كان يصحبه للغناء في الموالد والأفراح، فتعلق بالموسيقى وتأثر بأغاني محمد عبد الوهاب وأم كلثوم التي كان يغنيها في احتفالات المدينة بمولد السيد البدوي، وكان ولع محمد فوزي بالموسيقي السبب الأساسي في تخليه عن الدراسة حيث حضر إلى القاهرة عام 1938م وعمل في ملهى الشقيقتين رتيبة رشدي قبل أن تغريه بديعة مصابني بالعمل في صالتها.
وفي ملهى بديعة تعرف فوزي على فريد الأطرش ومحمد عبد المطلب ومحمود الشريف واشترك معهم في تلحين الاسكتشات والاستعراضات وغنائها، مما شجعه على دخول امتحان الإذاعة كمطرب وملحن، ولكن على الرغم من نجاحه كملحن ورسوبه كمطرب إلا أن هاجس الغناء كان مسيطرًا عليه فقرر إحياء أعمال سيد درويش التي أتاحت له الفرصة للتعاقد مع الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى كممثل ومغني في مسرحية شهرزاد لسيد درويش.
لم يحقق الفنان المصري النجاح المطلوب في عرضه الأول، الأمر الذي أصابه بالإحباط فتوارى زمنا إلى أن عرضت عليه الممثلة فاطمة رشدى التي كانت تؤمن بموهبته العمـل في فرقتها كممثل ومغني، وفي عام 1944م طلبه الفنان يوسف وهبي ليمثل دورا صغيرا في فيلم سيف الجلاد، ولكنه كان بمثابة فاتحه الخير عليه حيث شارك بعد ذلك في فيلم أصحاب السعادة الذي حقق نجاحا ًغير متوقع عقب إجراءه لجراحة تجميلية في شفته العليا، وساعده هذا النجاح على تأسيس شركته السينمائية التي حملت اسم أفلام محمد فوزي عام 1947م.
استطاع الفنان محمد فوزي خلال ثلاث سنوات أن يتربع على عرش السينما الغنائية والاستعراضية طيلة الأربعينيات والخمسينيات، حيث بلغ رصيده الفني حوالي 400 أغنية منها ما يقرب 300 في الأفلام، ومن أشهرها حبيبي وعينيه وشحات الغرام ووحشونا الحبايب واللي يهواك أهواه، بالإضافة إلى مجموعة من أجمل أغنيات الأطفال منها ماما زمانها جاية وذهب الليل طلع الفجر، وقد دأبت الإذاعة المصرية على إذاعة أغانيه.وفي عام 1958م قام الفنان الرحل بتأسيس شركة “مصرفون” لإنتاج الاسطوانات، والتي أنتج من خلالها أغاني كبار المطربين في ذلك العصر أمثال أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب”وغيرهما.
وأعتزل التمثيل من أجل التفرغ لإدارة شركته "مصر فون"، إلا أن قيام الحكومة بتأميمها عام 1961م وتعيينه مديرًا لها بمرتب 100 جنيه، أدى إلى إصابته باكتئاب حاد كان مقدمة رحلة مرضية طويلة انتهت برحيله بمرض سرطان العظام.
رسلة الختام
شعر فوزي أن نهايته اقتربت وأنه لم يعد هناك مكانا يسعه في الحياة أثناء تلقيه العلاج في ألمانيا فكتب رسالة أخيرة قبل وفاته بساعات قليلة، يعبر فيها عن شعوره في أيامه الأخير، وكانت رسالة الوداع.
نص الرسالة
"منذ أكثر من سنة تقريبا وأنا أشكو من ألم حاد في جسمي لا أعرف سببه، بعض الأطباء يقولون إنه روماتيزم والبعض يقول إنه نتيجة عملية الحالب التي أجريت لي، كل هذا يحدث والألم يزداد شيئا فشيئا، وبدأ النوم يطير من عيني واحتار الأطباء في تشخيص هذا المرض، كل هذا وأنا أحاول إخفاء آلامي عن الأصدقاء إلى أن استبد بي المرض ولم أستطع القيام من الفراش وبدأ وزني ينقص، وفقدت فعلا حوالي 12 كيلو جراما، وانسدت نفسي عن الأكل حتى الحقن المسكنة التى كنت أُحْقَن بها لتخفيف الألم بدأ جسمى يأخذ عليها وأصبحت لا تؤثر فيّ، وبدأ الأهل والأصدقاء يشعروني بآلامي وضعفىي وأنا حاسس أني أذوب كالشمعة".
أضاف: "إن الموت علينا حق.. إذا لم نمت اليوم سنموت غدا، وأحمد الله أنني مؤمن بربي، فلا أخاف الموت الذي قد يريحني من هذه الآلام التي أعانيها، فقد أديت واجبي نحو بلدي وكنت أتمنى أن أؤدي الكثير، ولكن إرادة الله فوق كل إرادة والأعمار بيد الله، لن يطيبها الطب ولكني لجأت إلى العلاج حتى لا أكون مقصرا في حق نفسى وفي حق مستقبل أولادي الذين لا يزالون يطلبون العلم في القاهرة.. تحياتي إلى كل إنسان أحبني ورفع يده إلى السما من أجلي.. تحياتي لكل طفل أسعدته ألحاني.. تحياتي لبلدي.. أخيرا تحياتي لأولادي وأسرتي".
واختتم الرسالة: "لا أريد أن أُدفن اليوم، أريد أن تكون جنازتي غدًا الساعة 11 صباحًا من ميدان التحرير، فأنا أريد أن أُدفن يوم الجمعة ".
المثير بحق أن ما شعر به محمد فوزي كان صحيحا إذ وافته المنيّة في اليوم نفسه الذي كتب فيه رسالته وهو الخميس 20 أكتوبر 1966، عن عمر ناهز الـ 48 عاما.