"أصعب شيء على المرء أن يكتب أو يتحدث عن آلامه الخاصة.. ثلاثون عاما قضيتها بين جدران المعتقل، لا أعرف بماذا أصفها" تلك الكلمات ليست بقليلة ولكنها كانت نهاية لتاريخ أول رئيس جمهورية محمد نجيب وتمر اليوم ذكري رحيله في صمت.
تجاهله التاريخ كثيرا ولم يذكر أي من انجازاته عن ثورة 23 يوليو 1952، وتغيب عن الكثيرين أهم الاسرار في حياته،حيث كتب مذكراته التي شملها كتابه "كنت رئيسا لمصر"، وفى كتاباته كافة لم يتهم أعضاء مجلس قيادة الثورة بالخيانة ولم يهاجم الرئيسين جمال عبد الناصر ومحمد أنور السادات.ففي عام 1901 ولد "نجيب" لأب مصري وأم سودانية عاش مع والده إلى أن حصل على الثانوية العامة، والتحق بالجيش بعد تخرجه في الكلية الحربية عام 1918، وعمل في سلاح الحدود وسلاح المشاة.
أما في عام 1948 أصيب بالرصاص في معركة "التبة 86"، أثناء محاولته إنقاذ أحد الجنود، فظهر على الساحة السياسية، وقاد الضباط الأحرار، برتبة اللواء، ولكبر سنه تولى قيادة الثورة.
1952 تولى مجلس قيادة الثورة، وبعد الإطاحة بالملك فاروق وإعلان الجمهورية بدل الملكية، أصبح أول رئيس لجمهورية مصر، وقدم نجيب استقالته في 22 فبراير، فخرجت الجماهير في مظاهرات شعبية مطالبة بعودته لمدة 3 أيام، وعاد للحكم في 27 فبراير 1954.وفي مارس 1954 أصدر قرارا بأن تسلم البلاد لممثلي الأمة، وتنتخب الجمعية التأسيسية رئيس الجمهورية بمجرد انعقادها، ووجهت له تهم بعلاقته مع تنظيم الإخوان، فأطاح به جمال عبد الناصر، وحدد إقامته.
30 عاما قضاها مع أسرته تحت الاقامة الجبرية ومنع السفر تم منعه من الخروج أو مقابلة أي شخص من خارج أسرته حتى أنه ظل لسنوات عديدة يغسل ملابسه بنفسه، نتيجة حرمانه من الاتصال بأى شخص.
وفي عام 1952 وصعت مجلة التايم صورته علي غلاف عدد سبتمبر وكتبت أسفلها رجل مصر نجيب.
كما رحل اثنان من أبناؤه وهو علي قيد الحياة فكان مصيرهما مأساويا فقد عمل أحد أبنائه سائق عربة أجرة "تاكسى"، وتشرد أبناؤه الباقون.وفي عام 1968 لقي مصرع أحد أبنائه في ألمانيا بعد أن مارس نشاطات مكثفة ضد اليهود وممارساتهم في حق الشعب الفلسطينى، وعانى أمراض الشيخوخة، ودخل في غيبوبة لمدة أيام، ثم توفى في 28 أغسطس 1984.