نشرت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن كواليس النقاشات التي تدور في أروقة وزارة الداخلية الفرنسية حول الإسلام، والإجراءات التي تنوي السلطات الفرنسية اتخاذها للحد من نشاطات بعض المؤسسات الإسلامية.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنّ وزير الداخلية الفرنسي المكلف بدور العبادة، يستعد للإعلان عن مجموعة من القرارات التي تهدف إلى إعادة هيكلة "تركيبة الإسلام في فرنسا".
وذكرت الصحيفة أن وزير الداخلية الفرنسي، برنار كازانوف، سيجتمع بدوره اليوم الثلاثاء بمجموعة من المسئولين رفيعي المستوى في الحكومة الفرنسية، بهدف مناقشة الإجراءات التي ستتخذها فرنسا، فيما يتعلق بتمويل المساجد وتدريب الأئمة بهدف "ترويض الإسلام في فرنسا".
وأضافت الصحيفة أن الجهود المكثفة التي تقودها الدولة الفرنسية في الآونة الأخيرة؛ تعطي لمحة عن هذه الديناميكية السياسية التي يخطط لها في أروقة وزارة الداخلية.
وعلى حد تعبير الصحيفة، فإن الاجتماعات التي يتم عقدها على مستوى محلي ضمن مخطط وزارة الداخلية الفرنسية لمواجهة الفكر المتطرف، هي عملية "سياسية حساسة للغاية".
وأشارت الصحيفة إلى أن دومينيك دو فيلبان، الذي خلف ساركوزي على رأس وزارة الداخلية الفرنسية، أنشأ في سنة 2005 "مؤسسة أعمال الإسلام".
وتمثلت مهمة هذه المؤسسة عند ظهورها في التحكم ومراقبة تمويل المساجد الكبرى في فرنسا، حيث أعلنت باريس عن نجاح هذه التجربة، بينما أثبتت كل المؤشرات الواقعية فشلها.
وأضافت الصحيفة أنّ الهجمات الإرهابية المتكررة التي استهدفت فرنسا في الأشهر الأخيرة، فضلا عن الجدل الذي أثاره انتشار الفكر المتطرف بين شباب فرنسا المسلم؛ دفع وزارة الداخلية الفرنسية والمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، إلى الدخول في جدل حول أساليب مكافحة الإرهاب والتطرف.
كما أثار هذا الموضوع جدلا قانونيا عقيما، خاصة بعد أن تمسكت وزارة الخارجية الفرنسية بموقفها الذي يعتبر أن "فرض رقابة على التمويلات الإسلامية في فرنسا أمر ضروري لمواجهة المتطرفين الإسلاميين"، على حد تعبيرها.
وذكرت الصحيفة أن هذه المشاورات الحثيثة داخل أروقة وزارة الداخلية الفرنسية، ستؤدي إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات التي تمس الجالية المسلمة، ومن بينها حل مؤسسة أعمال الإسلام، وتعويضها بمؤسسة "إسلام فرنسا"، التي لن تكون مهمتها الرئيسية مرتبطة بمراقبة تمويلات المؤسسات الإسلامية الفرنسية.
وفي حواره مع صحيفة "لاكروا" الفرنسية، ذكر وزير الخارجية الفرنسية، برنار كازانوف، أن "الوظيفة الرئيسية لهذه المؤسسة تتمثل في مساعدة ودعم المؤسسات الإسلامية التي تمثل ثاني أكبر ديانة في فرنسا". كما أن هذه الهيئة الجديدة هي مؤسسة تجسد "مبدأ الشراكة بين الجمهورية والمسلمين في فرنسا".
وذكرت الصحيفة أنّ المؤسسة ستركز نشاطاتها على الجانب الثقافي بهدف تشجيع "الإسلام المعتدل" بما يتماشى نسبيا مع قيم فرنسا، وذلك من خلال الترويج للثقافة الإسلامية في الجامعات والمدارس الفرنسية. ويتمثل الهدف الرئيسي لهذه المبادرة في تولي الدولة مسؤولية التعريف بالإسلام، عوضا عن الجماعات الإسلامية المتطرفة التي تتبنى الترويج للإسلام، بين فئات المجتمع الفرنسي.
وأضافت الصحيفة أن جيب بيار شيفمون، يعتبر من بين المرشحين بقوة لرئاسة المؤسسة الجديدة التي ستقوم بإحداثها وزارة الداخلية الفرنسية، وقد علّق شيفمون على هذا الخبر قائلا إنّ "التحدي المتمثل في إنشاء إسلام فرنسي جمهوري يبدو واضحا، لكنه يبقى ممكنا".
وذكرت الصحيفة أنّ وزارة الداخلية الفرنسية ستعطي أيضا لمؤسسة أخرى تم إنشاؤها حديثا، صلاحيات مراقبة تمويلات المساجد الكبرى في فرنسا، وتكوين الأئمة. وسوف تعمل هذه المنظمة، التي تحمل اسم "الجمعية الدينية"، على مستوى وطني يغطي كل المساجد الفرنسية.
وقد تحدث شيفمون عن الإطار الذي يحدد العلاقة بين المؤسسة والجمعية، وأضاف "أن المؤسسة التي تخدم المصلحة العامة، يجب أن تحترم مبادئ العلمانية، وتقتصر مسؤوليتها على الجوانب الثقافية والتعليمية والاجتماعية".
ويواصل: "بالنسبة لتكوين الأئمة، فإنها لا تتصرف ضمن إطار قانوني ومدني، بينما يخرج كل ما هو ديني عن نطاق صلاحياتها، ولذلك قامت وزارة الداخلية الفرنسية بإحداث جمعية تعنى بكل ما هو ديني، فيما يتعلق بتمويل المؤسسات الدينية وتكوين الأئمة، وفقا لما يضبطه قانون 1905".
وعبّر شيفمون عن موقفه من التمويلات الأجنبية للمؤسسات الدينية الإسلامية مؤكدا رفضه السماح لهياكل أخرى بتمويل المساجد الفرنسية، مؤكدا أنّ "هناك موارد كافية في فرنسا".
وقالت الصحيفة إنّ وزارة الداخلية الفرنسية ستعلن رسميا عن بدأ العمل ضمن الهيكل الجديد خلال الأيام القليلة القادمة، وستقوم بعد ذلك بعقد اجتماعات محلية دورية في مختلف المدن الفرنسية؛ تجمع ممثلين عن الجالية المسلمة، ورجال دين، وخبراء، بهدف تبادل الآراء حول تركيبة الهيكل الجديد.