مختار محمود يكتب..زعيم القرآنيين والقرضاوى: زواج المسلمة من غير المسلم "حلال.. حلال".. وأحمد الطيب: رباط ديني في الإسلام يقوم على المودة وليس مجرد عقد مدني

كتب :

رغم إجماع المذاهب الفقهية الإسلامية على تحريم زواج المسلمة من غير المسلم، كما أسلفنا، إلا أن الوضع بالنسبة للمسلمات اللاتي يعشن في الغرب مختلف، ومن العربيات المسلمات المهاجرات "سواء من الجيل الأول أو الثاني" من تدير ظهرها لتلك الفتاوى وتقبل الزواج من غير دينها متحملة بذلك صعابا اجتماعية شديدة.

قبل عامين تقريبا.. نشرت صحيفة "الحياة" اللندنية، تقريرا مطولا عن زواج مسلمات من غير مسلمين بدول غربية زواجا مدنيا، وبدا أن التقرير يرغب فى الترويج لهذه الظاهرة، خاصة أن جميع السيدات اللاتى التقت بهن الصحيفة أجمعن على أن تجاربهم "أى الزواج من غير مسلمين"، كانت فى مجملها جيدة وإيجابية وجديرة بالاهتمام، لا سيما أن بطلات تلك التجارب لم يتحدثن عن معاملة سيئة من أزواجهن أو ضربهن ضربا مبرحا أو أكل حقوقهن، كما يفعل الأزواج المسلمون مع زوجاتهم، واللافت إلى أن الصحيفة نوهت إلى فتوى الدكتور يوسف القرضاوي، التى أجاز فيها للمسلمة الغربية أن تبقى مع زوجها غير المسلم لتيسير أوضاعهن الاجتماعية التي قد تنشأ عن التفريق بينهن وبين أسرهن.

تزامن مع هذا التقرير خبر نشرته وكالة أنباء الشرق الأوسط جاء نصه كالتالى: " صرح وزير مفوض رجائي نصر، نائب مساعد وزير الخارجية للشئون القنصلية لإرشادات السفر، بأن سفارتنا في بيروت لاحظت مؤخرا زيادة حالات الزواج المدني لمواطنات مصريات مسلمات من مواطنين لبنانيين مسيحيين، ومن ثم تقدم البعض للقسم القنصلي لتوثيق عقود الزواج المدنية هذه، حيث ترفض السفارة توثيق مثل هذه العقود لتعارضها مع القانون المصري"، وفى هذا الموضع، يشار إلى أن الإعلامية المصرية وفاء الكيلانى "وهى مسلمة"، تزوجت قبل سنوات من إعلامى لبنانى مسيحى يدعى "طونى ميخائيل"، وأثمر الزواج طفلين، ولكنهما انفصلا مؤخرا.

ولم يشأ زعيم تيار القرآنيين الهارب إلى الولايات المتحدة الأمريكية الدكتور أحمد صبحى منصور، أن يفوت تلك الإشكالية من دون أن يدلى فيها بدلوه، حيث نشر بحثا مطولا على موقعه، وتداولته كثير من المواقع الإلحادية أو التى تكره الإسلام بالسليقة، وانتهى "منصور" فى بحثه إلى أنه لا مانع من تزويج غير المسلم من المسلمة.

استند "صبحى" فى حيثيات الإباحة إلى قول الله تعالى فى سورة "المائدة": " الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ".

ونوه "صبحى" إلى أن سورة المائدة من أواخر ما نزل من القرآن، وقبلها كانت حروب بين المسلمين والمعتدين من بعض أهل الكتاب والذين سماهم القرآن الكريم: " اليهود و النصارى"، ومنع المسلمين من موالاتهم والتحالف معهم وهم فى حالة حرب مع الدولة الاسلامية فى عهد النبى محمد عليه السلام، وكان المنافقون يتحالفون مع أولئك اليهود والنصارى فقال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ"، ولأنه تشريع خاص بزمانه ومكانه فقد قال تعالى عن أولئك المنافقين :َ "تَرى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ"، وأولئك اليهود والنصارى كانوا من قبائل العرب التى تشابهت عقائدها بما يقطع بأن أولئك اليهود الذين تحدث عنهم القرآن لا علاقة لهم بمن نسميهم اليوم اليهود الذين لا يعرفون عبادة "عزير" و تاليهه، يقول تعالى " وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ "، وبذلك التحالف السياسى الذى كان بينهما و التشابه العقيدى فقد كانوا صفا واحدا ضد المسلمين ، يقول تعالى " وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ"، أى احتكروا لأنفسهم الجنة، وكانوا يودون أن يتبعهم المسلمون فى عقائدهم وملتهم: "(وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ"، وكانوا يتمنون عودة المسلمين الى الجاهلية السابقة " وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" 

وبعد هذا السرد، يقول الأستاذ المطرود من جامعة الأزهر بسبب شططه: "نفهم كيف أحل الله تعالى ـ بعد توطد الأمن ـ إقامة علاقات الزواج والطعام بين المسلمين وأهل الكتاب بعد أن وصف المعنيين من أهل الكتاب ـ أو حدد المقصودين منهم بالايمان، والايمان المطلوب هو بمعنى الأمن والأمان حسب التعامل الظاهرى ، أى بنفس معنى الاسلام الظاهرى بمعنى السلام ، وبالطبع فطالما قال تعالى ( اليوم ) فقد كان ذلك ممنوعا بسبب وجود شقاق وحروب بين المسلمين وأهل الكتاب مرجعه وجود أولئك المعتدين ضمن أهل الكتاب والذين سماهم القرآن باليهود والنصارى، ويلفت النظر إلى أن أولئك الذين سماهم القرآن "اليهود والنصارى" أمر عمر بن الخطاب فيما بعد باخراجهم من الجزيرة العربية خصوصا اليمن ونجران فتحايلوا باظهار الاسلام، وهم الذين تسببوا فى الكيد للمسلمين فى موقعة الجمل وصفين، وهم أرباب فرقة التشيع "رائدهم عبد الله بن سبأ" وأرباب ما يعرف بالسنة "كعب الأحبار استاذ ابى هريرة ، ووهب بن منبه وأخوه وقبلهم ابن سلام ".

يقول "صبحى" إن مصطلح "المحصنة المؤمنة" يعنى "العفيفة المسالمة"، فلا يجوز الزواج من الزانية المصممة على عدم التوبة من الزنا ـ كما لا يجوز الزواج من غير المؤمنة المسالمة اى المحاربة ـ أو بتعبيرنا الارهابية، وتلك شروط تسرى على المسلمين وأهل الكتاب من الرجال و النساء، وينتهى زعيم القرآنيين فى بحثه إلى أن "كل إنسان مسالم فهو مسلم وكل إنسان مأمون الجانب يأمنه الناس فهو مؤمن، ويجوز الزواج منه وتزويجه بغض النظر عن العقائد التى قد تأجل الحكم فيها لله تعالى يوم القيامة، ومن ثم فإنه يجوز وطبقا لما أسماه "عدل الإسلام"، للمسلمة المؤمنة أن تتزوج من أهل الكتاب طالما كان مثلها مسالما مامون الجانب ، وكما يجوز لنا أن نأكل من طعامهم ويأكلون من طعامنا فانه يجوز لهم الزواج من بناتنا بنفس حقنا فى الزواج من بناتهم .

اللافت أن زعيم القرآنيين تحدث فى مقابلات أخرى أكد فيه أنه يدير مركزا فى الولايات المتحدة يقوم بتزويج المسلمات من غير المسلمين زواجا مدنيا، واصفا تجاربهم بأنها تخلو من كثير مما يشوب الزيجات الاعتيادية بين مسلمين ومسلمات... 

ما تم طرحه فى هذا الشأن، لم يرق لكثير من المتخصصين من أهل العلم الدينى الذين أجمعوا على أن هؤلاء الباحثين يتحدثون بدون وعى أو فهم فى أمور الدين، ويخوضون بلا علم فيما لا يفقهون، ويناقشون فى خفة أمورا ليسوا أهلا لمناقشتها، ودفعوا بأن قوله تعالى : "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم، ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم، أولئك يدعون إلى الناروالله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون "، بأنه جاء عاما في نهي كل مسلم عن نكاح المشركات والنهي عن إنكاح المسلمات للمشركين ، سواءً كانوا يهوداً أو نصارى أو مجوساً أو وثنيين، ثم أتت آية المائدة بإباحة نساء أهل الكتاب "خاصة" بقوله تعالى: " الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ"، ولم تأتِ آية بإباحة نساء المسلمين لأهل الكتاب.رغم إجماع المذاهب الفقهية الإسلامية على تحريم زواج المسلمة من غير المسلم، كما أسلفنا، إلا أن الوضع بالنسبة للمسلمات اللاتي يعشن في الغرب مختلف، ومن العربيات المسلمات المهاجرات "سواء من الجيل الأول أو الثاني" من تدير ظهرها لتلك الفتاوى وتقبل الزواج من غير دينها متحملة بذلك صعابا اجتماعية شديدة.

قبل عامين تقريبا.. نشرت صحيفة "الحياة" اللندنية، تقريرا مطولا عن زواج مسلمات من غير مسلمين بدول غربية زواجا مدنيا، وبدا أن التقرير يرغب فى الترويج لهذه الظاهرة، خاصة أن جميع السيدات اللاتى التقت بهن الصحيفة أجمعن على أن تجاربهم "أى الزواج من غير مسلمين"، كانت فى مجملها جيدة وإيجابية وجديرة بالاهتمام، لا سيما أن بطلات تلك التجارب لم يتحدثن عن معاملة سيئة من أزواجهن أو ضربهن ضربا مبرحا أو أكل حقوقهن، كما يفعل الأزواج المسلمون مع زوجاتهم، واللافت إلى أن الصحيفة نوهت إلى فتوى الدكتور يوسف القرضاوي، التى أجاز فيها للمسلمة الغربية أن تبقى مع زوجها غير المسلم لتيسير أوضاعهن الاجتماعية التي قد تنشأ عن التفريق بينهن وبين أسرهن.

تزامن مع هذا التقرير خبر نشرته وكالة أنباء الشرق الأوسط جاء نصه كالتالى: " صرح وزير مفوض رجائي نصر، نائب مساعد وزير الخارجية للشئون القنصلية لإرشادات السفر، بأن سفارتنا في بيروت لاحظت مؤخرا زيادة حالات الزواج المدني لمواطنات مصريات مسلمات من مواطنين لبنانيين مسيحيين، ومن ثم تقدم البعض للقسم القنصلي لتوثيق عقود الزواج المدنية هذه، حيث ترفض السفارة توثيق مثل هذه العقود لتعارضها مع القانون المصري"، وفى هذا الموضع، يشار إلى أن الإعلامية المصرية وفاء الكيلانى "وهى مسلمة"، تزوجت قبل سنوات من إعلامى لبنانى مسيحى يدعى "طونى ميخائيل"، وأثمر الزواج طفلين، ولكنهما انفصلا مؤخرا.

ولم يشأ زعيم تيار القرآنيين الهارب إلى الولايات المتحدة الأمريكية الدكتور أحمد صبحى منصور، أن يفوت تلك الإشكالية من دون أن يدلى فيها بدلوه، حيث نشر بحثا مطولا على موقعه، وتداولته كثير من المواقع الإلحادية أو التى تكره الإسلام بالسليقة، وانتهى "منصور" فى بحثه إلى أنه لا مانع من تزويج غير المسلم من المسلمة.

استند "صبحى" فى حيثيات الإباحة إلى قول الله تعالى فى سورة "المائدة": " الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ".

ونوه "صبحى" إلى أن سورة المائدة من أواخر ما نزل من القرآن، وقبلها كانت حروب بين المسلمين والمعتدين من بعض أهل الكتاب والذين سماهم القرآن الكريم: " اليهود و النصارى"، ومنع المسلمين من موالاتهم والتحالف معهم وهم فى حالة حرب مع الدولة الاسلامية فى عهد النبى محمد عليه السلام، وكان المنافقون يتحالفون مع أولئك اليهود والنصارى فقال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ"، ولأنه تشريع خاص بزمانه ومكانه فقد قال تعالى عن أولئك المنافقين :َ "تَرى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ"، وأولئك اليهود والنصارى كانوا من قبائل العرب التى تشابهت عقائدها بما يقطع بأن أولئك اليهود الذين تحدث عنهم القرآن لا علاقة لهم بمن نسميهم اليوم اليهود الذين لا يعرفون عبادة "عزير" و تاليهه، يقول تعالى " وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ "، وبذلك التحالف السياسى الذى كان بينهما و التشابه العقيدى فقد كانوا صفا واحدا ضد المسلمين ، يقول تعالى " وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ"، أى احتكروا لأنفسهم الجنة، وكانوا يودون أن يتبعهم المسلمون فى عقائدهم وملتهم: "(وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ"، وكانوا يتمنون عودة المسلمين الى الجاهلية السابقة " وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"

وبعد هذا السرد، يقول الأستاذ المطرود من جامعة الأزهر بسبب شططه: "نفهم كيف أحل الله تعالى ـ بعد توطد الأمن ـ إقامة علاقات الزواج والطعام بين المسلمين وأهل الكتاب بعد أن وصف المعنيين من أهل الكتاب ـ أو حدد المقصودين منهم بالايمان، والايمان المطلوب هو بمعنى الأمن والأمان حسب التعامل الظاهرى ، أى بنفس معنى الاسلام الظاهرى بمعنى السلام ، وبالطبع فطالما قال تعالى ( اليوم ) فقد كان ذلك ممنوعا بسبب وجود شقاق وحروب بين المسلمين وأهل الكتاب مرجعه وجود أولئك المعتدين ضمن أهل الكتاب والذين سماهم القرآن باليهود والنصارى، ويلفت النظر إلى أن أولئك الذين سماهم القرآن "اليهود والنصارى" أمر عمر بن الخطاب فيما بعد باخراجهم من الجزيرة العربية خصوصا اليمن ونجران فتحايلوا باظهار الاسلام، وهم الذين تسببوا فى الكيد للمسلمين فى موقعة الجمل وصفين، وهم أرباب فرقة التشيع "رائدهم عبد الله بن سبأ" وأرباب ما يعرف بالسنة "كعب الأحبار استاذ ابى هريرة ، ووهب بن منبه وأخوه وقبلهم ابن سلام ".

يقول "صبحى" إن مصطلح "المحصنة المؤمنة" يعنى "العفيفة المسالمة"، فلا يجوز الزواج من الزانية المصممة على عدم التوبة من الزنا ـ كما لا يجوز الزواج من غير المؤمنة المسالمة اى المحاربة ـ أو بتعبيرنا الارهابية، وتلك شروط تسرى على المسلمين وأهل الكتاب من الرجال و النساء، وينتهى زعيم القرآنيين فى بحثه إلى أن "كل إنسان مسالم فهو مسلم وكل إنسان مأمون الجانب يأمنه الناس فهو مؤمن، ويجوز الزواج منه وتزويجه بغض النظر عن العقائد التى قد تأجل الحكم فيها لله تعالى يوم القيامة، ومن ثم فإنه يجوز وطبقا لما أسماه "عدل الإسلام"، للمسلمة المؤمنة أن تتزوج من أهل الكتاب طالما كان مثلها مسالما مامون الجانب ، وكما يجوز لنا أن نأكل من طعامهم ويأكلون من طعامنا فانه يجوز لهم الزواج من بناتنا بنفس حقنا فى الزواج من بناتهم .

اللافت أن زعيم القرآنيين تحدث فى مقابلات أخرى أكد فيه أنه يدير مركزا فى الولايات المتحدة يقوم بتزويج المسلمات من غير المسلمين زواجا مدنيا، واصفا تجاربهم بأنها تخلو من كثير مما يشوب الزيجات الاعتيادية بين مسلمين ومسلمات...

ما تم طرحه فى هذا الشأن، لم يرق لكثير من المتخصصين من أهل العلم الدينى الذين أجمعوا على أن هؤلاء الباحثين يتحدثون بدون وعى أو فهم فى أمور الدين، ويخوضون بلا علم فيما لا يفقهون، ويناقشون فى خفة أمورا ليسوا أهلا لمناقشتها، ودفعوا بأن قوله تعالى : "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم، ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم، أولئك يدعون إلى الناروالله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون "، بأنه جاء عاما في نهي كل مسلم عن نكاح المشركات والنهي عن إنكاح المسلمات للمشركين ، سواءً كانوا يهوداً أو نصارى أو مجوساً أو وثنيين، ثم أتت آية المائدة بإباحة نساء أهل الكتاب "خاصة" بقوله تعالى: " الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ"، ولم تأتِ آية بإباحة نساء المسلمين لأهل الكتاب.

كما لم يفت هؤلاء أن يسترشدوا بإجابة شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب على أحد أعضاء البرلمان الألماني الذى سأله عن سر منع الإسلام زواج المسلمة بغير المسلم، حيث أجاب فضيلته: “الزواج في الإسلام ليس عقدًا مدنيًا كما هو الحال عندكم، بل هو رباط ديني يقوم على المودة بين طرفيه، والمسلم يتزوج من غير المسلمة كالمسيحية مثلا؛ لأنه يؤمن بعيسى عليه السلام، فهو شرط لاكتمال إيمانه، كما أن ديننا يأمر المسلم بتمكين زوجته غير المسلمة من أداء شعائر دينها، وليس له منعها من الذهاب إلى كنيستها للعبادة، ويمنع الزوج من إهانة مقدساتها؛ لأنه يؤمن بها؛ ولذا فإن المودة غير مفقودة في زواج المسلم من غير المسلمة، بخلاف زواج المسلمة من غير المسلم، فهو لايؤمن برسولنا محمد، ودينه لا يأمره بتمكين زوجته المسلمة -إن تزوجها- من أداء شعائر الإسلام أو احترام مقدساتها؛ لأن الإسلام لاحق على المسيحية؛ ولذا فهو يؤذيها بعدم احترام دينها والتعرض لرسولها ومقدساتها، ولذا فإن المودة مفقودة في زواج المسلمة من غير المسلم؛ ولذا منعها الإسلام”، ورغم وجاهة إجابة شيخ الأزهر الشريف، التى وصفها البعض بـ"العبقرية والتاريخية"، رغم أنها موجودة فى كتب الأقدمين، إلا أن كثيرا من المسلمين لا ينطبق عليهم ما أورده فضيلته من نُبل الخصال وكريم الصفات، ولو أن فضيلته اطلع مثلا على تقارير محكمة الأسرة الدورية، أو طالع صفحات الحوادث فى الصحف السيارة، لتبين له أن كثيرا من المسلمين يرتضون الخسة فى دينهم، ولا يحافظون على نسائهم، بل قد يتاجرون فى أعراضهن طوعا أو كرها، كما إن جميع قضايا تبادل الزوجات مثلا، كان أبطالها، بكل أسف، مسلمين، ما يعنى أن الدفع بأفضلية المسلم على ما سواه لا يجب التعويل عليها فى مناقشة هذه الإشكاليات، وقد يكون الأيسر على شيخ الأزهر الشريف ومن يقدسون القديم، وينفرون من تجديد الفقه الدينى أن يقولوا للناس: "لا تجادلوا ولا تناقشوا.. هذه قواعد فقهية التزموا بها ونفذوها على عواهنها دون تعقيب".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً