سؤالي الذى لا يفارق مخيلتى أبدا بعد كل موقف يمر بي فيما يخص شئون القلوب والخواطر، "ماهو الحب؟"، كلما يتقدم بي العمر أِشعر وكأنه يقترب من السهل المستحيل وإجابته مع مرور الأيام تزداد صعوبة ويزداد صعوبة توافرها كاملة.
تأتي إجابتى دائما عفوية كفتاة صغيرة تشاهد الدنيا من وراء سور التجربة "الحب هو أن يكتفي بها ولا يكتفى منها، أن يجعلها منها تاجا على رأسه ورأس كل من حولها، أن لا يجعلها تصل لمرحلة الغيرة أبدا فالملوك لا تَغار بل يُغار منها فقط، أن يكون ملاذها وسندها، أن تصل معه لدرجة الثقة الكاملة أنه إن اجتمع عليها أرض جميعا فسيكون هو جيشها في وجه كل من يريد بها سوء"، ولكن بعد أن نضجت وجدت أن تلك الإجابة لا ترضي نضوجي ولا عدد أيام عمري.. فالحب أن يكون لها "أبيها الذى لم ينجبها"، أبيها الذى لايمكن أن يتخلى عنها، إن جاءته بقراب الدنيا خطايا آتها بقراب الدنيا سماح وحب، أبيها الذي لن يفرط بها وإن كانت الأسوأ من بين الجميع أبيها الذى لايريد أن يكون هناك شخصا ناجحا على وجه الأرض غيره إلا هى فهو سندها وطريقها حين تضل بها السبل، أبيها يجب أن يكون أبيها وإلا كيف ستظل فتاته الصغيرة التى مهما بلغت من العمر لا تكبر فعينيه، أبيها الذى لايبخل عليها بعمره قبل وقته، أبيها فقط هو الذى لو طلبت منه نجمة من السماء جاء لها بالقمر بين كفيه"... قد يكون هذا هو الحب...
ومرات كثيرة حين أسأل نفسى عن الحب وماهيته يستحضر عقلي سيدي رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه وعلاقته بزوجته السيدة العائشة، فقد كان يحب السيدة عائشة رضوان ربي عليها، كان لايسيتحي من أن يشهر حبه لها على الملأ، فحين سُئل من أحب الناس إليك لم يخجل من ذكر اسم زوجته، لم تمنعه نبوته ولا مكانته، لم يمنعه أي شيء من أن يقولها مفتخرا .." عائشة " وحين سئل ومَن مِن الرجال ؟ قال أبوها، صلوت ربي وسلامه عليك ياسيدى يارسول الله، ذكرها مرتين مرة باسمها ومرة باسم أبيها كي يؤكد على حبها في قلبه، ليس هذا فحسب بل كان لايترك موقف إلا ويؤكد على حبه لها ليريح قلبها ويعلمها بمكانتها عنده... كان يقول لها "حبك كالعقدة في الحبل"، فكانت كلما مرت عليه تقول له "كيف حال العقدة يارسول الله؟ فيقول لها على حالها" كانت تضحك أظن حينها أن الذي كان يضحك حقا هو قلبها، كان الرسول صل الله عليه وسلم زوجا محبا حنونا لأبعد الحدود، ففي يوم حدث خلاف بينه وبينها، فقال لها من ترضين بيني وبينك .. أترضين بعمر؟ قالت: لا أرضي عمر قط "عمر غليظ"، قال أترضين بأبيك بيني وبينك؟ قالت: نعم، فبعث رسول الله رسولاً إلى أبي بكر فلما جاء قال الرسول : تتكلمين أم أتكلم؟ قالت: تكلم ولا تقل إلا حقا، فرفع أبو بكر يده فلطم أنفها، فولت عائشة هاربة منه واحتمت بظهر زوجها النبي، حتى قال له رسول الله: أقسمت عليك لما خرجت بأن لم ندعك لهذا.
فلما خرج قامت عائشة فقال لها الرسول: أدني مني؛ فأبت؛ فتبسم وقال: لقد كنت من قبل شديدة اللزوق (اللصوق) بظهري – إيماءة إلى احتمائها بظهره خوفًا من ضرب أبيها لها -، ولما عاد أبو بكر ووجدهما يضحكان قال: أشركاني في سلامكما، كما أشركتماني في دربكما". .. لك أن تتخيل كيف يكون رجل بعثه الله خاتما للرسول والنبيين يسمح لزوجته أن تعبر عن غضبها ولم يسمح لأبيها وصديقه أن يضربها، تخيل أي رجل هذا يجعل زوجته تحتمي وراء ظهره من أبيها، إن لم يكن هذا هو الحب فكيف يكون ...
قد يكون الحب هو أمي حين كنت صغيرة وانقطع التيار الكهربائى وكالعادة أنا المعترضة فقلت لها ما هذا فلن أشاهد حلقة المسلسل .. ضحكت لي وقالت " عاوزة النور يجي قولي يارب بابا يجي بابا لما يجي بيجيب معاه النور".. فنظرت لها بضيق أمى أنتى دائما تدخلى بابا فكل شيء، ولكن أن يصل للكهرباء فهذا كثير كثير حقا.. ضحكت بشدة وقالت"جربي وشوفى" ثقتها هذه جعلتنى أدعو الله بشده أن يأتى أبي.. ولكن حدث ما لم أتوقعه جاء أبي بعدها بنصف ساعة وعندما أغلق خلفه الباب عاد التيار الكهربي... ما دمت حيه لن أنسى ذلك الموقف كيف لأمى أن تربط أبي بالنور أمى التى لم تفضل أحدا على أبي مهما حدث فهو الأول والأهم ... قد يكون هذا هو الحب حقا، وقد يكون أبي الذى بعد وفاة أمي بما يقرب من عشرة أعوام إلا إنه مازال يذكر كل مواقفهما سويا ويتحدث عنها دائما أرى في عينيه حين يتحدث عن أمى لمعة غريبة .. قد يكون هذا نوعا آخر من الحب..
.... منذ عدة أيام كنت أشاهد الفيلم الأجنبي "كينج كونج" أو كما اسميه الوحش الذي احب الجميلة، بالرغم من كونه وحشا وكان من الممكن أن يقضي عليها في أي لحظة حين غضب منها، لكنه حين شعر أنها لاترغب في الوجود معه تركها تهرب ولكن حين وقعت في شرك الدينصورات، وكادوا أن يفتكوا بها ظهر فجأة ودافع عنها دفاعا مستميتا وكأن روحه سوف تفارقه إن لحقها أذى، أثناء المعركة وجدت ملامح الجميلة تبدلت بعد أن كانت تخشاه وتنفر منه أصبحت تحتمي به فكان ملاذها، حتي بعد أن أنقذ حياتها تركها ومشى، لا أعلم هل لأنه مازال غاضبا منها لأنها رفضت الوجود معه أم لأن مهمته إنقذها .. ولكن الغريب حين لحقت به وجرت وراءه لم يؤنبها أو يشعرها أنها أخطأت في حقه بل في مشهد يوفق الوصف والجمال أخذها على كتفه وكأن شيء لم يكن... تذكرت وقتها أم كلثوم حين قالت "الحب كده وصال ودلال ورضا وخصام..وأهو من ده وده مش عاوزة كلام".
نداء من قلب العاصمة إلى كل بنات الكوكب قد أكون خصصتكم بالنداء لأنكم الأهم عندى.. الحب قد يكون له عدة معاني ولكن كلها تدور في نطاق إزهارك نعم إن لم تُزهري وتكونى في أروع حالاتك فما أنتي فيه ليس بالحب، الحب أن تبكى من فرط السعادة معه وليس حزنا أو خزلانا أو إهمالا قد يكون هذا هو الحب.