تحل اليوم ذكرى أحداث 11 سبتمبر، الذكرى هلت ومعها تهديدات جديدة للولايات المتحدة الامريكية من قبل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، والذي بث فيديو حديثا له أكد أن الجهاد والدعوة هما طريق الخلاص مضيفا: "طالما استمرت جرائمكم، ستتكرر أحداث الحادي عشر من سبتمبر آلاف المرات".
فاليوم هي الذكري 15 لأحداث الهجمات الإرهابية علي برجي التجارة العالمية والتي خلفت العديد من الضحايا، وسيظل الثلاثاء 11 سبتمبر يوما مشهودا في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية والعالم، فالدقائق التي اختطفت فيها الطائرات المدنية واصطدمت ببرجي مركز التجارة العالمي وجزء من مبنى وزارة الدفاع، والأيام الأولى للحدث كلها أوقات ووقائع لا تنسى ولا تمحى من ذاكرة الشعب الأمريكي التي سعى بعدها مباشرة إلى محاربة الإرهاب، على الرغم من مرور 15 عاما على 11 سبتمبر التي شهدتها الولايات المتحدة والتي راح ضحيتها 2973 ضحية و24 مفقودا إضافة إلى آلاف الجرحى والمصابين إلا أن العالم ما زال حائرا "من المتسبب في هذه الأحداث؟".
بعض التقارير أشارت إلى أن تنظيم القاعدة هو المسئول عنها والبعض الآخر رأى أنها مجرد حادث مخطط من المخابرات والحكومة الأمريكية من أجل إيجاد مبرر أمام الكونجرس من أجل شن حرب على أفغانستان والعراق.
ففي أحد التقارير الفرنسية المنشورة على موقع "بي فولتر" ذكر فيه أن "ملايين من الأمريكيين لا يؤمنون برواية الحكومة الأمريكية لما حدث في 11 سبتمبر" وذكر تقرير الكاتب الفرنسي كريستوف سيرفان "أن استطلاع رأي للأمريكيين في 2006 أظهر حقيقة لم ترق للحكومة الأمريكية حينها ولذلك كان ذلك آخر استطلاع رأي للأمريكيين حول 11 سبتمبر وبقي الحديث في الهجوم على أمريكا أمرا مسكوتا عنه أو لا يجوز الخوض فيه كثيرا والاكتفاء فقط بالرواية الرسمية لإدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن"، وذكر الكاتب أنه على ما يبدو أن حقيقة ما حدث حاولت إدارة بوش الاكتفاء برواية واحدة له من دون الخوض في تفاصيل، ويعتبر أن الرواية الرسمية مشكوك فيها.
أما عن آخر استطلاع رأي للأمريكيين حول 11 سبتمبر والذي يعود إلى 2006، ووفقا لتقرير صحيفة "نيويورك تايمز" و"سي بي اس نيوز" أيضا، فإن 16 % فقط من الأمريكيين يعتقدون أن الإدارة الأمريكية في عهد بوش الابن قالت الحقيقة حول هجمات 11 سبتمبر، و53 % يعتقدون أن الحكومة تخفي شيئا، و29 % ممن استطلع رأيهم عموما يعتقدون أن الرواية الرسمية خرافة.
ومن المعروف ان الولايات المتحدة الامريكية ظلت تدعم أنظمة الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط على الرغم من تشدقها بمحاربة الإرهاب كما ادّعت، السياسة الأمريكية ظلت في وجه باراك أوباما القبيح تدعم الجماعات الإرهابية حتى آخر لحظة، نظرا لأنها رأت أن تلك الجماعات هي الداعم الوحيد لرؤيتها الجديدة في بناء شرق أوسط جديد.
"أوباما" الوجه الذي ابتسم العرب من وصوله إلى البيت الأبيض انتهج نفس سياسة الرؤساء السابقين، يسعى إلى تدمير سوريا ودمّر من قبلها ليبيا وأفغانستان وترك العراق خرابة وحاول جاهدا تنفيذ مخططه مع مصر لكنه فشل، فلم يكن نصيب الشعوب العربية أحسن حالا على مدى حكم الرؤساء الأمريكيين خاصة في العصر الحديث، فكل رئيس أتحف الجماهير العربية بكثير من النكسات التي أغرقتهم في الكثير من المشاكل وأزّمت قناعاتهم وأربكت حساباتهم وشوّهت الصورة التي كانوا يأملون أن يروا عليها أمريكا بعيدا عن السوداوية المفرطة التي طبعت علاقة أمريكا بسكان العالم العربي.
كل رئيس أمريكي يجتهد في الإخلاص لإسرائيل ويفعل المستحيل لتقزيم الدور العربي والعلاقات العربية حتى لا تتأثر أمريكا أو تشعر بالضيق والإحراج أو المهانة، ففي عهد رونالد ويلسون ريجان، الرئيس الأربعين للولايات المتحدة الأمريكية من عام 1981 إلى 1989، تم إدراج منظمة التحرير الفلسطينية على قائمة الإرهاب، وإخراجها من لبنان التي دفع فيها ثمنا باهظا بعد تفجير السفارة الأمريكية في بيروت، ثم حاصر ليبيا فقصف طرابلس، ثم تلاه جورج بوش الأب ولم يكن أقل إخلاصا للصهاينة بل كانت إسرائيل ومصالحها تجري في عروقهم مجرى الدم، وبدوره قاد حرب الخليج الأولى التي أعادت الكويت إلى أهلها بعد غزوها من قبل صدام حسين.
وكانت تلك بداية الشرارة في تدمير الخليج وإعادة هيكلته حتى يتماشى مع الرغبة الأمريكية الاستعمارية، بعدها أكمل "بيل كلينتون" ما بدأه "بوش" الأب في تركيع الشرق الأوسط، فقاد الاتفاقيات المذلة بين الفلسطينيين والصهاينة، لكنه بدوره أذاق العرب شيئا من سموم آلته الحربية فقصف السودان بدعوى وجود مصانع كيماوية.
جاء بعده "جورج بوش" الابن الذي أعاد العراق إلى العصور الحجرية وتفنن في نهج سياسة الأرض المحروقة حتى لا تقوم للعرب قائمة، ونبّأ بشرق أوسط جديد خال من كل ما ينغّص صفو الصهاينة بدعوى الحرب على الإرهاب بعد حادثة 11 سبتمبر التي أججت في دواخله نار الحقد والكراهية لكل ما هو عربي، فسن سياسة الانتقام، لكن سياسته اصطدمت بقوة المقاومة التي وقفت سدا أمام طموحاته في لبنان، فكان الفشل الذريع لمشروعه الذي لم يغير خارطة المنطقة كما كان يدّعي.
ترك "بوش" المنطقة العربية على صفيح ساخن لوريثه "باراك أوباما" الذي وعد بسياسة مغايرة تراعي حقوق الفلسطينيين في إنشاء دولة مستقلة، إلا أن وعوده تبخرت بعد اصطدامه بلوبي صهيوني يُكن العداء الكبير لكل ما هو عربي، ويخطط للاستحواذ على المنطقة مستفيدا من تجاربه السابقة، فاستمال دول الخليج البترودولارية إلى صفوفه داعما ماليا قويا، فكانت الاحتجاجات عبر ما يسمى بـ"الربيع العربي" بداية تفتت الدول العربية العريقة الممتدة من تونس إلى اليمن، باستثناءات قليلة لا تشكل إحراجا للسياسة الأمريكية، لم يكتف بهذا القدر ولكنه سعى بكل الوسائل والطرق إلى دعم النظم الحاكمة الإرهابية ليسير بذلك على درب أسلافه مستهدفا آخر قلاع العرب (سوريا) ويدخل في سجل تاريخ العرب باعتباره عدوا جديدا للعرب.