سوريا تسقط طائرة إسرائيلية.. لماذا ردت دمشق على الانتهاكات؟ وهل الأمر استعراض عضلات أم مقدمة لمواجهة مباشرة؟

سوريا تسقط طائرة إسرائيلية

حالة من الشحن والضغط سيطرت في اليومين الماضيين على الأجواء بين سوريا وإسرائيل، على خلفية إعلان سوريا تمكنها من إسقاط طائرة حربية إسرائيلية وطائرة بدون طيار صباح الثلاثاء، بعد ساعات من بدء سريان تنفيذ وقف إطلاق النار.

الرواية الرسمية السورية أعلنتها وكالة الأنباء السورية "سانا"، وجاء فيها أن الطيران الإسرائيلي اعتدى "عند الساعة الواحدة صباح يوم الثلاثاء على أحد مواقعنا العسكرية بريف القنيطرة، فتصدت وسائط دفاعنا الجوي وأسقطت له طائرة حربية جنوب غرب القنيطرة (جنوب) وطائرة استطلاع غرب سعسع (ريف دمشق)" بحسب بيان للجيش السوري نقلته الوكالة.

جيش الاحتلال الإسرائيلي من جانبه رد على بيان الجيش السوري، ونفى ما أعلنته "سانا" لافتا إلى إن صاروخين أرض-جو أطلقا من سوريا على الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل من مرتفعات الجولان، لكن سلامة الطائرة الإسرائيلية لم تمس.

جدير بالذكر أن هذا هو رابع حادث من هذا النوع يحدث خلال تسعة أيام.

انقلاب سوري

المثير للانتباه في هذا الحادث، هو أن الجيش السوري رد أخيرا على الانتهاكا الاسرائيلي لسيادته وأجوائه، وطوال 5 سنوات من عمر الحرب الحاصلة في سوريا، أقدمت إسرائيل على اقتحام الأجواء السورية مرارا وتكرارا دون أي ردع سوري مضاد.

لكن ما حدث هذه المرة كان مختلفا تماما، حيث شن الطيران الاسرائيلي غاراته ردا على اطلاق 4 صواريخ من نوع "مورتر" على هضبة الجولان السورية المحتلة، ثلاثة منها بعد الغارات، وواحد قبلها.

الجيش السوري - على غير العادة- لم يصمت أمام الانتهاك الاسرائيلي لأجوائه، وقام بإطلاق ثلاثة صواريخ من طراز "سام 200" على الطائرات المغيرة على منطقة القنيطرة واسقط اثنتين منها، بحسب بيان الجيش السوري.

لماذا الآن؟

سؤالان ملحان يطرحان أنفسهمها في خضم الحديث عن الحادث، أولهما عن سر هذا الانقلاب المفاجئ في الموقف السوري من الانتهاكات الاسرائيلية، واذنيهما لماذا حدث هذا الانقلاب في هذا التوقيت؟

بعض التفسيرات قالت إن إسرائيل تشعر بالاستياء والقلق من جراء اتفاق الهدنة الذي توصلت اليه الولايات المتحدة وروسيا، وجاء لمصلحة النظام السوري، واكد اليد الروسية العليا في المنطقة بأسرها، ولذلك حاولت ان تعّكر مياهه، وتتحرش بالنظام في دمشق لإحراجه، مطمئنة إلى عدم إقدام جيشه على اي رد، مثلما كان عليه الحال في المرات السابقة.

بعض التحليلات أرجعت هذا الانقلاب في الموقف السوري والانتقال من الصمت ازاء الاهانات الاسرائيلية الى مرحلة الرد، الى اتفاق الهدنة نفسه الذي اطلق يد النظام، وزاد من ثقته بنفسه وقدراته العسكرية، مضيفا الى ذلك استناد النظام الى الحليفين الروسي والايراني وقدراتهما العسكرية الحديثة المتطورة، وخاصة صواريخ "اس 400" الروسية.

السؤال الأهم، والذي لم نجد له إجابة، هو هل ترسخ هذه الحادثة إلى مستقبل جديد مغاير تماما لما اعتدنا عليه طوال السنوات الماضية؟ وهل أراد النظام السوري توجيه رسالة مفادها إن الجواء السورية لن تكون ممرا آمنا للطائرات الحربية الإسرائيلية مستقبلا؟

الصحافة الإسرائيلية تحذر

صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، وصفت صواريخ الجيش السوري بأنها مجرد استعراض عضلات من قبل النظام السوري، وحذرت في الوقت نفسه من سياسة نتنياهو في الرد على القصف السوري مستقبلا.

وقالت الصحيفة في تقرير لها: "على حكومة نتنياهو أن تراجع الآن سياستها وردودها على التعقيد الناتج. ألم يتبلور هنا نمط سلوك، نهايته تعرُّض إسرائيل لخطر أملت عدم التعرّض له؟ وما هي الرسالة التي تحاول الحكومة السورية نقلها، في اليوم نفسه الذي نجحت فيه روسيا في الترتيب لهدنة يُتوقَّع أن تضمن استمرار حكم الدكتاتور السوري لفترة من الوقت؟"

وأضافت: "في بضع حالات في الأسبوع الماضي، ردّ الجيش الإسرائيلي على حوادث كهذه بهجمات جوية على مراكز سورية. وفي الحالة الأخيرة، ردّ السوريون على الهجوم الجوي بإطلاق صواريخ أرض - جوّ. يُعتبَر إطلاق الصواريخ استفزازًا خطيرًا من جانب النظام، لكنه لا يُشير بالضرورة إلى وضع حرِج نتج قرب الحدود، أو إلى مصلحة للأسد بالاصطدام مع إسرائيل. يُرجَّح أكثر أنّ هذا كان عرض عضلات لأهداف إعلامية، وأنّ الإعلان الكاذب للنظام هدفه حماية كرامته مقابل ما يعتبره إذلالًا إسرائيليًّا."

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول: "إطلاق السوريين النار على طائرات إسرائيلية يشكّل استفزازًا من جانب النظام، لكنه لا يدلّ بالضرورة على وضع حرج على الحُدود. إذا تكررت الحادثة، فستنشأ حاجة إلى إزالة الخطر - لذا ليست المواجهة المباشرة مستبعَدة"

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً