قال الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد السعودى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، إن محاربة الإرهاب مسؤولية دولية مشتركة تتطلب تضافر الجهود الدولية على جميع الأصعدة لمواجهته أمنيا وفكريا وماليا وإعلاميا وعسكريا ،مشددا على ان أن ذلك يتطلب التعاون وفقا لقواعد القانون الدولي والمبادئ التي قامت عليها الأمم المتحدة وفي مقدمتها مبدا المساواة في السيادة .
جاء ذلك في كلمة المملكة التي ألقاها ولي العهد السعودي رئيس وفد المملكة في أعمال الدورة السنوية الـ(71) للجمعية العامة للأمم المتحدة والتي بثتها وكالة الأنباء السعودية اليوم الأربعاء.
وأكد ولي العهد إن المملكة تولى أهمية قصوى لمحاربة الإرهاب، مشيرا إلى أنها كانت من أوائل الدول التي عانت من الإرهاب منذ أمد بعيد، حيث تعرضت منذ عام 1992 م إلى أكثر من 100 عملية إرهابية، منها 18 عملية نفذتها عناصر مرتبطة تنظيميا بدولة إقليمية.
وعملت المملكة على إبرام اتفاقية بين الدول العربية لمكافحة الإرهاب قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وخاضت ولا تزال تخوض حربا لا هوادة فيها على التنظيمات الإرهابية .
كما قامت بإصدار أنظمة وإجراءات وتدابير تجرم الإرهاب وتمويله، وانضمت إلى أكثر من 12 اتفاقية دولية، كما أنها وبالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا ترأس مجموعة عمل التحالف لمكافحة تمويل تنظيم داعش، وفي إطار تصحيح الفكر المنحرف أنشأت مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية، كما أصدرت هيئة كبار العلماء فتاوى بتحريم الإرهاب وتمويله ، والانضمام للتنظيمات الإرهابية.
وتابع "إن المملكة هي بلد الحرمين الشريفين، وفيها قبلة المسلمين، ومن أرضها انطلقت تعاليم الإسلام ـ دين السلام ـ الذي يدين به أكثر من مليار وخمسمائة مليون نسمة . وقد كانت من أوائل الدول التي أدانت وشجبت أحداث الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية وعبرت عن تضامنها الكامل مع الولايات المتحدة الأمريكية وسخرت كافة إمكاناتها للمساعدة في تعقب هذه الفئة الإجرامية لاجتثاثها وتخليص العالم من شرورها .
كما تمكنت أجهزة المملكة الأمنية من الكشف عن 268 عملية إرهابية وإحباطها قبل وقوعها ، بما في ذلك عمليات كانت موجهة ضد الدول الصديقة.
وقال ولي العهد "ولقد أثار استغراب المملكة والمجتمع الدولي إصدار قانون في الولايات المتحدة الأمريكية يلغي أهم المبادئ التي قام عليها النظام الدولي وهو مبدأ الحصانة السيادية، مما سيترتب عليه تبعات سلبية بالغة لن يقبل بها المجتمع الدولي" .
وأكد أن محاربة الإرهاب مسؤولية دولية مشتركة تتطلب تضافر الجهود الدولية على جميع الأصعدة لمواجهته أمنيا وفكريا وماليا وإعلاميا وعسكريا مشددا على أن ذلك يتطلب التعاون وفقا لقواعد القانون الدولي والمبادئ التي قامت عليها الأمم المتحدة وفي مقدمتها مبدا المساواة في السيادة.
ونوه بدور التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب ،الذي تم تأسيس مركزه في الرياض من قبل أربعين دولة إسلامية، حيث قدمت له المملكة كافة التسهيلات والدعم اللازم ليقود التحرك الجماعي للدول الأعضاء لمحاربة الإرهاب.
وتعرض ولى العهد السعودى الى القضية الفلسطينية وقال إن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من مآسي يستوجب من المجتمع الدولي اتخاذ كافة التدابير لوقف معاناة هذا الشعب الصامد، مؤكدا أن المبادرة العربية للسلام هي الأساس لإحلال سلام شامل ودائم وعادل في المنطقة بما يمكن الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة ،وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
كما تدين المملكة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على المسجد الأقصى واقتحام ساحاته، وما تقوم به السلطات الإسرائيلية من حفريات تهدد سلامة المسجد الأقصى .
وتناول ولي العهد الأزمة اليمنية وأكد أن المملكة تؤيد بشكل تام مساعي مبعوث الأمين العام للوصول إلى حل سياسي وفقا لقرار مجلس الأمن رقم (2216 ) والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني اليمني . وأشار الى ان المملكة هي أكبر داعم للعمليات الإنسانية في اليمن ووصل ما قدمته المملكة من مساعدات إنسانية وإنمائية إلى 95 دولة ما يقارب 2 0/0 من دخلها، فضلا عن الاهتمام البالغ الذي توليه للعمل الإنساني والذي كان من ثمراته إنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية .
وحول الأزمة السورية .. قال ولي العهد السعودي، إن الصراع في سوريا الشقيقة، الذي خلف مئات الآلاف من الضحايا والمصابين ،وشرد الملايين ،يدعونا جميعا إلى الإسراع في وضع حد لهذه المأساة الفظيعة، التي لم يشهد التاريخ الحديث مثيلا لها، وانه حان الوقت لإيجاد حل سياسي للأزمة يضمن وحدة سوريا ويحافظ على مؤسساتها من خلال تنفيذ مقررات جنيف ( 1 ) .
وبالنسبة للشأن الليبي قال ولى العهد "إننا ندعو الأشقاء إلى السعي لاستكمال بناء الدولة من جديد ،والتصدي للجماعات الإرهابية .
وفيما يتعلق بالوضع في العراق أكدد أهمية الحفاظ على وحدة العراق ، وسلامة أراضيه وتخليصه من جميع التنظيمات الإرهابية ،وشجب أي أعمال تؤدي إلى العنف الطائفي والفرقة .
وأشار ولى العهد الى ماتعرضت له سفارة المملكة لدى طهران وقنصليتها يناير الماضى داعيا السلطات الإيرانية للقيام بواجباتها في هذا الشأن وفق مقتضيات القانون الدولي، وأن تكون علاقة إيران مع دول المنطقة قائمة على حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وإنهاء احتلال الجزر الإماراتية الثلاث .
وأكد ضرورة أن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية، وكافة أسلحة الدمار الشامل، وأهمية تحديد موعد لانعقاد المؤتمر الدولي لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط .
وقال إن المملكة ملتزمة بتعزيز حقوق الإنسان، وحمايتها وضمانها وفقا لمبادئ الشريعة الإسلامية، وتعبر المملكة عن رفضها لاستغلال حرية الرأي في إهانة وازدراء الأديان، وتجدد توصيتها بأهمية تبني قوانين تجرم ذلك .
كما دعا إلى تبني سياسات خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتي يجب أن لا تتحيز ضد أي مصدر من مصادر الطاقة ، وأن يتم النظر إلى هذه المصادر على أنها مكملة ـ وليست بديلا ـ لبعضها بطريقة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة للجميع،مشيرا في هذا الصدد الى أن المملكة استثمرت في تطوير تقنيات جديدة لحجز وفصل الكربون ضمن جهودها للمحافظة على البيئة .
كما نوه بأهمية خطة التنمية المستدامة لعام 2030 التي أقرتها الجمعية العامة العام الماضي ,مشيرا الى ان المملكة أطلقت رؤيتها ( 2030 ) التي تستند إلى المرتكزات الأساسية المتمثلة في العمق العربي والإسلامي والموقع الجغرافي الاستراتيجي والقوة الاستثمارية ،وتهدف الرؤية إلى النهوض باقتصادها ، وإحداث نقلة نوعية في قطاع الطاقة والصناعة والخدمات الصحية والتعليمية والسياحية وغيرها ،مما يحقق زيادة في الصادرات غير النفطية ،وإيجاد بيئة جاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين ،بالإضافة إلى فتح المجال بشكل واسع للقطاع الخاص من خلال تشجيعه ليكون شريكا رئيسا مع الدولة في توفير فرص العمل للمواطنين ،وتقديم الخدمات المتطورة في كافة القطاعات بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم والإسكان .
وقال في ختام كلمته "إن المملكة لن تألوا جهدا في العمل مع المجتمع الدولي في سبيل تحقيق كل ما فيه خير البشرية ،وسوف تستمر في أداء دورها الإنساني والسياسي والاقتصادي ، ودعمها للجهود المتواصلة لإدخال الإصلاحات اللازمة على أجهزة الأمم المتحدة ،وأن المملكة على ثقة أن الأمم المتحدة ستكون قادرة على الاستجابة بفاعلية لتحديات الغد ، ولتنعم الأجيال القادمة بالسلام والأمن والاستقرار والازدهار".