احتفى الشعر العربى بالمرأة، حيث استحوذت مبكرا، على مخيلة الشعراء، وألهبت قرائحهم غزلا، ونسيبا، من فرط لوعةٍ وشوقٍ وحُرقة و فرقةٍ وصبابةٍ وهيامٍ وغرامٍ، وكانت تلك العاطفة الجياشة هى المحرك لدى الكثير من الشعراء، ومن يطالع ديوان الشعر العربى، "يجد ما يسرّه"، ويدرك أن شعراء الصحراء والبادية كانوا يمتلكون "أحاسيس جياشة"، و"رومانسية متدفقة"، يحتار المرأة فى أسرارها وأسبابها، ولكن هناك فريقا آخر، من الشعراء والبُلغاء، "جمع بليغ، والبلاغة من صور الحكمة"، سلك دربا مُغايرا، فازدرى المرأة واحتقرها، وأنزلها أحطّ المنازل، فقال أحدهم: "إياك ومشورة النساء، فإن رأيهن إلى أفن، وعزمهن إلى وهن"، أى: "حُمق وضعف"، واتهمن آخر بالخيانة المطلقة، فنظم:
حلفت لنا أن لا تخون عهودها فكأنها حلفت لنا أن لا تفي
وأوصى ثالث قائلا:
دع ذكرهن فليس لهنّ وفاءُ ريحُ الصبا وعهودهن سواء
ونصح رابع، بمعاملة المرأة كعاملة الثعابين والحيّات، قائلا:
توقّ من غدر النساء خيانة فجميعُهن مكايدُ لك تُنصبُ
لا تأمن الأنثى حياتك إنها كالأفعوان يراغُ منها الأنيبُ
ولا أحد ينسى ما قاله "الحطيئة" فى أمه، عندما نظم قائلا:
تنحي وابعدي مني البعيدا أراح الله منك العالمينا
حياتك ما علمت حيات سوء وموتك قد يسر الصالحينا
وهجا أحدهم زوجته قائلا:
لقد كنتُ مُحتاجا إلى موت زوجتي ولكن قرين السوء باق مُعمر
فياليتها صـــارت إلى قبر عاجلا ويعذبها فــــيه نكيرُ ومُنكرُ
وهجا أحدهم صنف النساء قائلا:
ألا إن النساء حبال غيّ بهنّ يضيعُ الشرفُ التليدُ
وبالغ آخر عندما قال فى وصفهن:
إن النساء متى ما ينهين عن خُلق فإنه واقعُ لا بــدّ مفعولُ
وهجا شاعر بليغ زوجته قائلا:
لها جسمُ برغوثٍ وساقا نعامةٍ ووجهُ كوجه القرد بل هو أقبحُ
وتبرق عينُها إذا ما رأيتها وتعبس في وجه الضجيع وتكلحُ
فما ضحكت في الناس إلا ظننتها أمامهم كلبا يهرُّ وينبحُ
وقيل في نُكران النساء وجحودهن:
لأفئدة النساء هوى جديد ولكن مالهن هوى قديمُ
يزور الحب قلبهن ضيفا على قدر الرحيل فلا يقيمُ
فيما بدا هذا الشاعر عليما ببواطن النساء، كأنه يعيش زماننا، فقال:
فإن تسألوني بالنساء فإنني عليمُ بأدواء النساء طبيبُ
إذا شاب رأس المرء أو قلّ مالُه فليس له في ودّهن نصيبُ
يُردن ثراء المرء حيثُ علمنه وشرخُ الشباب عندهن عجيبُ
وفى السياق ذاته قال آخر: "إذا سمعت عن امرأة، أحبّت فقيرا، فهي مجنونة، أو اذهب لطبيب الأذن، لتتأكد من أذنك".
وحذر آخر من ائتمان النساء على سر، أو الاطمئنان إلى مكرهن، فنظم:
لا تودع السرّ النساء، فما النساءُ أهلٌ لما يودعن من أسرار
كيدُ النساء ومكرهُن مُروعُ لا كان كل مكايد مكاري
وقال أحدهم: "المرأه شرُّ كلُها، وشرُ ما فيها أنه لابدّ منها!!"، فيما تمنى آخر لو أن الله لم يخلق النساء فقال : "لكم كنت أود لو مات آدمُ، وجميعُ ضلوعه في جسده"، وأخيرا.. فأىُّ الفريقين نصدق: المُعظمين من شأن النساء، أم الرافعين لواء احتقارهن وازدرائهن والحطّ من شأنهن؟