قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن روسيا تستغل الأيام الأخيرة لإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لإحكام سيطرة الرئيس السوري بشار الأسد على السلطة في بلاده من خلال توسيع رقعة الأراضي التي يسيطر عليها، ما يحد من الخيارات المتاحة أمام الرئيس الأمريكي المقبل في الاستجابة للحرب الأهلية الدائرة في سوريا.
واستندت الصحيفة على طرحها في هذا الشأن -حسبما ورد على موقعها الألكتروني اليوم الأربعاء- إلى اقوال عدد من المسئولين الأمريكيين والمحللين الروس، الذين اوضحوا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعتمد في استراتيجيته على التحرك بقوة فيما يراه نافذة مهمة تمنحه العديد من الفرص –وهي فترة الأربعة اشهر التي تفصلنا عن تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد- لاسيما وهو يرجح الآن أن أوباما لن يفضل التدخل في الصراع السوري، بينما الرئيس الأمريكي الجديد الذي ربما يدرس سياسة أكثر شراسة في سوريا لا يزال حتى الآن بعيدا عن مكتبه.
من جانبه، يقول نيكولاي بتروف، استاذ العلوم السياسية في موسكو، إن بوتين الآن في عجله في أمره قبل بدء الانتخابات الأمريكية، حتى يواجه الرئيس الأمريكي القادم حقيقة جديدة في المشهد السوري يضطر معها إلى القبول بها".
وأوضحت الصحيفة أن محللين في أجهزة الاستخبارات الأمريكية أخبروا البيت الأبيض أن هدف روسيا هو مساعدة الجيش السوري على استعادة مدينة حلب المحاصرة حتى تستأنف المحادثات عن مستقبل سوريا بشروط أكبر بكثير، ومما يضفي مصداقية على هذا التقييم ما أكده مسئول استخباراتي أمريكي بارز بأن الهجمات الروسية والسورية التي نفذت منذ أن أعلنت الحكومة السورية نهاية وقف اطلاق النار في 19 سبتمبر الماضي كانت الأكثر دموية منذ بدء الصراع.
وقالت الصحيفة: "ثمة دلالات بينة تؤكد أن الرئيس بوتين يعتبر سوريا مصلحة استراتيجية مهمة لبلاده، فالتدخل الروسي في الحرب هناك يمثل أهم تحرك عسكري للكرملين داخل الشرق الأوسط منذ عقود ومكن موسكو من استعراض قدرتها العسكرية أمام العالم".
وأضافت: "أن هذا التدخل مكن موسكو أيضا من الوقوف بجانب حليفها في الحرب الرئيس بشار الأسد وتنفيذ عمليات بنحو ما ضد تنظيمي داعش وجبهة النصرة".
وأردفت الصحيفة تقول: إن الجيش السوري لديه نقاط ضعف، من بينها نقص اعداد الجنود مما حرمه من تأمين البلاد برمتها وأجبر حكومة الأسد على الاعتماد على مقاتلين من حزب الله اللبناني الشيعي والمقاتلين الشيعة من العراق وأفغانستان وإيران، بجانب القوة الجوية الروسية. ولكن حتى الآن تعد الانتصارات التي حققتها حكومة الأسد في استعادة الأراضي محدودة للغاية، حتى بعد تدخل روسيا في الحرب بشكل مباشر منذ عام.
وابرزت الصحيفة الأمريكية أن روسيا تحاول مع ذلك مساعدة القوات السورية على استعادة مدينة حلب في شرق البلاد، الأمر الذي من شأنه أن يوجه ضربة قوية لصفوف المعارضة ويوسع من رقعة الأراضي التي يسيطر عليها الأسد ومن ثم يضع الكرملين في موقف أقوى في تشكيل المحادثات السياسية.
ومن منطلق هذا السيناريو، سوف تصبح الحكومة السورية مسيطرة على أكبر مدن من حيت تعداد السكان في البلاد وهي: دمشق وحمص وحماة وحلب واللاذقية.
كما أوضحت (نيويورك تايمز) أن هيلاري كلينتون، مرشحة الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأمريكية، دعت مسبقا إلى فرض منطقة حظر جوي جزئي فوق سماء سوريا، الأمر الذي ربما يحتاج إلى المزيد من التدخل العسكري الأمريكي في سوريا، وعندما كانت وزيرة للخارجية الأمريكية، دعمت امداد المعارضة بمساعدات سرية من أجل ممارسة الضغوط على نظام الأسد واجباره على تسليم السلطة لحكومة انتقالية.
ولكن، مع نجاح العمليات العسكرية السورية والروسية في حلب، فإن المشهد ربما يتغير ويُغير معه ملامح خريطة سوريا ومن ثم تعقيد أي خطط لمزيد من التدخل العسكري الامريكي في سوريا.
وأخيرا، حذر مسئولون في الإدارة الامريكية من أن سوريا ربما تتحول إلى مستنقع للكرملين، لاسيما في حال قررت الدول العربية التي تدعم المعارضين إمدادهم بأسلحة مضادة للطائرات وقرر المتشددون الإسلاميون الانتقام من روسيا بمهاجمة المدن الروسية. وقتها، وبحسب قولهم، من الممكن أن تقرر روسيا اعادة التفكير في استراتيجيتها تجاه سوريا.