تنسب الدولة الطولونية في مصر إلى رجل تركي يدعى طولون، والد الأمير أحمد مؤسس الدولة الطولونية، وهو كان أحد مماليك المأمون، فألحقه بحاشيته وصار يرقيه حتى أصبح رئيس حرسه، تولى أحمد بن طولون أمر مصر في أواخر خلافة المتوكل، ولما تم له ذلك استكثر من شراء المماليك، والعبيد من الزنج، مما قوى ساعده، وسيطر على الخلافة ودعا لنفسه بمصر وانفرد بخراجها، وسار أحمد بن طولون إلى الشام فملك دمشق ودانت له حلب وحمص وطرطوس وامتدت مملكته لتشمل الثغور والجزر الشامية.
وأشتدت العداوة بينه وببن الموفق بالله العباسي، وفي سنة 269هـ حصلت بين عساكر ابن طولون والموفق وقعة، انهزم فيها جيش ابن طولون، وثار عليه عماله في الشام فسار إليهم وأخضعهم ورجع إلى مصر، ومات سنة 270هـ، فخلفه ابنه خمارويه، فاسترجع بعض الثغور وخطب له بالجزيرة، وتزوج الخليفة المعتضد بالله ابنته فثبتت دولة بني طولون في أيامه، إلى أن قتل سنة 282هـ، فخلفه ابنه جياش وكان صبيا فضعفت الدولة في أيامه فانتفض عليه قواده بمصر وقتلوه وبايعوا أخاه هارون سنة 284هـ، وكانت الدولة قد ازدادت ضعفا وتفرقت الكلمة، وتنازع القواد فيما بينهم، وعاث القرامطة في نواحي الشام، ولم يستطع هارون التصدي لهم، فأرسل الخليفة المكتفي جيشًا بقيادة محمد بن سليمان، الذي استطاع هزيمة القرامطة والاستيلاء على الشام ثم سار إلى مصر، والتقى بجيش هارون الذي لم يقوى على الصمود أمام الجيش العباسي، فقتل هارون ودخل القائد العباسي مصر، وقبض على بني طولون وأرسلهم أسرى إلى بغداد، وبذلك انقرضت دوله الطولونيين وعادت مصر من جديد إلى تبعية الدولة العباسية.
وتولى أحمد بن طولون ولاية مصر في عهد الخليفة العباسي المعتمد على الله في وقت كانت الخلافة تحرص فيه على توزيع الصلاحيات الادارية في ولاياتها على عدد من الموظفين خشية استقلال الولاة الأتراك بهذه الولايات كما جرى الأمر في بعض الأقاليم الشرقية، ولذا كانت ولاية ابن طولون تقتصر على إمرة الحرب والصلاة، فيما تولى ابن المدبر أمر الخراج ''المالية'' وكان هناك ايضا صاحب للبريد ''الاتصالات''. ولكن أحمد بن طولون منذ وصوله الى مصر في عام 254هـ تحدى هذا التوزيع للصلاحيات وشرع يناهض سلطة ابن المدبر، وأصدر فلوسا نحاسية باسمه وإن لم يستطع أن يسجل اسمه على الدنانير الذهبية التي بقيت تحمل اسم المعتمد وولي عهده المفوض الى الله.
وإزاء نجاح أحمد بن طولون في التحكم بما يرد إلى بغداد من خراج مصر سعى ''الموفق طلحة'' شقيق الخليفة والمسؤول عن حرب العباسيين ضد ثورة الزنج الى الاستيلاء على ايرادات مصر لتمويل الحرب، ولكن ابن طولون لم يرسل له سوى أقل من ثلاثة ملايين من الدنانير، فغضب الموفق وحاول عزل أحمد بن طولون عن ولاية مصر وتعيين ''تحرير الخادم'' مكانه، ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل، وخلفت وراءها بعض الدنانير التي ضربت في بغداد وهي تحمل اسم دار الضرب مصر واسم ''تحرير'' أسفل اسم الخليفة المعتمد.
ورغم نجاح ابن طولون في تثبيت سلطته بمصر وتأسيسه لمدينة جديدة صارت عاصمة لولايته وهي مدينة ''القطائع'' التي لم يبق منها سوى جامعه الكبير، إلا أنه لم يفكر في تسجيل اسمه على الدنانير الذهبية الا ابتداء من عام 266هـ، وعرفت هذه الدنانير بالأحمدية لأنها حملت اسم أحمد بن طولون الى جانب اسم الخليفة المعتمد، وهي تتماشى في طرازها العام مع طراز الدنانير العباسية السائدة آنذاك ولا يفرقها عن غيرها سوى أسماء دور الضرب التابعة لنفوذ الطولونيين في مصر والشام مثل دمشق والرافقة وحمص والرملة بالاضافة الى اسم الوالي الطولوني.