لم يلتفت الكونجرس الأمريكي إلى أي تحذيرات تجاه إقرار قانون "الجاستا"، وغامر بعلاقاته مع المملكة العربية السعودية، خاصة بعدما بدأ عدد من أهالي ضحايا أحداث 11 سبتمبر مقاضاة السعودية، بعد إقرار القانون الذي اعتبره أغلب السياسيين والمتابعين الدوليينن قانونًا مسيّسًا.
الاعتراضات على القانون لم تشمل فقط اختراقه للقوانين الدولية، لكنه طال مواقف الولايات المتحدة في عدد من الدول العربية والعالم، بعد تدخلها عسكريًا في العراق وليبيا وأفغانستان، واليابان من قبلهم، لتبدأ مطالبات بإقرار قانون عربي يقضي بمقاضاة أمركيا عن ضحايا حرب الخليج والعراق وليبيا وغيرها.
اليابان أول من أصابتها العمليات العسكرية"
كان هجوم"بيرل هاربرPearl Harbor" في السابع من ديسمبر 1941، الذى شنته اليابان على ميناء هاربر الامريكى بمثابة دافع قوى للرئيس الأمريكى لإقناع الكونجرس لقيام الحرب، فلم يكن بمقدوره إقناع الشعب الأمريكي خاصة الانعزاليين بدخول الحرب إلا بعمل عدواني تقوم به اليابان مثل"بيرل هاربر".
استمرت الحرب بين الولايات المتحده الأمريكية واليابان وجرت العديد من المعارك فبدأت أمريكا بقصف "طوكيو"في غارة أطلق عليها "غارة دوليتك"بتاريخ 18 ابريل 1942م وفي أقل من ستة أشهر في يونيه عام 1942م تعرضت اليابان إلى أول هزيمه بحرية في تاريخها "ميداوي"، وانتزعت منها كل من السيطرة البحرية والجوية حتى نهاية الحرب.
وفي 6 أغسطس من عام 1945م قامت الولايات المتحدة الامريكية بإلقاء القنبلة الذرية الأولى على اليابان في مدينة "هيروشيما" وفي 8 أغسطس عام 1945م أعلن الاتحاد السوفيتي الحرب على اليابان، وفي 9 أغسطس عام 1945م ألقيت القنبلة الذرية الثانية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية على مدينة "ناجازاكي" اليابانية، وفي 14 أغسطس عام 1945م استسلمت اليابان وفي 15 أغسطس عام 1945م اعلن يوم النصر على اليابان "JV" وقد وقعت اليابان وثيقة الاستسلام مع الولايات المتحدة الأمريكية على ظهر البارجه "ميسوري Missouri "في خليج طوكيو قتلت القنابل ما يصل إلى 140،000 شخص في هيروشيما، و80،000 في ناجازاكي بحلول نهاية عام 1945، حيث مات ما يقرب من نصف هذا الرقم في نفس اليوم الذي تمت فيه التفجيرات. ومن بين هؤلاء، مات 15-20 ٪ متأثرين بالجروح أو بسبب آثار الحروق، والصدمات.
وتم تقديم عدد من الشخصيات للمحاكمة العسكرية كمجرمي حرب حيث عقدت محاكمات لمجرمي الحرب وحكم على بعضهم بالموت أو السجن إلا أن بعضهم تسوجي ماسانوبه، نوبوسكه كيشي، يوشيو كوداما لم يحاكموا، بالإضافة إلى استثناء الإمبراطور هيروهيتو وكامل أعضاء الأسرة الإمبراطورية وجميع أعضاء الوحدة 731 الذين انخرطوا في الحرب.
"العراق.. تلحق بالخليج"
لم يكن الغزو الأمريكي للعراق اليد الأولى لأمريكا التي طالت المنطقة ويعتبر دخولها في 19 مارس 2003بمثابة "حرب الخليج الثالثة ".
وبدأت عملية غزو العراق في 20 مارس 2003م، من قبل قوات الائتلاف بقياده الولايات المتحدة الأمريكية وأطلقت عليه تسمية ائتلاف الراغبين وكان هذا الائتلاف يختلف اختلافًا كبيرا عن الائتلاف الذي خاض حرب الخليج الثانية لأنه كان ائتلافًا صعب التشكيل واعتمد على وجود جبهات داخلية في العراق متمثلة في الشيعة في جنوب العراق بزعامة رجال الدين والأكراد في الشمال بزعامة جلال طالباني ومسعود برزاني. وشكلت القوات العسكرية الأمريكية والبريطانية نسبة %98 من هذا الائتلاف.
ولقد تسببت هذه الحرب بأكبر خسائر بشرية في المدنيين في تاريخ العراق وتاريخ الجيش الأمريكي منذ عدة عقود. وأنتهت الحرب رسميا في 15 ديسمبر 2011م، بإنزال العلم الأمريكي في بغداد وغادر آخر جندي أمريكي العراق في 18 ديسمبر 2011م. وحسب الرئيس الامريكى جورج دبليو بوش ورئيس الوزراء البريطانى تونى بلير مهمة التحالف "تجريد العراق من اسلحة الدمار الشامل، ووضع حد للدعم الذي يقدمه صدام حسين الى الارهاب وتحرير الشعب العراقى".
ويسلى كلارك القائد الأعلى السابق لقوات حلف الناتو ورئيس هيئة الاركان المشتركة مدير الاستراتيجية والسياسة يصف فى كتابه الصادر عام 2003 بفوزه على الحروب الحديثة محادثته مع ضابط عسكرى فى البنتاجون بعد وقت قصير من هجمات 11 سبتمبر عن خطة للهجوم سبع دول شرق اوسطية فى الاعوام الخمسة الماضية: "عدت الى البنتاجون فى نوفمبر 2001، وهو احد كبار ضباط الاركان العسكريين الوقت الدردشة. نعم مازالت مستمرة، لانه يسير ضد العراق. ولكن هناك المزيد. ويجرى مناقشتها كجزء من خطة مدتها خمس سنوات، مشيرا الى ان هناك ما مجموعه سبعة بلدان، انطلاقا من "العراق، ثم سوريا ولبنان وليبيا وايران والصومال والسودان"
الخسائر البشريه جراء هذا الغزو
القتلى من المدنيين العراقيين الذين ثبت وفاتهم بوثائق شهادة الوفاة: 90،149حتى 2008، القتلى من المدنيين العراقين بدون وثائق شهادة الوفاة: 47،016الى 52،142، وقالت الأمم المتحدة ان نحو 34000 عراقي قتلوا خلال عام 2006 فقط
وقد كانت تبريرات تلك الحرب هشه وليست دائم قوية لقيام الحرب لكان استجاب لها الكونجرس وجهتها إلى مجلس الأمن.
وقد تعرضت التبريرات التي قدمتها الإدارة الأمريكية إلى انتقادات واسعة النطاق بدءًا من الرأي العام الأمريكي إلى الرأي العام العالمي وانتهاءً بصفوف بعض المعارضين لحكم صدام حسين وهي:
1 الهيمنة على سوق النفط العالمية ودعم الدولار الأمريكي حيث أن صدام حسين كان قد اتخذ قرارًا في عام 2000 باستعمال عملة اليورو كعملة وحيدة لشراء النفط العراقي
2 ضمان عدم حصول أزمة وقود في الولايات المتحدة بسيطرتها بصورة غير مباشرة على ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم.
3 المصالح الشخصية لبعض شركات الأعمال وشركات الدفاع الكبرى في الولايات المتحدة.
4 دعم واستمرار الشعبية التي حظي بها الحزب الجمهوري الأمريكي ابان احداث سبتمبر 2001 بغية استمرار هيمنة الحزب على صنع القرار السياسي في الولايات المتحدة.
5\تطبيق ما ورد في مذكرة تشيني-رامسفيلد-ولفوتز التي كتبت عام 2000 والتي تمهد لدور استراتيجي أكثر فاعلية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
6انتقام شخصي لجورج و. بوش من صدام حسين لضلوعهِ في محاولة اغتيال والدهِ بوش في الكويت عام 1993.
7إنجاز المهمة التي لم يكملها والد جورج و. بوش في حرب الخليج الثانية.
ويعد الادعاء الأكبر الذى ارتكز عليه بوش هو امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل.
والسؤال هل يجب معاقبه طوني بلير وبوش كمجرمي حرب بعد غزو العراق واثبات عكس إدعائاتهما ؟!.
جاء تقرير جون شيلكوت، رئيس اللجنة البريطانية المكلفة بالتحقيق فى ظروف وملابسات التدخل البريطانى فى حرب العراق عام 2003، ليجدد المطالبات بمحاكمة كل من تونى بلير رئيس الوزراء البريطانى الأسبق، وجورج بوش الرئيس الأمريكى السابق، كمجرمى حرب بعد ارتكابهما جريمة وخطيئة غزو العراق.
تقرير "شيلكوت" المؤلف من 2،6 مليون كلمة وجه انتقادات قاسية لتونى بلير، معتبرا أن اجتياح العراق حدث قبل استنفاد كل الحلول السلمية، وأن خطط بريطانيا لفترة ما بعد الحرب لم تكن مناسبة، كما أن التقرير الذى استمر إعداده نحو 7 سنوات، أكد أن بريطانيا أضعفت.
سلطة مجلس الأمن بالتصرف دون الحصول على تأييد الأغلبية للتحرك العسكرى، وأن الأسس القانونية للتدخل العسكري البريطانى فى العراق "ليست مرضية".
تقرير شيلكوت الذى يستند إليه العديد من الخبراء والبرلمانيين والسياسيين ومنظمات حقوق الإنسان لوضع رئيس الوزراء البريطانى، وأيضا الرئيس الأمريكى فى قفص الاتهام، وتقديمهما للمحاكمة كمجرما حرب على خطيئة حرب العراق.
"التدخل العسكرى الأمريكي في أفغانستان"
كانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر الذريعة الأمريكية وذلك بمساعدة الجيش البريطاني لمهاجمة أفغانستان بمشاركة حلف الناتو
كانت الحرب عبارة عن عمليتين عسكريتين على أفغانستان. الهدف منهما السيطرة على الدولة.
العملية الأولى: شنتها الولايات المتحدة. وسمتها عملية التحرير الدائمة. واشترك في هذه العملية دول أخرى. والنطاق الجغرافي لهذه العملية هو الجزء الشرقي والجزء الجنوبي من أفغانستان والحدود الأفغانية مع باكستان. وعدد الجنود من القوات الأمريكية يقارب 28،800 جندي.
العملية الثانية: بدأت في ديسمبر 2001. شنتها قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان واختصارا (إيساف). أنشئت هذه القوات بقرار من مجلس أمن الأمم المتحدة. ونطاقها الجغرافي العاصمة الأفغانية كابل والمناطق المحيطة بها. في عام 2003 انضمت قوات إيساف إلى حلف الناتو. بحلول 23 يوليو 2009 كان لقوات إيساف قرابة 64.500 جندي من 42 دولة مختلفة مع إمدادت مستمرة من الناتو مركز قيادة هذه العملية. عدد الجنود من الولايات المتحدة في قوات إيساف يبلغ قرابة 29.950.
قادت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة حملة القصف الجوي مع دعم مساند من القوات البرية تابعة لحلف الشمال الأفغاني او ما يسمى بالتحالف الشمالي. في العام التالي عام 2002، انضم إلى جنود المشاة الأمريكان والبريطانيون جنود اخرون من عدة دول منهم كنديون وأستراليون. ثم انضمت اليهم قوات النيتو.
بعد الهجوم العسكري الأول، تم ابعاد طالبان عن السلطة. لكن قوات طالبان استعادت بعد ذلك قوتها. لم تحقق الحرب النجاح المتوقع والمطلوب. لم يتم تحقيق الهدف الأهم بتدمير أو تقييد تحركات تنظيم القاعدة. ومنذ ذلك الوقت تشهد أفغانستان استقرارا معدوما وهجمات متزايدة من حركات التمرد بقيادة طالبان. وانتشر في أفغانستان إنتاج وترويج المخدرات بشكل كبير. والحكومة الجديدة ضعيفة وسيطرتها محدودة جدا خارج العاصمة كابل، وقد كانت خسائر تلك الحرب بالنسبة للجيش الأمريكي قرابة 3 ألاف مجند.
ورغم كل تلك الأحداث التي دخلتها أمريكا في دول العالم، فإنه لم تسن أية قوانين لمقاضاة أمريكا، غير تلك المطالب اليابانية بمقاضاتها على قنبلة هيروشيما، والتي لم تأخذ أي تطبيق فعلي على الأرض.. فهل تحاكم أمريكا بعد قانون الجاستا؟.