10 خرافات كرهت العرب في القراءة

صورة ارشيفية
كتب : وكالات

القراءة فيها سم قاتل، هذا ما حاول البعض ترويجه في مجتمعاتنا العربية، عبر ترداد عدد من الخرافات أصابت القراءة في مقتل، وجعلت منها ممارسة غير محببة، وفعلاً مضيعة للوقت تارة، ومؤدٍ للانحراف تارة أخرى، وغير مجد تارة ثالثة.

في كتابهما "27 خرافة شعبية عن القراءة"، ذكر الدكتور ساجد بن متعب العبدلي وعبد المجيد حسين تمراز، عدداً من الخرافات التي لجمت الرغبة في القراءة ونموها على المستويين الشخصي والجمعي في الدول العربية. ويستعرض رصيف 22 أهم 10 خرافات منها وتفنيد الكاتبين لها.

1- القراءة موضة قديمة

يظن كثير من الناس أن القراءة أصبحت اليوم موضة قديمة، خصوصاً في ظل التقدم التكنولوجي، وظهور كثير من وسائل المعرفة والتثقيف الحديثة التي منها مثلاً مواقع الانترنت التفاعلية والمعتمدة على الصوت والصورة ومقاطع الفيديو. في هذا الظن جانب كبير من الصواب، لكن هناك فوائد كثيرة لا تقدمها إلا القراءة.

أثبتت الدراسات والتجارب أن لا شيء يعادل الكتاب في قدرته على تقديم جرعة معرفية ثقافية مركزة للقارئ الجاد، مقارنة بمواقع الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. فالقراءة تحفّز نشاط المخ، خصوصاً مراكز الخيال، الأمر الذي لا تقدمه أي من الوسائل الأخرى التي تعفي الإنسان من التخيل إلى حد كبير، بمزاوجتها للنصوص بالصور والأصوات والألوان والفيديو. وتحفيز القدرة على التخيل يجعل المخ أكثر صحة، ويبطئ من الإصابة بمرضي خرف الشيخوخة والزهايمر.

عدا أن القراءة تساعد على التقليل من شعور الإنسان بالتوتر والضغط العصبي، وذلك على عكس الوسائل التقنية الحديثة التي تزيد من ذاك الشعور. كما أنها تساهم في تطوير الثروة اللغوية للقراء، خصوصاً تلك الكتب الأدبية الراقية التي يحرص كتابها على تجويدها لغوياً، في حين أن مواقع الانترنت غالباً ما تكون مكتوبة بلغة مبسطة جداً بل ضعيفة أحياناً.

2- الكتب تقود إلى الانحراف الفكري

يزعم بعض الناس أن قراءة كتب معينة تقود إلى الانحراف الفكري والتشوه العقائدي، ويدعون لذلك إما للامتناع بالكلية عن قراءة الكتب، وإما إلى فرض رقابة مسبقة على ما يقرأه الناس من كتب ومطبوعات، وهذا زعم خطير أدى إلى نتائج كارثية.

قد يرى البعض أن هناك كتباً تحوي أفكاراً منحرفة، ولكن علاج الأمر لا يكون بمنع القراءة، ولا بفرض الرقابة المسبقة على الكتب. بالعكس، إن القراءة الحرة وتداول الكتب، هما اللذان ينيران العقول، ويسددان الأفكار، ويحميان عموم الناس والمجتمعات من الانحرافات. وأساساً، فإن الناس عرضة للانحراف عبر ألف وسيلة غير الكتاب، كما أن الرقابة لن تمنع الراغبين بالحصول على أي كتاب من الوصول إليه في زمن الانترنت.

3- لا يوجد وقت للقراءة

كثيرون يتذرعون بأنهم لا يملكون الوقت، وهذه خرافة. خطوات كثيرة يمكن أن تساعد في إيجاد وقت للقراءة، مثل استبدال بعض الأوقات الخاصة بكرة القدم أو المقهى أو أي شيء من الهوايات المفضلة بالقراءة. وتحديد وقت معين للقراءة يومياً والالتزام به، وتحديد عدد معين من الكتب لقراءتها في الشهر أو في السنة. إضافة إلى اصطياد الأوقات للقراءة سواء في وسائل المواصلات أو في بعض الدوائر الحكومية، حيث يكون الانتظار هناك طويلاً أو في الحمام. والقراءة في المجال المفضل، والقراءة قبل النوم ولو عشر دقائق فقط.

4- قراءة الصحف تغنيك عن قراءة الكتب

هناك شريحة كبيرة لا تقرأ الكتب وتكتفي بقراءة الصحف. عدا أن لغة الصحف لا تساعد كثيراً في إثراء معجم القارئ، فإن طبيعة النشر الدوري السريع للصحف وموادها، تؤدي إلى عدم نيل غالبية المقالات المنشورة حظها الواسع عند الإعداد من البحث، وهذا ما يترتب عليه ركاكة كثير من المواد الصحافية من الناحية العلمية والتثقيفية، ووقوع كثير منها في الأخطاء.

وتسعى معظم الصحف إلى إبراز المواد المثيرة على حساب المواد المفيدة، ولا تعطي إلا المساحات الصغيرة للمواد العلمية والثقافية المتعمقة، والتي إن جاءت، تأتي بطريقة الإثارة والرشقات السريعة التي لا تسمن الباحث عن العلم والثقافة ولا تغنيه من جوع.

القارئ الذي لا يقرأ إلا الصحف يخرج بأفكار مفككة، ومعلومات غير مترابطة، يختلط فيها الغث بالسمين، فيخلص إلى استنتاجات سطحية واستنباطات غير صحيحة في الغالب.

5- الأفلام تغني عن القراءة

كثير من الأفلام الجيدة كانت روايات وكتباً، ولكن قراءة الرواية فيها متعة مختلفة عن الفيلم. فالقراءة تنمي الخيال أكثر من الأفلام، لأنك في الفيلم مجرد متلق، على عكس الرواية، التي تسمح فيها لخيالك بصنع الحدث والصور. كما أن الفيلم لا يسمح وقته ولا إمكانياته بتصوير كل التفاصيل التي في الرواية، وبالتالي تخسر جزءاً كبيراً ممتعاً من القصة. فالمخرج أو المنتج يختار حسب هواه ما الذي يعرض من القصة، إضافة إلى أن قراءة الكتاب تطور القدرة على التركيز من خلال تمرين عضلات الذاكرة، عبر تذكر الأحداث والشخصيات بشكل مستمر.

6 يجب أن أقرأ كل كلمة من الكتاب (من الجلدة للجلدة)

قد ينتاب القارئ شعور بالذنب إذا لم يقرأ الكتاب كاملاً وهذه ليست مشكلة إذا فرض الكتاب ذلك. لكنها تكون نقمة أحياناً عندما تصبح مجرد وسواس من دون هدف ووعي وفائدة لإنهاء الكتاب. القراءة حرية وكل قارئ يتمتع بهذه السلطة التي تجعله يحكم بالفناء على نصوص ويبعث الحياة في أخرى، وبالتالي ليست هناك قوانين في القراءة، فهي فن يتأثر بكيان القارئ وتجربته الخاصة.

ومن الناحية النفسية، فإن أكبر عدو للاستمرار في القراءة هو الإحساس بالتقيد والجبر، فتخسر التجربة خصوصيتها ورونقها، ثم على الشخص أن يقرأ ما يحتاج إليه وما يشعر بأن نفسه تشتهيه. ومن الناحية الفكرية، لا يستطيع القارئ أن يهضم مادة إذا لم يكن مهتماً بموضوعها، لأن الاهتمام يولد التركيز الذي هو أكبر محفز للتفكير.

7- القراءة ليس لها مردود على الجسد

الكتاب له تأثير يماثل تأثير النادي الرياضي أو المستشفى. هذا ما أكدته دراسة أجرتها جامعة بنسلفانيا الأمريكية على عينة مكونة من 1800 شخص يقرأ نصفهم القصص والروايات والمراجع المتخصصة بصفة منتظمة، بينما لا يهتم النصف الآخر بالقراءة. وأجري فحص طبي شامل لهؤلاء الأشخاص، فتبين أن الذين لا يقتربون من الكلمة المطبوعة يعانون من أمراض مثل ضغط الدم والسكر والسمنة والقولون العصبي وقرحة المعدة والقلب. بالإضافة إلى المتاعب النفسية المختلفة، مثل القلق والتوتر وفصام الشخصية وغيرها. أما الذين يقرأون فكانوا أكثر صحة، وتقل بينهم نسبة الإصابة بهذه الأمراض بصورة واضحة.

الموضوع وصل إلى أكثر من ذلك، فقد تم تدشين علم العلاج بالقراءة، وأصبح علماً معترفاً به لدى كل الأوساط العلمية، إذ يستطيع الطبيب عن طريقه أن يعطي للمريض روشتة قراءة.

كثير من الأمراض العضوية، هو نتيجة اضطراب نفسي للمريض، كما أن الأفكار السلبية لها تأثير سلبي على النفس، وهنا يأتي دور القراءة التي توفر العزلة، فتبعد الفرد عن ضغوط الحياة، وتجعله يرى الحياة بمنظور جديد، ويكتشف من خلالها المعلومات التي يمكن أن تحل مشاكله وهذا يخفف من الضغط العصبي ويمنح السعادة والراحة النفسية.

8- التجربة والممارسة العملية أهم من القراءة

يردد البعض هذه الجملة للتقليل من شأن القراءة، وهي من قبيل الحق الذي يراد به باطل. ففائدة الممارسة العملية والتجربة الحياتية جليلة، في وضعها الأفكار النظرية التي يستقيها القارئ من الكتب، محل التطبيق العملي، لتثبت في عقله. ولكن لا يمكن مطلقاً لطالب المعرفة أن يتجاوز المرور على جسر القراءة والكتب، مكتفياً بالقول إن التجربة والممارسة العملية أهم. حتى لو استطاع البعض أن يبلغ مبلغاً جيداً في مجال من المجالات المعرفية دون الاطلاع على الكتب، فإنه في الحقيقة أهدر كثيراً من الجهد والوقت في التجربة والخطأ بحثاً عن الإجابات. في حين أنه كان من الممكن أن يجد تلك الإجابات في كتب من سبقوه في هذا المجال المعرفي.

9- قراءة الروايات غير مفيدة للعقل ومضيعة للوقت

تنتشر هذه الخرافة في المجتمعات العربية مثل غاز يعبث بالعقول ويجعل القراء يبنون حاجزاً بينهم وبين أعظم قناة للتواصل بين البشر، وهي "القصة". فهناك شريحة في المجتمع تنظر إلى قارئي الروايات بدونية، وتنكر عليهم تضييع أوقاتهم، رغم أن أكثر الكتب قراءة في العالم هي الروايات.

فالروايات ليست إلا قصصاً مطولة ومفصلة تحتوى على بشر مثلنا، نرى أنفسنا فيهم ونجّرب نتائج أفعالنا معهم، وهي أفضل عيادة صحية للعلاج النفسي، لأن الإنسان يستطيع عبر الشعور بما يشعر به الآخرون دون أن يكون قد مر فعلاً بما مروا به، أن يفهم أفعال الآخرين والإحساس بها.

قراءة الروايات تعزز الفكر التحليلي أيضاً، وتمكننا من أن ندرك الأشياء بمنظور أفضل، كما تعزز قدرة الناس على تفهم وقراءة مشاعر الآخرين وعواطفهم.

10- هناك كتاب صالح لجميع القراء

"لا يوجد اثنان يقرآن الكتاب نفسه". هكذا يقول الكاتب إدموند ويلسون، فعندما نقرأ نسقط هذه الكينونة على مادة الكتاب ونخرج بمنتج جديد من المعنى الذي لا يمكن أن يتطابق مع أي قارئ آخر. لذلك عندما يعبر شخص عن تجربته مع كتاب معين، فهذا لا يعني أن الكتاب صالح لك، أحياناً يكون السعي نحو الكتاب الذي يفضله الجميع مضيعة للوقت، لأنك تكتشف بعد مدة أنه لا يخدم أهدافك الشخصية أو حاجتك في هذا الوقت. لذلك اقرأ ما تحب وما تحتاج، وهذا هو الهدف السامي للقراءة، ولا تتأثر بآراء الآخرين حول قراءتك لكتاب معين الآن، فأنت الوحيد الذي تعرف احتياجاتك وأولوياتك. ليس هناك كتاب صالح للجميع، ولكنْ هناك كتاب مناسب للشخص المناسب في الوقت المناسب.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
نعيم قاسم: سنضرب تل أبيب بعد استهداف الاحتلال لـ بيروت