فى إطار الأزمة الاقتصادية التى يقبل عليها العالم أجمع، دخلت العديد من الدول العربية في خطة تقشف لإنقاذ اقتصادياتها المتداعية، وأبرز تلك الدول تونس والسعودية، وبرغم مرور مصر بنفس الأزمة إلى أن البرلمان لم يراع ذلك فى احتفاله بمرور 150 عاما على الحياة النيابية و التى أقيمت فى مدينة شرم الشيخ وشهدت الكثير من مظاهر الترف.
وعلى الرغم من مرور مصر بأزمات اقتصادية مشابهة لتونس والسعودية، ما يجبرها على اتباع سياسة ربط الحزام والتقشف، بعد ارتفاع الأسعار بصورة كبيرة، إلى جانب أزمة الدولار، رأى كثيرون أنه كان على المسئولين ونواب البرلمان أن يكونوا قدوة فى التقشف وتقليل النفقات بدلا من مطالبتهم للمواطن البسيط بالاقتصاد فى مصريفه والتبرع لمصر لانقاذ من الأزمة الاقتصادية، إلا ان ذلك لم يحدث.
حيث أقام البرلمان، الاحتفالية اليوم الأحد، بـ "شرم الشيخ"، وبدأت المدينة في التزيين قبل أيام طويلة من الاحتفالية التى أبرزت مظاهر للترف والرفاهية يدفع ثمنها المواطن البسيط فى غلاء الأسعار، كما شهدت محافظة جنوب سيناء التى احتضنت الاحتفالية، استعدادت أمنية مكثفة لتأمين الحفل الذى حضره الرئيس عبدالفتاح السيسي وشخصيات سياسية وبرلمانية من 38 دولة، إضافة إلى نواب البرلمان والشخصيات العامة والوزراء.
وتردد مؤخرًا أن تكلفة الاحتفالية بلغت 33 مليون جنيه، تكفلها البرلمان وبعض الرعاة الرسميين للاحتفالية، على رأسهم وزارتي الثقافة والشباب والرياضة، بالإضافة إلى شركة مصر للطيران، ووزارة السياحة، بحيث يكون متوسط تكلفة إقامة الفرد الواحد من الضيوف 5 آلاف جنيه.
يأتى ذلك فى الوقت الذى أعلن فيه رئيس مجلس نواب الشعب "البرلمان التونسي" محمد الناصر، أن اعضاء البرلمان وافقوا بالإجماع الخميس الماضى، على خطة تقشف في المصروفات الداخلية للمجلس مع الأخذ في الاعتبار ما يتطلبه البرلمان من تجهيزات لإنجاز أعماله.
أما في السعودية، فقد أصدر الملك سلمان بن عبدالعزيز، فى سبتمبر الماضى، أربعة أوامر ملكية، تنص على تخفيض راتب الوزير بنسبة 20% وعضو "الشورى" بنسبة 15%، هذا إلى جانب إيقاف وإلغاء بعض العلاوات والمزايا المالية.
كما قرر استثناء العسكريين، على الحد الجنوبي من قرار عدم منح العلاوة السنوية، وأشار القرار إلى أنه "تقديرًا لأبنائنا المشاركين في العمليات العسكرية في الحد الجنوبي للمملكة، وكذلك المشاركين في العمليات العسكرية والاستخبارية والأمنية خارج الوطن، وما يقدمونه من تضحيات فداء للدين والوطن".
كما أمر الملك بإيقاف تأمين السيارات لمسئولي الدولة لنهاية السنة المالية، وأن يتحمل الوزير ومن في مرتبته - أو ما يعادلها - المستحقات المترتبة على تأمين الهواتف الثابتة والمتنقلة المخصصة له من الدولة.
وفى السياق ذاته أكد النائب هيثم الحريري، أن 50 نائبًا من تكتل "25 -30"، تقدموا بخطاب رسمي لمطالبة الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، بتحمل كل نائب مصاريف السفر والإقامة على نفقته الخاصة، في محاولة لتخفيف الأعباء على اقتصاد الدولة المنهك.
وأشار الحريرى، إلى أن مطالب نواب التكتل بالسفر على نفقاتهم الشخصية جاءت للتضامن مع الوطن والمواطن فى الأزمة الاقتصادية الحالية خاصة فى ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية، موضحا الدولة تمر بأزمة اقتصادية، والمواطن يعيش في أعباء تلك الأزمة.
فيما أكد الحريري، إلى أن الاحتفالية ضرورية على المستويين السياسي والاقتصادى لمضى 150 عاماً على الحياة النيابية في مصر، لكونها ستكون أحد مصادر دعم الاقتصاد، وعالمياً لمشاركة أكثر من دولة في الإحتفال.
ومن جانبه قال مدحت الزاهد، القيادي بالتيار الديمقراطى، إن الاحتفال على مرور 150 عام على البرلمان من المنظور السياسي خطوة جيدة، ولكن من المنظور الاقتصادي خطوة سيئة بها معالجة ومبالغة في الاحتفال، وتلك المبالغة ستقوم بإحراج الرئيس أمام الشعب، وستهز ثقته لديهم.
وأضاف الزاهد، أن احتفالية البرلمان تكلفت الملايين فى الوقت الذى تطالب فيه الدولة المواطن البسيط بالتقشف والتبرع لانقاذ اقتصاد مصر المنهك، متسائلا فكيف يطالب الرئيس المواطن البسيط بترشيد الاستهلاك، في الوقت الذى تقوم فيه الحكومة والبرلمان بالمغالاة في الاحتفالات.
وطالب القيادى بالتيار الديمقراطى، البرلمان والحكومة أن تتبع سياسة التقشف كما تطالب المواطنين بها، لافتاً إلى أن الاحتفال كان يجب أن ينعقد في بالقاهرة بدلاً من انعقاده بشرم الشيخ.