محمد شفيق عبد الله: تصيب الفرد بأمراض مزمنة على رأسها السرطان والفشل كلوي
عيد حواش: الوزارة تنسق مع شرطة المسطحات المائية لضبط هذه الشركات وإغلاقها
أصبحت الأسمدة المغشوشة -في الوقت الحالي- طريقة سريعة للحصول على المال، إذ لا تتخطى تكلفة إنشاء شركة أسمدة صغيرة «تحت بير السلم»، 5 آلاف جنيه، في حين تجني أرباحا كثيرة.
تلك الظاهرة، دفعت محرر «أهل مصر»، إلى البحث عن وظيفة داخل شركة أسمدة «تحت بير السلم»، للتعرف عن قرب على مكونات التصنيع وطرق التخزين، ومن ثم التوزيع على مختلف محافظات الجمهورية.
بعد أيام من البحث، عثرت «أهل مصر» على إحدى شركات الأسمدة المغشوشة، وتدعى «ج. ف»، ومقرها محافظة الشرقية، فعرض نفسه للعمل كمُصنع محترف لتلك الأسمدة وبأجر أقل من المتداول بين العاملين في هذا المجال، وبخاصة بعد اطلاع دام أكثر من شهر ونصف على كيفية التصنيع عبر محرك البحث «جوجل»، بالإضافة إلى سؤال سابقي العمل بتلك المهنة، ما دفع صاحب الشركة إلى قبوله في الوظيفة.
مع اليوم الأول، بدأ المحرر ملاحظة كل شيء يتم داخل مخزن لا يتجاوز "X66" أمتار، وهو المكان الذي اختاره صاحب العمل في مكان مخفي عن أعين الجميع، وبدأت أولى لحظات العمل بمرحلة التصنيع التى انقسمت بين تصنيع الشكائر، وتصنيع نوع أخر يسمى بالجراكن، وثالت يلقب بالزجاجات صغيرة الحجم.
طرق التصنيع
يلجأ المصنعون إلى استخدام ملح الطعام، فالشكارة الواحدة من ملح الطعام ذو الـ 50 كيلو تقوم بتصنيع شكارتين ونصف أسمدة، وتبلغ قيمة شراء شكارة الملح الواحدة 10 جنيه، فيما يتم بيع شيكارة الأسمدة الواحدة بـ 45 جنيها، وبالتالى يكون الربح 4 أضعاف ونصف ثمن التكلفة الحقيقية للأسمدة المغشوشة، مع استخدام بعض الألوان لإخفاء معالم المكونات.
بدأت كمصنع في استخدام قطعة من الخشب لتقليب ملح الطعام بالألوان المستخدمة، وتعد الألوان شائعة الإستخدام ثلاثة الأصفر والأزرق والأحمر، ويتكون اللون الأصفر من مادة البوتاسيوم، أما اللون الأزرق فيتكون من مادة «nbk»، بينما الأحمر عبارة عن مادة الكالسيوم.
بعد الانتهاء من تعبئة الشكائر قمنا بتخيطها عن طريق ماكينة خياطة، وتخيط الشكائر من الحروف، ثم يبدأ رصها بطرق معينة في مكان لا يتجاوز 3 أمتار.
بعد مرور أقل من نصف ساعة، بدأنا في عمل الجزء التاني وهي الجراكن، وتتراوح تكاليف صناعة الجركن الواحد ما بين 6 إلى 7 جنيهات، ويباع في الأسواق بسعر يتراوح من 45 إلى 60 جنيها.
بدأنا في تصنيع الجركن من ملعقة لون، وملعقة بطاس، يتم جلبها من محلات المنظفات، مع وضع نصف كوب من النشادر، ويتم تكملة باقى الجركن مياه.
عقب الانتهاء من تصنيع الجراكن، جاء موعد تصنيع الشق الثالث، وهي الزجاجات صغيرة الحجم، وتبدأ صناعة هذة الزجاجات من نص لتر وصولا إلى 2 لتر، وتتكون المواد المستخدمة في تركيب الزجاجة الواحدة من ملعقة لون، وملعقة واحدة من الملح فقط تجنبا لقيام صاحب مزرعة أثناء عملية البيع بفتح واحدة وغمس احد اصابعة بداخلها وتزوق المنتج لكى يميز ما بداخلة من لون ام مادة مالحة، ثم يتم زيادة باقي الزجاجة بالمياه.
مرحلة التخزين
بعد الانتهاء من عملية التصنيع، بدأنا تخزين هذه المنتجات داخل جراج صغير الجحم يتم تأجيره من الباطن لنشاط غير معروف تجنبًا لأى مخاطر قد تحدث، ويفضل أصحاب هذه الشركات الأماكن المعزولة أو الموجودة في الأرياف والمناطق الزراعية المختبئة.
مرحلة التوزيع
عناء 4 ساعات عمل، انتهى ولم يتبق سوى معرفة أماكن التوزيع، التى يفضل أصحاب «تجار السم» كما يطلق عليهم، توسيق منتجاتهم فيها، ولاحظت في مناقشات العاملين معي أن مسوقي هذه البضائع يفضلون المناطق الصحراوية مثل العامرية بمحافظة الاسكندرية ومدينة السادات الصناعية وكفر داود بالمنوفية، ومحافظات الصعيد التي تعتبر الأكثر استخدامًا لهذه المنتجات.
تبدأ العربات في تحميل المواد المصنعة وتتجه بها إلى المزارع المتفق عليها، ويتم التحصيل "كاش" نظرًا لسوء المنتج، مع علم صاحب المزرعة بذلك، لأن السعر الحقيقى لهذه المنتجات 250 جنيها للشكارة الواحدة، 90 جنيها للجركن الواحد لتر و180 جنيها للجركن 2 لتر.
وعن الطريقة التي يتمكن من خلالها السائق، من تجاوز رجال الشرطة في الكمائن دون القبض عليه، بأوراق وتراخيص مزيفة باسم الشركة المدون التي يحمل المونتج اسمها، والتى في العادة تكون وهمية الأصل، وهناك شركات أخري تعطي تعليمات للسائق بتفادى الكمائن ما يعنى «لو كمين وقفك هيقبض عليك لأن المنتجات دى مش مرخصة واحنا في الحالة دى منعرفكش».
السبب الحقيقي
تعليقًا على ذلك، يقول عيد حواش، المتحدث بإسم وزارة الزراعة، إن الوزارة تبدأ في التنسيق مع شرطة المسطحات المائية، للرقابة على انتشار هذه المنتجات، مضيفا: "يتم تشميع مقر أي شركة تعمل في هذا المجال، ومن ثم تبدأ النيابة في التحقيق مع أصحابها للحكم بالعقوبة التى تجدها مناسبة من وجهة نظرها.
وعن الجانب الصحي، رأى الدكتور محمد شفيق عبد الله، أستاذ جراحة القلب بجامعة القاهرة، أن هذه الأسمدة قد تسبب الإصابة بأمراض مزمنة مثل الفشل الكلوى والسرطان، مشيرًا إلى خطورة هذه المنتجات على صحة الفرد أكثر من ما تتسبب فيه المخدرات، لما تحمله المبيدات المغشوشة من ألوان وملح ومواد أخرى تدمر صحة الفرد.