أثارت عدد من القوانين التي عرضت على مجلس الدولة، لصياغتها وارسلها الى مجلس النواب لمناقشتها واقرارها، غضب الكثير من المواطنين، والتي عرفت "بقوانين سيئة السمعة " وسرعان ما انهالت الدعاوى القضائية لوقفها باعتبارها قوانين تجور على الحقوق والحريات وتتعدى على العدالة الاجتماعية وحق المواطن في العيش بحرية، والتعدي ايضا على حقوقه المادية، فأصبحت تلك القوانين في مواجهة القضاء مهددة بعدم الدستورية حتى إذا اقرت.
الضريبة المضافة
فاحتل مؤخرا قانون الضريبة المضافة الذى احدث تخوفا ولغطا شديدا واستنكارا في الشارع المصري،باعتباره يمثل عبئا على المواطن لا يتحمله المرتبة الاولى،فسرعان ما انهالت الدعاوى القضائية للمطالبة بوقفه حتى ان المحامين نظموا وقفات احتجاجية لرفض القانون باعتباره قانون يتعدى على حقوق المواطنين، وكان من ببن مقيم الدعاوى امام مجلس الدولة، سامح عاشور نقيب المحاميين، الذى طالب بإلغاء قانون ضريبة القيمة المضافة الذى نشر في الجريدة الرسمية، والذى يؤدى لزيادة أسعار السلع، واختصمت الدعوى التي حملت رقم 71 لسنة 71 قضائية، كلا من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزير المالية، بصفتهم.
وقال عاشور، إن ما نشر في الجريدة الرسمية بشأن تطبيق قانون القيمة المضافة، سيحث آثارا سلبية على جموع المحامين الذى يبلغ عددهم حوالى سبعمائة ألف محام، لأنه لا يمثل مصالحهم، بالإضافة إلى أنه جاء مخالفا لقانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 الذى يحظر على المحامي الاشتغال بالتجارة، وحرمه من ممارسة الأعمال التجارية، وإلا سينقل إلى جدول غير المشتغلين لمخالفته نصوص المادتين 13،14 من قانون المحاماة، لكونهما مهنة حرة تشار ك السلطة القضائية في تحقيق العدالة، كما جاء بنص المادة الأولى من القانون لكونها مهنه حرة.
واضاف نقيب المحامين ان القانون يحمل المواطن اعباء الضريبة المضافة مما يساعد على زيادة اسعار السلع، وهو ما يتحمله المواطن، وخصوصا محدودي الدخل.
الخدمة المدنية
وجاء بالمرتبة الثانية قانون الخدمة المدنية الذي بالفعل تم الموافقة عليه، والذي يرى الكثيرون ان التعديلات التي ادخلت عليه لم تفي بالغرض وانه على الرغم من رفض مجلس النواب لقانون "الخدمة المدنية" ليكون بمثابة محاولة لإرضاء الشارع المصري عن البرلمان ونوابه بعد سيل الانتقادات والهجوم الذي وجهه الموظفون والعاملون في قطاعات مختلفة من الدولة برفضه إلا أن البرلمان عقب رفضه تم رفع القانون مرة أخرى إلى الوزارات المعنية لتعديله وعرضه على مجلس النواب وتمريره بعدها.
وكانت من أبرز التعديلات التي طالت القانون تعديل الأحكام العامة والتي تشمل الدرجات الوظيفية التي ينطبق عليها القانون، والمحددة بالوظائف التخصصية والفنية والكتابية والحرفية والخدمات المعاونة، ليضاف إليهم لأول مرة: "أصحاب الأعمال من الدرجة الأولى بوظائف الإدارة العليا والتنفيذية كالمديرين ورؤساء القطاعات الكبرى".
وتعديل آخر في المادة الخاصة بإمكانية ترقي أي من الموظفين المحالين إلى المحاكمة حال ثبتت تبرئته، وعدم إقصائه أو الإطاحة به وإنما منحه أجره الوظيفي على الدرجة المرقى إليها، وهي الوارد في المادة 63 من الباب السابع الخاص بالسلوك الوظيفي والتأديب والثالث خاص بالخصومات من الأجر، التي كانت تنص سابقًا على أنه 20 يومًا في السنة بواقع 10 أيام في المرة الواحدة، وهو ما تم تخفيفه إلى 3 أيام في المرة الواحدة. بالإضافة إلى إدخال تعديل على المادة الخاصة بالجزاءات التأديبية التي كانت في السابق تقتصر على الإنذار والخصم والوقف عن العمل، أضيف إليها: "الخفض لدرجات وظيفية أقل مع الاحتفاظ بالأجر المقرر، أو الخفض لدرجات وظيفية وخفض الأجر أيضًا لما كان عليه قبل الدرجة الوظيفية الحالية"
وتضمنت تداعيات القانون الدعوى لقضائية المطالبة بإلغاء القانون والمقامة من على أيوب المحامي، كما طالب بوقف تنفيذ قرار رئيس الوزراء بإحالة مشروع قانون الخدمة المدنية إلى اللجان النوعية لمجلس النواب لمخالفته نص المادة 122 من الدستور في فقرتها الأخيرة، التي تنص على أنه كل مشروع قانون أو اقتراح بقانون رفضه المجلس لا يجوز تقديمه ثانية في دور الانعقاد نفسه.
واختصمت الدعوى التي حملت رقم 6848 لسنة 70 ق، كلا من رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب بصفتهما، حيث ذكرت الدعوى أن مجلس النواب رفض إقرار القرار بقانون الخدمة المدنية الذى أصدره رئيس الجمهورية في غياب مجلس النواب استنادا لنص المادة 156 من الدستور، فلا يجوز إعادة عرض القانون مرة أخرى في ذات دور الانعقاد لمخالفة ذلك لنص المادة ١٢٢ من الدستور، حيث إن مجلس النواب رفض إقرار قانون الخدمة المدنية خلال 15 يوما من تاريخ أول انعقاد، وكان ذلك في غضون شهر يناير 2016 الأمر الذى يؤكد أن إعادة عرض القانون في ذات دور الانعقاد فيه مخالفة دستورية جسيمة ويعد معه قرار رئيس مجلس الوزراء بعرض القانون مشوبا بعيب عدم المشروعية.
التظاهر
كما يحتل قانون التظاهر مرتبة متقدمة من سوء السمعة والذي يعتبر تقييد للحريات والتعبير عن الرأي والحق في التظاهر، والذي مطعون على دستوريته امام المحكمة الدستورية، التي حددت المحكمة جلسة ٣ ديسمبر المقبل برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، للفصل في الدعويين رقمي 160، 234 لسنة 36 ق دستورية، بشأن الطعن على قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية.
وتتضمن الدعوى الأولى الطعن على المادتين (8، 10) من القانون فيما تضمنتاه من استلزام الإخطار قبل القيام بالتظاهرة، وكذا سلطة وزير الداخلية في إصدار قرار مسبب بمنع التظاهرة أو إرجائها أو نقلها في حالة وجود ما يهدد الأمن والسلم وفى هذه الدعوى أوصى تقرير هيئة المفوضين برفضها ودستورية المادتين.
كما تتضمن الدعوى الثانية الطعن على المادتين (7، 19) من ذات القانون فيما تضمنتاه من تجريم المشاركة في تظاهرة أخلت بالأمن أو عطلت مصالح المواطنين أو حركة المرور، ومعاقبة كل من خالف ذلك بعقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه وأوصى تقرير هيئة المفوضين بقبول الدعوى وعدم دستورية المادتين 7 و19 من القانون.
رأى القانون
ويرى اسامه ابو ذكرى الفقيه الدستوري ان تلك القوانين تمس الحريات والعدالة الاجتماعية، وانه بها شبهة عدم دستورية لكونها تجور على الحقوق والحريات، وكان اولى بالبرلمان ان يعقد جلسات استماع تضم جميع اطياف المجتمع والنخبة والمثقفين لإبداء آرائهم في تلك القوانين لأنها قوانين حياتية.
بينما يقول أحمد عبد المطلب المحامي، أن مجلس الدولة بصفته راعى الحقوق والحريات سيتصدى لتلك القوانين المعيبة والتي تجور على الحقوق، والاهداف التي قامت عليها مبادئ ثورة ٢٥ يناير و٣٠ يونيو وهي العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، والكرامة الانسانية.
ويضيف ان التعديلات التي أُدخلت على قانون الخدمة المدنية لم تلبى رغبة الموظف في حقه في الاستقرار الوظيفي، وكذا قانون الضريبة المضافة الذي يمثل عبئا على المواطن.