تأجير المقر القائم بأحمد عرابي لشركة خاصة بواسطة وزارة الصناعة والتجارة
أحمد مهران: يحق للدولة تأجيرها أو الإنتفاع منها ما يعود بالنفع على الشعب المصري
شركة مصرية تأسست لأجل المواطنين البسطاء حتى تكون ملجأ لهم للهروب من غلاء الأسعار الذي ينهش رواتبهم القليلة يومًا تلو الآخر، إلا أنه يبدو أن ما يقال شيء والواقع شيء آخر، بعدما تسبب مشروع الخصخصة الذي أطلقه رئيس وزراء مصر الأسبق عاطف عبيد، في تحول عدد كبير من المشروعات الوطنية إلى شركات خاصة يتحكم من خلالها رجال المال في قوت الشعب، ومن بينها عمر أفندي الذي أصبح بمثابة "دجاجة الفقراء التي توقفت عن البيض".
ويعد "عمر أفندي" بمثابة سلسلة متاجر حكومية مصرية تأسست عام 1856 في القاهرة على يد عائلة "أودلف أوروزد" ذات الأصول النمساوية تحت اسم "أوروزدي باك"، لتلبية احتياجات العملاء.
وفي عام 2005 أعلنت الحكومة عن بيع "عمر أفندي" لشركة أنوال السعودية المملوكة لرجل الأعمال جميل القنبيط بقيمة 560 مليون جنيه، ما أثارت موجة كبيرة من الإنتقادات في الشارع المصري، حيث كانت مبيعاتها السنوية تتراوح مابين 360و380 مليون جنيه وهي تمثل 50% من حجم المبيعات التى كانت تحققها في السنوات السابقة.
وبالرغم من تعهد المستثمر السعودي بأن بمضاعفة مبيعات الشركة لـ تصل إلى 720 مليون جنيه في العام الثاني ثم مليار جنيه في العام الثالث و1،5 مليار جنيه في العام الرابع، إلا أن النتائج جاءت عكسية حيث تراجعت مبيعات عام 20072006 لتصل إلى 180 مليون جنيه اى النصف، ثم 90 مليون جنيه في 20082007، و30 مليون جنيه في العام الثالث إلى أن بلغت صفرًا في العام الرابع، ليكشف الستار فيما بعد على لسان الحكومة آن ذاك، عن تعمد المستثمر السعودي عدم تشغيل الشركة، مما أدى إلى إنهيارها بهدف تحويل فروعها لأصول عقارية.
وقبيل ثورة 25 يناير 2011، قضت محكمة القضاء الإداري بعودة الشركة مرة أخرى للدولة ممثلة في الشركة القومية للتشييد والتعمير، وبالرغم من ترحيب الشركة القومية للتشييد والتعمير بعودة "عمر أفندي"، إلا أنها أكدت صعوبة تشغيلها نظرًا لعدم توافر السيولة المالية اللازمة لإحياء فروعها مرة أخرى، بعد أن كشفت عن إحتياج هذه الشركات إلى ما يقارب من500 مليون جنيه على مدار الـ 4 سنوات للخروج من خانة الخسارة التى تعاني منها والتى بلغت نحو 830 مليون جنيه، منها 83 مليون جنيه للموردين، و160 مليون جنيه للبنوك.
مقر التحرير
الأمر السابق دفعني إلى خوض تجربة للتعرف عن قرب على ما يدور داخل أروقة الممتلكات العامة، التى تعد القٌبلة الوحيدة لمحدودي الداخل، وبدأت في التجول داخل المقر القائم بالتحرير، حيث تفاجئت بإقبال شبه منعدم.
بدأت في التسائل عن سبب الإقبال الضعيف من الأسر، فعلى ما اسمع أن أسعار "عمر أفندي" أقل بكثير عن الشركات الخاصة، ظللت أفكر فى إجابة للسؤال السابق حتى خرجت الإجابة على لسان أحد العاملين بالمقر المتواجد في التحرير قائلًا: " يا باشا الأسعار مولعه وكمان مبقاش زى الأول زمان كان عمر أفندى بيقدم سلع بأسعار مخفضة لمحدودي الدخل، دلوقتى تقدر تقول الله يرحم عمر أفندي".
وأضاف العامل "الإقبال عندنا زى ما انت شايف معدوم ودا حال عمر أفندي كل يوم على هذا المشهد"، وعن رواتبهم أوضح أنه يحصل على راتبه ضاحكًا: "يعنى هيبقى من كله لا زباين ولا مرتب كمان، على اساس أننا بناخد ملايين دول يادوب بيعيشونا بالعافية"، مناشدًا الرئيس عبد الفتاح السيسي بإيجاد حل سريع لعودة ملجأ الغلابة.
الأسعار التى تحدث عنها العامل هي ما إنتقده أيضًا أحد المترددين على الفرع ويدعي "م.ع" حيث قال: " أسعار عمرو أفندي لافرق بينها وبين نظيرتها في الأسواق وبين المحلات والمولات اللى بره، والإسم معمول لمحدودي الدخل".
مقر أحمد عرابي
المشهد وجدته مطابقًا بالمثل حينما خطوت أولى خطواتى داخل المقر القائم بأحمد عرابي، الإ أن الإختلاف الوحيد يكمن في كون المقر القائم بأحمد عرابي مجهز "على أعلى مستوي"، ولكن الأعداد هى الأخرى كانت فى مشهد يشبه المقر الأول نظرًا لإرتفاع أسعار السلع أيضًا.
بدأت أتحدث مع العاملين بالمكان عن سر التجهيزات القيمة التى يحظى بها المكان حتى تفاجأت بأن "عمر أفندي" فرع أحمد عرابي تم تأجيره من الباطن لشركة خاصة تدعى "كريتف إيجيب"، بالتنسيق مع وزارة الصناعة والتجارة، ما يعنى أن دور "عمر أفندي"، داخل هذا المكان كما يقول المثل الشعبي "الله يرحمه".
تأجير وانتفاع
تعليقًا على ذلك يقول الدكتور أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، إنه يجوز أن تقوم الدولة باستثمار أى شيئ من الممتلكات العامة مثل "عمر أفندي" باعتباره جزء كبير غير مستغل من أملاك الدولة ما يعود بالنفع على الشعب المصري.
وأضاف "مهران" خلال تصريح خاص لـ "أهل مصر": يحق للحكومة أن تقوم بتأجير "عمر أفندي" ما لا يزيد عن 59 عامًا، وفي حالة الانتفاع لا تزيد المدة عن 99 عامًا.