بين جنبات كوب القهوة يكمن عشق تغنى به الكثيرين من محبي تلك الحبيبات التي تغير الكثير من مزاج الإنسان، "القهوة" مشروب يُعد من بذور البن المحمصة، وينمو في أكثر من 70 بلدًا.
يُقال أن البن الأخضر هو ثاني أكثر السلع تداولا في العالم بعد النفط الخام، ونظراً لاحتوائها على الكافيين، يمكن أن يكون للقهوة تأثير منبه للبشر، وتعتبر القهوة اليوم واحدة من المشروبات الأكثر شعبية في جميع أنحاء العالم.
"أصل القهوة"من المعتقد أن أصل القهوة يعود إلى شبه الجزيرة العربية في القرن 15 الميلادي، حيث وجدت طريقها من هناك إلى أوروبا بعد مائتي سنة وكانت المملكة العربية السعودية هي السباقة في تخمير وتحمير بذور القهوة وهي طريقة مشابهه لطريقة عملها الأن.
ومن المعتقد أيضُا أن أجداد قبيلة الأورومو في أثيوبيا، كانوا هم أول من اكتشفوا وتعرفوا على الأثر المنشط لنبات حبوب القهوة، ولم يُعثر على دليل مباشر يكشف بالتحديد عن مكان نمو القهوة في إفريقيا، أو يكشف عمن قد استخدمها على أنها منشط وظهر أقرب دليل موثوق به سواء على شرب القهوة أو معرفة شجرة البن ، في منتصف القرن الخامس عشر، في الأديرة الصوفية في اليمن في جنوب شبه الجزيرة العربية حيث بدأت مع الصوفيين في اليمن، لتتجه شمالاً عبر الصحراء إلى مكة المكرمة، ثم إلى القاهرة، ثم تعبر البحر المتوسط إلى القسطنطينية، ومنها تحولت القهوة إلى صرعة عالمية وصارت موضة راقية في باريس ولندن وبوسطن الأمريكية.
وبحسب كتاب كورييل، فإن بابا الفاتيكان بارك هذا المشروب، في أوائل القرن السابع عشر سامحاً للمسيحيين بتناوله ومتجاهلاً في ذلك احتجاجات القساوسة الذين قالوا بأن هذا الشراب المليء بالكافيين إنما هو منتج لـ"شياطين الإسلام".
وانتشرت القهوة في القاهرة مع حضور الطلبة اليمنيين للدراسة بجامعة الأزهر وصارت مصر شديدة الولع بذلك المشروب لدرجة أن عقود الزواج باتت تتضمن بنداً يشترط حق المرأة في طلب الطلاق من زوجها إذا كان في جملة تقصيراته الامتناع عن إمدادها بالقدر الكافي من القهوة، كما لجأ مواطن إماراتي إلى استخدام القهوة للتخلي عن كافة مظاهر الزواج، حيث قرر أن يجعل كافة تكاليف الزواج بسيطة وميسرة حتى ولو كان العريس ميسور الحال وعهد على نفسه أن يكتفي بدعوة أهل العريس لتناول فنجان من القهوة وبعضا من التمر في منزل والد العريس فهذه هي الطريقة التي اعتمدها في تزويج بناته فشرطة الوحيد للزواج أن يلبي العريس دعوة القهوة العربية في ديوان منزله.
كما أنه بعد دخول العثمانيين مصر العام 1517، صارت القهوة من المقومات الأساسية للمجتمع التركي، وسلعة من السلع الأغلى قيمة.وبعد خمسة عشر سنة من وصول القهوة إلى القسطنطينية بحلول العام 1570، باتت العاصمة التركية تضم أكثر من ستمائة مقهى.
وقد أطلق العثمانيون علي هذا الشراب "كافيه" وذلك تحريفاً للكلمة العربية "قهوة"، وأطلقوا علي مكان بيعها اسم "كافه خان"، وكانت تركيا وقتها تستورد من مدينة موتشه اليمنية معظم البن كما كتب أحد المراقبين لمشهد الحياة في القسطنطينية أن الفقراء كانوا يستجدون النقود في الشوارع لشراء القهوة.
وفي القرن السادس عشر تذوقت أمريكا القهوة لأول مره بواسطة الإنجليزي جون سميث حيث كان "سميث" مغامراً وعميلاً سياسياً يقاتل ضد العثمانيين في المجر، ثم وقعت كتيبته العسكرية تحت سيطرة الجنود العثمانيين الذين قطعوا رؤوس معظم جنود الكتيبة، وجرحوا الباقين.
وبينما كان سميث جريحا وسط كومة من الجثث جاء عدد من اللصوص لسرقة المكان فوجدوا سميث فأخذوه وقاموا ببيعه كعبد إلى باشا تركي، وخلال فترة حبسه، لاحظ الإقبال على شراب يسمى "كوفا"
وبعدما تمكن من الهرب والعودة إلى إنجلترا، كتب عن الأتراك "إن أفضل مشروباتهم هي الكوفا المصنوعة من حبوب يسمونها كوافا".
وبذلك انتقلت القهوة إلى أميركا وصارت سلعة غالية الثمن ومع حلول العقد الثالث من القرن 17، صارت القهوة تباع في الحانات والفنادق وأصدرت بوسطن رخصة المقهى الأول العام 1670، وفي نيويورك افتتح المقهى الأول العام 1696.
ومع نهاية القرن حلت القهوة مكان البيرة كشراب للإفطار، وفي القرن التالي أقبل جميع الامريكيون علي شراب القهوة.