مازالت أزمة نقص الأدوية تلوح في الأفق دون حل، بل تصاعدت الأزمة، بسبب ارتفاع سعر الدولار مما أثر بالسلب على سوق الدواء المصري، لكثرة الأصناف الناقصة، كمنع الحمل وأمراض الكبد والأورام، حيث تكون المادة الخام في الغالب مستوردة، كما تسبب في أمراض متعددة للأطفال والكبار، منها مرض الهيموفيليا، التي تسبب خلل بالجسم حيث تمنعه من السيطرة على عملية تخثر الدم.
وتسبب نقص الأدوية إلى العديد من الأمراض للمواطنين، على حد تصريحات الأطباء، ومنها الهيموفيليا والأنيميا وفقر الدم وضعف المناعة، حيث أشار العديد من المواطنين إلى عدم قدرتهم للحصول على الأدوية، وافتقاد السوق لأصناف متعددة مما يدق ناقوس الخطر، ويهدد صحتهم.
وفي رصد لكافة جوانب الأزمة والتعرف على المسؤول الحقيقي عن تفاقمها، وهل تحتكر بعض الشركات العديد من الأدوية؟ مما تسبب في تفاقم الأزمة.. كان لذلك إجابات مختلفة لدي أصحاب الصيدليات في عدد من المناطق.
صيدلي: نقص الأدوية ليس وليد اللحظة
وقال الدكتور أمين السيد، أحد أصحاب الصيدليات بشارع الهرم، إن نقص كميات كبيرة من الأدوية ليس وليد اللحظة، إنما هي نتاج لسلسة من الأزمات المتلاحقة، كان منبعها الأساسي احتكار بعض شركات الأدوية لعدد من الأصناف وتعاملها مع صيدليات بعينها مما يحرم الباقي من أصناف كثيرة، مما يزيد من تصاعد الأزمات في مناطق محددة وتجعل المواطن يشعر بها.
وأضاف السيد، أن قائمة الأدوية الناقصة وصلت إلى ألفي صنف، لكن توجد بدائل لها، وهناك نحو 200 صنف لا يوجد لها مثل أو بديل، منها حقن «أر إتش» المتعلقة بالسيدات الحوامل، التي تؤخذ قبل الولادة لمنع تكوين الأجسام المضادة بعد الولادة، ووصل سعرها إلى 800 جنيه، في حين أن سعرها الرسمي بوزارة الصحة 274 جنيهًا، وكان هناك بديل تم طرحه في الأسواق، لكن تم اكتشاف أنه منتهي الصلاحية، بجانب أدوية الهرمونات للسيدات والمحاليل الطبية؛ الكورتيزون بجميع أنواعه حقن وقراص أو شراب، وعدد من أدوية مرضي الكبد، وهناك أدوية استراتيجية لمرضي الأورام كالانتوكثان، وهو أحد أهم الأدوية لمرضى الأورام وغيابه ينذر بتفاقم الحالة الصحية للمريض.
شمس الدين: اختفاء الأدوية انعكاس لحالة انعدام الرؤية
وتابع محمد شمس الدين، أحد أصحاب الصيدليات بمنطقة القصر العيني، إن نقص أو اختفاء الأدوية الضرورية أو الأساسية من السوق يعتبر انعكاس طبيعي لحالة انعدام الرؤية وعشوائية التخطيط في السياسات الدوائية المصرية خصوصا في العقد الاخير من النظام السابق، لافتا إلى أن مع كافة أزمات نقص الدواء المتتالية والمتكررة هو عدم انتباه وزارة الصحة لتلك الأزمات إلا بعد تفاقمها واحداثها لصدي واسع في المجتمع والاعلام.
السعيد: الوزارة مسؤولة عن توافر الأدوية
وذكرت هند السعيد، إحدى الصيدليات العاملات بمجموعة صيدليات العزبي، إن أدوية مرضى النفسية والعصبية أيضًا بها نقص، وإدارة الشؤون الصيدلية بالوزارة هي المسؤولة عن توافرها، فالأزمة ليست فقط في نقص المواد الخام، لكن في وقت تصنيع هذه الأدوية، حيث إن هناك دورة علمية من 3 إلى 6 أشهر للتصنيع والتحاليل والتعبئة والتوزيع، مشيرًا إلى أنه بسبب البيروقراطية والروتين هناك نحو 25 ألف حقنة «ألبومين» موجودة بمخازن مطار القاهرة منذ شهر مايو الماضي، ولم تسلم حتى الآن بسبب عدم دفع مصاريف الجمارك.
مندوب أدوية: القطاع الصحي يعاني من الترهل والفساد
وأوضح رضا محمد أشرف، أحد مندوبي شركة "الجمهورية" للأدوية، أن القطاع الصحي في مصر يعاني العديد من مشاكل ضعف الإمكانيات وإهدار نسبة عالية منها والفوضى والترهل وفساد الإدارة في ظل أن محاولات مستمرة من العديد من المسؤولين لتجاهل هذه المشكلة.
"صيدلانية": فساد المنظومة الصحية في رقبة الأطباء
وقالت شيرين محمود، إحدى الصيدلانيات العاملات بمجموعة صيدليات "سيف"، إن المسؤولين في وزارة الصحة يتهربون من مسؤوليتهم ويعلقون كل أوزار عجز وفساد المنظومة الصحية في رقبة الأطباء، كما يشنون حملة إعلامية طويلة ومستمرة على ضدهم عقابا لهم على تجرؤهم لكشف مشاكل الصحة المزمنة والتي تحتاج لمواجهة حقيقية وليس مجرد شو إعلامي، لافتا إلى وجود نقص شديد في أصناف من الأدوية، دون وجود حل من الوزارة.
"العزبي": أزمة الدواء هي أزمة صناعة في الأساس
وقال الدكتور أحمد العزبي، رئيس غرفة صناعة الدواء، إن أزمة الدواء هي أزمة صناعة في الأساس، وعدم تفهم الحكومة لمشاكل القطاع والسعي في حلها، مشيرا إلى أن الاستقلال الدائم لقطاع الأدوية هو سبيل انهاء الأزمات بشكل كلي.
وأضاف العزبي، في تصريحات خاصة لـ "أهل مصر" أن سبب أزمات القطاع المتتالية هو عدم الاستقلال والاستقرار وانعدام دوره، مؤكدا أن قطاع الدواء يعد قطاعا اقتصاديا واجتماعيا يشارك بشكل أساسي في مساندة الدولة والنهوض باقتصادها، مناشدا بضرورة إنشاء هيئة لصناعة الدواء، وإعادة تنظيم القطاع لاستعادة دوره في الريادة والتصدير.
وزير الصحة: لن يكون هناك مجال للتلاعب بالأسعار
ومن جانبه قال الدكتور أحمد عماد الدين راضي، وزير الصحة والسكان، أن الزيادة في أسعار الدواء تنفيذًا للقرار، سوف يتم تنفيذه بحد أقصي ٦ جنيهات للعبوة الواحدة بما تحتويه من شرائط طبقًا للفقرة التوضيحية التي أضافها مجلس الوزراء.
وأوضح، خلال بيان صحفي، أنه تم عمل جداول لأصناف الأدوية والأسعار عليها ويتضمن السعر والصنف بعد التعديل بحيث لا يكون هناك مكان لتلاعب على المواطنين، مشيرًا أنه سيتم تعميم وإعلان ذلك في وسائل الإعلام حتى يتم تداولها للمريض قبل الصيدلي والموزع والمنتج.
يذكر أن قدمت وزارة الصحة العديد من الوعود بإنهاء الأزمة ولكنها لا تزال لاتجد مخرجا منها، وفي المقابل تزداد الأزمة صعوبة وسوءاً.