“عدو المرأة” الاول أنيس منصور الذى تحل اليوم ذكرى رحيله الخامسة، تعامل مع اللغة العبية ككائن حى يرغم الواقع على إظهار نفسه.
استطاعت تلك الكلمات أن تعبر عن شخصيته “ أتعس الرجال أقواهم جدًا وأتعس النساء أجملهن جدًا وكنت أتعس الجميع فقد كنت الجمال والقوة معًا”، “النساء مثل الحصون يتم الاستيلاء عليها بالقوة أو الحصار الطويل”؛ “ومن أجل أن تتخذ صورتك شكلًا اجتماعيًا فلا بد من امرأة تحبها وتتزوجها، أو تتزوجها بلا حب أو تستخدمها أو هى تستخدمك تكون فى يدك أو تكون هى فى عنقك فى قلبك أو على قلبك”، “المرأة العاقلة تضع بعض السكر فى كل ما تقوله للرجل، وبعض الملح فى كل ما تسمعه منه”من خلال كتابه “إثنين إثنين”.
وكان أول من تنبأ بإدمان الانترنت فمعلوماته متنوعة ومتشعبة ومرهقة ولكنه لم يقر بانتهاء الورق والكتب كما تنبأ أيضًا بترشح “هيلاى كلينتون” للانتخابات الأمريكية بالإضافة إلى أزمات وحروب المياه التى تحدث الآن.
اتخذ من التأمل والعزلة شعارا له فى حياته وكان أول صحفى يقوم بدورة حول العالم فى 228 يوما عام 1959، كذلك اقترب من السلطة كثيرا وسعى بكل قوته إلى مهاجمة الرئيس الاحل محمد أنور السادات.
تميزت حياته بالغرابة فكان له العديد من العادات المختلفة والغريبة فدائما ما كان يكتب وهو حافى القدمين، مرتديًا بيجامته، كما كان حظه من النوم ليس كثيرًا، على عكس حظه من الأرق، فهو لا يحظى إلا بساعات قليلة من النوم، بينما يطارده الأرق دائمًا.
على الرغم من عشقه للكتابة إلا أنه لا يحب العمل الصحفى كان يوقع مقالاته باسم سيدة، وفى أحد الحوارات الصحفية قال: “عندما كنت رئيس تحرير مجلة الجيل كنت أكتب مقالة وبابًا عبارة عن رسالة بينى وبين القراء وبابًا بإمضاء فلان وبابًا ثالثًا باسم زوج أحلام شريف أو شريف شريف، وثانيًا لأن هناك موضوعات تفضلها القارئات وأنا أعرف اكتبها ولا أجد فتاه تجيد كتابتها”، ثم ضحك أنيس منصور وهو يقول للمحاور: “سأقول لك على شىء لذيذ هل تعلم أن هناك سيدات يكتبن بإمضاء رجال مثل جورج صاند، هذا رجل متنكر”. 50 زجاجة عط كانت سر آخر فى حياته منذ أن كان طفلا حيث طلب أحد المعلمين من التلاميذ، فى إحدى حصص التربية الفنية، أن يرسم زجاجة عطر، وتركهم لمدة 10 دقائق من الحصة، ثم عاد يمر عليهم ليرى ماذا فعلوا، لكنه وجد الطفل أنيس لم يرسم شيئًا وقد أخذ يبكى، كأنه فقد شيئًا، فاقترب منه وسأله عن سر بكائه، فقال له: “أبكى لأننى لا أعرف شكل زجاجة العطر، أنا أعرف فقط شكل زجاجات العلاج والأدوية، فهى عندنا لا حصر لها، أعرف زجاجة الشراب المضاد للحساسية، والمهدئ للأعصاب، والطارد للكحة، أعرف كل ألوان العذاب أما العطر فلا علاقة لى به”، عندها تأثر معلمه وطلب منه رسم أى زجاجة حتى لو كانت زجاجة علاج.
كما حفظ “منصور” القران الكريم وتعلم أكثر من لغة فأجاد الإنجليزية، والإيطالية، والفرنسية، والروسية، والألمانية، ترجم إلى العربية عديدًا من الكتب والأعمال الأدبية الأجنبية، بلغت نحو 9 مسرحيات وحوالى 5 روايات من لغات مختلفة، إلى جانب 12 كتاب لفلاسفة أوروبيين.
سافر إلى العديد من البلدان كما عمل معيدا فى جامعة عين شمس لفتة ثم تفرغ للكتابة والعمل الصحفى، ورحل اثر تدهور حالته الصحية عن عمر 87 عاما.