الصاروخ الباليستي أو القوسي هو صاروخ يتّبع مسارًا منحنيًا أو شبه مداري، حيث يتأثر بالجاذبيّة الأرضيّة والاحتكاك الهوائي والمسار المنحني يسبقه مسار تسارع ناتج عن محرك صاروخي يمنح الصّاروخ الدفع المناسب للوصول إلى هدفه.
وهذا يُعنى بأن الصواريخ الباليستيّة تكتيكيّة أو استراتيجيّة وهذا التصنيف (تكتيكي واستراتيجي) يوضع حسب السياسة الدفاعية للدّولة التي تمتلك مثل هذه الصّواريخ.
الفرق بين الصاروخ التكتيكي والإستراتيجي
الصّاروخ التكتيكي يُستعمل لتوسيع الطّاقة الهجوميّة للقوّات المسلّحة أكثر من تلك المسموح بها عن طريق المدفعيّة التقليديّة وعادة ما يكون مداه في حدود بضع مئات الكيلومترات وهو مزوّد برأس تقليديّة.
أما الصّاروخ الاستراتيجيّ فهو سلاح عادة ما يُستعمل للرّدع، وهو مزوّد غالبا برأس حربي غير تقليدي، خاصّة السّلاح النّوويّ وهذا السّلاح يمكن الدّول من أن تهاجم حتّى عندما تكون قوّاتها المسلّحة غير قادرة على ذلك، لأنّ هذا النّوع من الصّواريخ قادر على ضرب الأهداف دون التعرّض لخطر الاعتراض.
وأحيانا يستعمل لفظ "الصّاروخ الباليستي" للحديث عن الصّاروخ الباليستي الاستراتيجي المزوّد برأس نوويّة لما يحمله هذا الأخير من دلالات سياسيّة واجتماعيّة، خاصّة بعد الحرب العالميّة الثانية.
وأوّل صاروخ يمكن أن نطلق عليه اسم صاروخ باليستي هو صاروخ فاو2 المصنّع في ألمانيا من قبل فيرنر فون براون سنة 1938م والذي استعمل خلال الحرب العالمية الثانية ومداه 200 كم تقريبا.
وعند انتهاء الحرب، تسابقت الولايات المتّحدة الأمريكية والاتّحاد السوفييتي في صناعة وتطوير الصواريخ البالستية التكتيكية.
وخلال السنوات 1950م و1960م، تضاعف مدى الصواريخ بشكل كبير، فعلى سبيل المثال في الإتحاد السوفييتي سنة 1949م وصل مدى صاروخ "أر-2" إلى 550 كم، وفي سنة 1955 وصل مدى صاروخ "أر-5" إلى 1200 كم، وفي سنة 1957م وصل مدى صاروخ "أر-7" إلى 8000 كم، وسنة 1961م وصل مدى صاروخ "أر-9" إلى 13000 كم، ليصل مدى صاروخ "أر-36" إلى مدى كوكبي سنة 1965م.
معلومات عن الصواريخ الباليستية1- تمتلك الصورايخ الباليستية تأثيرًا استراتيجًا بالغ الأهميّة بحكم أنّها تكون مزوّدة عادة برأس نووية وبحكم مداها البعيد دخل أوّل صاروخ باليستي أمريكي عابر للقارات معدّ لأغراض استراتيجية الخدمة سنة 1959م وهو صاروخ الأطلس ومداه يصل إلى 11000 كم وهو الصاروخ الذي تمّ استعماله في ما بعد في إطار برنامج ميركوري.
2- تم إطلاق الصاروخ الأمريكي بولاريس من غوّاصة حربيّة سنة 1960م ويعتبر هذا الصاروخ كغيره من الصواريخ الباليستية المطلقة من غوّاصات، صاروخًا استراتيجيًا على الرغم من أنّ مداه لا يتجاوز 2000 كم وذلك لأنّه يمكن إطلاقه قرب مكان العدوّ.
3- بالنسبة لتصميم صاروخ باليستي فإنه يشبه تماما تصميم الصواريخ الفضائية فعلى سبيل المثال، تمّ تصميم الصاروخ الفضائي ميركوري-ريدستون الذي حمل أوّل رائد فضاء أمريكي إلى الفضاء اعتمادا على تصاميم صواريخ فاو-2 وأيضا الصاروخ الروسي زيميوركا الذي أطلق القمر الروسي التجريبي سبوتنيك 1 سنة 1957 والذي تستعمل أحدث نسخه حتى يومنا هذا لصواريخ سويوز هو في الأصل صاروخ باليستي عابر للقارات.
4- يتكوّن الصاروخ من طبقات موضوعة فوق بعضها البعض ويحتوي الطابق الأخير على الحمولة، وهي عادة ما تكون قنبلة أو عدّة قنابل أو نظم توجيه وتصويب أمّا الطبقات السفليّة فهي طبقات دفع وتحتوي على خليط من الموادّ - يسمّى بروبرغول - ويُحدث تفاعلها الحصول كميّة كبيرة جدّا من الطاقة كما تحتوي هذه الطبقات على محرّك نفّاث يوجّه هذا التفاعل لضمان دفع الصاروخ.
5- يخترق مسار الصّواريخ الباليستية الغلاف الجوي ويمر عبر الفضاء ولكنّها لا تصل إلى سرعة كافية لتبقى في الفضاء.
6- السرعة القصوى للصواريخ الباليستية متغيّرة وتختلف حسب مداها حيث يصل سرعة صاروخ فاو-2 القصوى، والذي يبلغ مداه 320 كم، إلى 1.6 كمث، بينما تصل سرعة الصواريخ الحديثة العابرة للقارّات، والتي يبلغ مداها 10000 كم، إلى 7 كمث وتبلغ السرعة الضرورية لوضع الاجسام في مدار قمريّ نحو 8 كمث.
وينقسم مسار الصاروخ الباليستي إلى ثلاث مراحل مختلفة تأتي كالتالي:1- مرحلة الدفع وتبدأ هذه المرحلة لحظة تشغيل أوّل محرّك وتتواصل حتّى استهلاك كميّة البروبرغول بالكامل وخلال هذه المرحلة يجمع الصاروخ الطاقة الحركيّة اللاّزمة ليصل هدفه، ومدّة هذه المرحلة عادة ما تكون قصيرة نسبيّا مقارنة بمدّة الطّيران.
2- مرحلة الطيران الباليستي وتكون هذه المرحلة في الفضاء وتُمثّل أطول مرحلة في المسار، خاصّة بالنّسبة للصواريخ ذات المدى البعيد وغياب الدفع في هذه المرحلة يعني أنّ مسار الرحلة قد تحدّد بشكل كامل في نهاية المرحلة السابقة.
3- مرحلة الدخول في الغلاف الجوي وهذه المرحلة، الباليستية كذلك، تختلف عن المرحلة السابقة بتواجد الاحتكاك بين الهواء والصّاروخ ويُبطّئ هذا الاحتكاك الصّاروخ ويجعله أقلّ توازنا بسبب الرّياح والاضطرابات الجويّة كما يُولّد كميّة كبيرة جدّا من الطاقة الحراريّة.
وهذه المراحل الثلاثة موجودة في مسارات كلّ الصّورايخ، سواء كانت ذات مدى قصير جدّا أو عابرة للقارّات ولكن تختلف المدّة الكاملة للرحلة ومدّة كلّ مرحلة حسب الصّواريخ حيث يقوم صاروخ فاو-2 بمساره في مدّة 5 دقائق و30 ثانية، 60 ثانية منها خلال مرحلة الدفع وهذا الصّاروخ يصل إلى الفضاء لكنّ معظم مساره كان داخل الغلاف الجويّ وتحلّق الصواريخ الباليستية الحديثة أكثر من 30 دقيقة، 3 دقائق منها خلال مرحلة الدفع ودقيقتان خلال مرحلة دخول الغلاف الجويّ.
7- لا تستخدم معظم الصّواريخ ذات المدى القصير والمتوسّط عمليّا إلاّ طابقا واحدا، بينما تستخدم الصّواريخ ذات المدى البعيد والعابرة للقارّات بين طابقين وأربعة طوابق ذات حجم متناقص.
8- لا يوجد ما يجبر الصّواريخ على أن تكون طوابقها متراكبة، وهو ما يمنع استعمال محرّك طابق ما حتّى يتمّ التخلّص من الطّابق الذي يسبقه ولكنّ معظم الصّواريخ الباليستية ذات طوابق متراكبة حيث أن هذا الشّكل الممدود للصّواريخ متوافق أكثر مع تنصيبها في منصّات الإطلاق المحصّنة أو في القطارات والشّاحنات وأن صاروخ أر-7 الرّوسي وهو جدّ الصّاروخ سويوز الحالي يمثّل خرقا لهذه القاعدة.