واجهت العديد من المحافظات في مصر، أزمة تزايد كمية الأمطار المتساقطة عليها، بلغت حد السيول، في أماكن بعينها.
ومع اشتداد الأزمة وغرق عدد من السكان، قابل ذلك حالة من الفشل في البنية التحتية وقصور في إدارة الأزمة، بالرغم من الخير الذي تحمله هذه السيول.
يقول الدكتور نادر نور الدين، خبير الموارد المائية، إن جميع دول العالم تستفيد من الأمطار الغزيرة، بحيث تكون الزراعة هي المستفيد الأول منها، لافتًا إلى نسبة الزراعة المروية في العالم تصل إلى 83%.
وأكد نور الدين، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن تقرير منظمة الأغذية والزراعة "فاو" التابعة للأمم المتحدة لعام 2015، أكد أن نسبة مياه الأمطار المهدرة التي تسقط على مصر تساوي حصتها من مياه النيل تقريبًا، لافتًا إلى أن نسبة المياه التي تسقط في مصر تصل إلى نحو 51 مليار متر مكعب، فيما تقدر حصتها من مياه النيل بنحو 55.5 مليار متر مكعب.
وأوضح نور الدين أنه يمكن لمصر أن تستفيد من مياه السيول والأمطار وتحولها إلى ثروة قومية من خلال عمل هرابات ومصايد للأمطار، خصوصًا على الساحل الشمالي بدءًا من الاسكندرية وصولًا إلى مطروح والسلوم، كما يمكن الاستفادة منها بداية من منطقي القنطرة غرب وحتى رفح والعريش.
وأشار أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، إلى أنه يمكن عمل ميول وحفر خنادق طويلة وعريضة بهذه المناطق بحيث تستوعب كمية اللأمطار التي تسقط كل عام، لافتًا إلى أن تخزين هذه الكمية من الأمطار يكفي لزرعة شتوية كاملة دون الحاجة غلى الإستعانة بمياه الري.
وقال المهندس أحمد عبد الخالق الشناوي، الخبير الدولي للموارد المائية، إن مصر كانت تنوي زراعة 91 ألف فدان في الدمازين بولاية النيل الأزرق في السودان، بعد أن تعهدت مصر بإقامة مصبات للأمطار، فبدلًا من أن تذهب لصناعة مصبات الأمطار بالسودان أولى بها أن تقيمها في داخل الدولة وتستفيد منها وتتفادى أزمات السيول.
وأكد الشناوي، أنه يمكن إقامة سدود بالأماكن الصحراوية لتخزين المياه، مثل سد الروافعة الموجود في سيناء، بجانب هرابات ومخرجات سيول بمحافظات الصعيد مثل قنا وسوهاج وأسيوط والأقصر.
وأكد الدكتور إسلام ممدوح، الخبير والمتخصص في شئون بناء السدود المائية، أن وزير الرى السابق كان قد أدلى بأن موجة الأمطار التي تجتاح مصر الآن هي أمطار "مُدن" ولا يمكن تخزينها والاستفادة منها في الري والزراعة كما يتصور البعض.
وأوضح ممدوح، أنه كان ينبغي على الدولة إنشاء شبكة للأمطار، ولكن ضعف الإمكانيات حال دون ذلك، لافتًا إلى أن إنشاء هذه الشبكة يتكلف مليارات ضخمة للغاية، وهناك أولويات أخرى أمام الحكومة.
وأكد الخبير المائي وأستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي، أن فيضان هذا العام مبشر وفى صالح مصر وسوف يغذى السد العالي، مشيرا إلى أن أزمة المحافظات تكمن في سوء استقبال الأمطار وعدم وجود ماصدات للسيول، وبالتالى اجتاحت السيول البيوت وأودت بحياة البعض.
وتابع محمد أمين خبير الموارد المائية، أن على الدولة سرعة التحرك لإنقاذ حياة المواطنين وتوفير الرعياة الصحية لهم، وتعويضهم بمنازل ومساكن تأويهم من السيول وتوفير ماصدات على مستوى جيد.
من جانب آخر اشتكى مواطنو بعض المحافظات من اشتداد الأزمة، وضياع بيوتهم وموت ذويهم بسبب الأمطار الشديدة والسيول، حيث قال محمد عبدالرحمن، أحد سكان منطقة رأس غارب، إنه فقد منزله وجميع محتوياته بسبب السيول، ولم يتحدث معهم أي مسؤول، مشيرا إلى أن لولا مساعدات أهل القرية كان قد فارق هو وأسرته الحياة.
وقال محمود السيد، أحد سكان المنطقة، إن الجميع يعانى مما أحدثته السيول من تدمير هائل للبيوت، إلى جانب موت عدد من الأهالي، ولا تزل جثثهم تحت الأنقاض، ولم يتوجه أي مسؤول لمساعدتهم حتى الآن.
وتابع عبدالله الحلواني: "الدنيا خربانة هنا، الناس بتعوم ومش عارفين نتحرك، ربع بيوت المدينة وقعت". الشباب تحرّك بشكل سريع ولكن غريزة انقاذ الموقف جعله أكثر تنظيمًا "الناس اللي بيوتها غرقت ساعدنا في إننا نخرجهم من بين الميّه وفتحنا مدرسة الشهيد عباس سليم عشان يدّاروا فيها لحد ما نشوف هنعمل إيه. حسبي الله ونعم الوكيل".
وأشارت منى عبدالستار، الطبيبة بمستشفى رأس غارب، إلى أن المستشفى بها حالات عديدة تعانى من الاضطراب العصبي، الكسور والخدوش بسبب السيول، قائلة، أن الأمور تزداد سوءا ونجد صعوبة في الوصول إلى المستشفيات.
وكان قد الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الري والموارد المائية، صرح بأن الأمطار التي سقطت، "بشرة خير"، لافتا، إلى أن الأمطار سقطت على محافظة جنوب سيناء والبحر الأحمر وصعيد مصر ومدينة الخارجة بالوادي الجديد والإسكندرية.
وأضاف أن مركز التنبؤات بوزارة الري، تنبأ بتساقط أمطار خلال يومي الخميس والجمعة، في المحافظات المذكورة، مشيرا إلى أن غرفة العمليات بالوزارة تتابع وترصد بشكل دقيق كل ما يتساقط من أمطار، وتصويره فوتوغرافيا.