تحالف مسيحي شيعي يحظى بمباركة سنية.. هل ينجح "ميشال العون" في لم شمل لبنان؟

ميشال عون

زعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال عون، أصبح رئيسًا للجمهورية اللبنانية، خلفا للرئيس السابق ميشال سليمان الذي انتهت ولايته في مايو عام 2014.

عام ونصف، مرت على لبنان دون رئيس، جدل استمر لمدة ستًا وأربعين جلسة بالبرلمان اللبناني، شهدت خلافات وتوترات ومناقشات حول مستقبل لبنان، حتى توصل الأطراف إلى اتفاق حول اسم الرئيس الجديد، والذي تم انتخابه اليوم الاثنين، ليتولى مهام رئيس لبنان.

وأعلن سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني الأسبق ورئيس تيار المستقبل قبل أسبوع عن دعمه لترشيح خصمه، العماد ميشال عون، لرئاسة البلاد، ووصف الحريري موقفه الجديد بضرورة التوصل إلى "تسوية سياسية" خوفًا على لبنان.

وفور ذلك جاء إعلان حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني الداعم لترشيح العماد عون لمنصب رئاسة الجمهورية. وقال نصر الله " ستحضر كتلة الوفاء للمقاومة الجلسة بكامل أعضائها، وستنتخب العماد عون رئيسا للجمهورية".

لماذا تحول موقف الحريري مع العماد؟عارض كثير من القيادات الحزبية ونواب من التيار السني وصول عون لسدة الرئاسة ويؤاخذونه على تصريحات مؤيدة لسوريا سبق أن أدلى بها، ويتهمونه بالعمالة لإيران، وبتنفيذ أجندة حزب الله.

وقال سعد الحريري إنه توصل إلى تفاهم معه بشأن الحفاظ على النظام اللبناني وتعزيز قوة الدولة والالتزام بحيادها الكامل إزاء الصراع في سوريا والاعتراف باتفاق الطائف.

وأضاف الحريري في كلمة إعلانه دعم ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية: "هذا قرار نابع من الخوف على لبنان وضرورة حماية نظامه ودولته ومواطنيه... قائم على الأمل بلبنان واللبنانيين.. ما نحن بصدده اليوم هو تسوية سياسية بكل معنى الكلمة ".

واعترف الحريري بأن قراره ينطوي على "مخاطرة سياسية شخصية كبرى" إلا أنه أضاف موجها كلامه لأعضاء تيار المستقبل: "أنا مستعدّ لأن أخاطر بنفسي وبشعبيّتي وبمستقبلي السياسي لأحميكم جميعا".

نبيه بري، رئيس البرلمان ورئيس حركة أمل الشيعية، وحليف حزب الله عبر عن رفضه التصويت لعون، وانضم إليه في موقفه هذا أعضاء بارزون في كتلة تيار المستقبل بينهم رئيس الكتلة في البرلمان ورئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة، ووزير الاتصالات بطرس حرب.

ومنذ هذا الإعلان لم تتوقف التكهنات والتحليلات داخل لبنان وخارجه في محاولة لتفسير موقف سعد الحريري ومراميه وتداعياته، فمنهم من أيد توافقه مع عون ومنهم من عارضه ومنهم من اعتبره خروجا من حضن المملكة العربية السعودية إلى محور الممانعة الذي ترعاه ايران، الخصم الأكبر لسياسات المملكة في المنطقة.

وقالت علا بطرس، مستشارة وزير الخارجية اللبنانى، أن ملف الإنتخابات الرئاسية شأن داخلى، وعن إختيار العماد ميشيل عون رئيسا للبنان أكدت أن إختياره رئيسا ينهى حالة الفراغ الرئاسى والتى إستمرت عامين ونصف، وأوضحت أن التوافق حول إختيار عون تم بعد مشاورات إستمرت لشهور، وكشفت أنه سيتم إنتخاب عون غدا رئيسا للبنان بعد موافقة أكثر من ثلثى مجلس النواب.

وذكرت بطرس أن الرئيس عون سيعمل على التوازن بين تيار المستقبل وحزب الله مما يضمن استقلالية علاقتنا الخارجية، ونوهت أن السياسة الخارجية للبنان فى الفترة القادمة مستقلة ومتوازنة مع كافة الجيران والأشقاء العرب، وأكدت بطرس أن علاقتنا مع السعودية قائمة على الإحترام بين البلدين.

"من هو ميشال العون"ميشال عون، قائد أسبق للجيش وسياسي لبناني، وبتوقيت إعلانه رئيسًا للجمهورية اللبنانية، عن عمر ناهز 81 عامًا، فهو على أعتاب ولاية مدتها ست سنوات في الحكم.

ولد ميشال عون وترعرع في عائلة مارونية متوسطة الحال في منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت. أنهى دراسته الثانوية في مدرسة "الفرير أو الأخوة" عام 1955، مدرسة اعتاد ارتيادها أبناء الطبقة البرجوازية في بيروت، وتميّز بمستواه العالي في اللغة العربية، انضم إلى الأكاديمية العسكرية كضابط متمرن وتخرج منها بعد ثلاث سنوات كضابط مدفعية في الجيش اللبناني، كرس حياته المهنية للسلك العسكري، خصص في سلاح المدفعية، وتم إرساله ضمن بعثات خارجية، خاصة إلى فرنسا والولايات المتحدة، لاستكمال تدريبه.

في عام 2008 تنازل عن الترشح لرئاسة الجمهورية لصالح ميشال سليمان الرئيس التوافقي، ميشال عون متزوج من نادية الشامي وله منها ثلاث بنات: ميراي وكلودين وشانتال. ولد عام 1935، قبل استقلال بلاد الأرز عام 1943، طرد من القصر الرئاسي في أكتوبر 1990 على يد الجيش السوري عندما كان رئيسا لحكومة عسكرية، عاش بعدها 15 عاما في المنفى الفرنسي قبل أن يعود إلى لبنان عام 2005 ويفرض نفسه مجددا كزعيم لإحدى أبرز القوى السياسية المسيحية في بلده.

وبحسب ما ذكرته "فرانس 24" فقد لعب ميشال عون دورًا أساسيا في تبني مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، عام 2004، القرار 1559 الذي يقضي بانسحاب القوات السورية من لبنان، وهو مطلب تحقق في أبريل 2005 بفعل المظاهرات الضخمة التي شهدتها العاصمة اللبنانية بيروت عقب اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري، وفتح الطريق أمام عودة مظفرة لميشال عون إلى لبنان، ولكن هذه المرة بملابس مدنية.

بعد صدور العفو عنه من قبل القضاء اللبناني، عاد ميشال عون في مايو 2005 إلى بيروت للمشاركة في الانتخابات التشريعية، لكنه فشل في الاتفاق مع التحالف الجديد المناهض لسوريا على تقاسم الكعكة الانتخابية. وبخطوة براغماتية، تحالف عون مع أعداء الأمس، أي الموالين لسوريا، تحت ذريعة طي صفحة الماضي وانتهاء الاحتلال السوري، خطوة أثارت حينذاك إرباكا كبيرا لدى العديد من مؤيديه.

بعدما أصبح العماد عون رئيسًا للحكومة الانتقالية في العام 1988، قطع علاقته بسوريا آنذاك، واتجه إلى الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ليكون بوابته إلى العالم العربي، سانده "أبو عمار" بلا حدود، وأبلغه في لقائهما الأول في تونس حرفيا: "سنسلمك البندقية الفلسطينية في لبنان، وسنتولى دعمك والدفاع عنك في المحافل العربية"، قبل أن يصبح عرفات "عراب" علاقة عون بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

دخل الجنرال بعدها في لعبة الصراع الفلسطيني السوري ومن ثم الصراع العراقي - السوري، وعينه على أن يطيح عرفات وصدام بحافظ الأسد ليصبح رئيسًا للجمهورية.

فبراير 2006، وقع عون "ورقة تفاهم" مع حزب الله الشيعي، الحليف القوي لدمشق، هذا التحالف السياسي بين القوتين السياسيتين ومناصريهما، سمح له بقلب الطاولة وتغيير المشهد السياسي اللبناني، وإحباط مخططات الأغلبية الحاكمة بقيادة السني سعد الحريري.

خصومه السياسيين باتوا يتهمونه بتوفير غطاء مسيحي لتيار سياسي-عسكري موالي لإيران -حزب الله، تيار اتهم الكثير من أعضائه من قبل المحكمة الدولية، بالضلوع في اغتيال رفيق الحريري.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
ملخص وأهداف مباراة البرتغال وكرواتيا (1-0) في دوري الأمم الأوروبية