اعلان

اليونسكو: 800 صحفي قتلوا على مدار 10 سنوات

منظمة الأمم المتحدة
كتب :

تحيي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" غدًا الأربعاء ،اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين 2016، حيث قتل أكثر من 800 صحفي على مدى السنوات العشر الماضية لا لشيء إلا لقيامهم بواجبهم المهني، وبعض تلك الحالات حظي باهتمام دولي، بينما بعضها الآخر لم ينل نفس الاهتمام، ففي العام الماضي وحده على سبيل المثال، أعدم ما لا يقل عن 17 من الصحفيين العراقيين، ويعاني الكثير من الصحفيين والإعلاميين في جميع أنحاء العالم من التخويف والتهديد بالقتل والعنف.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد اعتمدت في دورتها الـ 68 التي عقدت في عام 2013، القرار 163/ 68 الذي أعلن يوم 2 نوفمبر من كل عام بوصفه "اليوم الدولي لمكافحة الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين"، وقد حث القرار الدول الأعضاء على تنفيذ تدابير محددة لمكافحة ثقافة الإفلات من العقاب المتفشية حاليا، ويصادف هذا اليوم ذكرى اغتيال اثنين من الصحفيين الفرنسيين "جيسلين دوبون" و "كلود فيرلون" في مالي في 2 نوفمبر عام 2013. ويدين هذا القرار البارز جميع الاعتداءات وأعمال العنف المرتكبة ضد الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام، ويحث الدول الأعضاء على بذل قصارى جهودها لمنع أعمال العنف ضد الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام، وكفالة المساءلة، وتقديم مرتكبي الجرائم ضد الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام إلى العدالة، وضمان وصول الضحايا إلى سبل الانتصاف المناسبة. كما يهيب بالدول أن تشجع بيئة آمنة ومؤاتية للصحفيين لكي يقوموا بعملهم باستقلالية ومن دون تدخل لا موجب له.

وأشارت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو في رسالة لها بهذه المناسبة، إلي أن الإفلات من العقاب يفضي إلى المزيد من الإجرام المطلق العنان ، فينتشر الظلم ليطال الجميع.

ولقد أدانت اليونسكو قتل أكثر من ٨٠٠ صحفي منذ عام ٢٠٠٦. والحال أن نسبة الجرائم المعنية كشفت ملابساﺗﻬا هي أقل من ٧ % من مجموعها . وفي عام ١٩٦٣، كتب مارتن لوثر كنغ الابن قائلا: " إن الظلم في أي مكان يهدد العدل في كل مكان. فنحن أسرى في شبكة من التأثير والتأثر لا فكاك منها، يضمنا كساء المصير الواحد. فكل ما يصيب أحدنا بصورة مباشرة يصيبنا جميعاً بصورة غير مباشرة".

وأضافت بوكوفا ، إن الإفلات من العقاب يمثل جريمة بحق ممارسة حرية التعبير وانتهاكاً لحقوق الإنسان بوجه أعم. فهو يؤدي إلى تجاسر مرتكبي الجرائم المعنية على اقتراف المزيد منها ، ويهدد سيادة القانون، ويبث الخوف في النفوس ، فيدفع على ممارسة الرقابة الذاتية. فيعاني منه اﻟﻤﺠتمع بأسره . فاليوم نحتاج إلى تجديد الجميع التزامهم بتهيئة مناخ من الحرية والأمان للصحفيين. ونحتاج إلى تحرك تعبوي جديد من أجل تنفيذ خطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب ، الذي تقوده اليونسكو .

وذكرت بوكوفا أنه يجب علينا اليوم أكثر من أي وقت مضى بذل قصارى جهودنا لحماية الصحفيين ومكافحة الإفلات من العقاب. فذلك أمر بالغ الأهمية لتنفيذ الغاية 10الملحقة بالهدف 16من الغايات المنشودة في إطار خطة التنمية المستدامة ، وهي كفالة وصول الجمهور إلى المعلومات وحماية الحريات الأساسية . وعلينا أن نحث الخطى على هذا الطريق. وقد اعتمدت الأمم المتحدة عدة قرارات متميزة بأهميتها الفائقة لتعزيز العمل لضمان سلامة الصحفيين وإنهاء إفلات المعتدين عليهم من العقاب.

وأشارت إلي أن اليونسكو تعمل في شتى أنحاء العالم على بناء قدرات الهيئات القضائية وقوات الأمن فيما يخص المسائل الأمنية وسيادة القانون ، متعاونة في ذلك مع الحكومات والمنظمات غير الحكومية والرابطات المهنية والصحفيين. كما يزداد عدد الحكومات التي تدرج المعايير الدولية المتعلقة بسلامة الصحفيين ضمن تشريعاﺗﻬا الوطنية وقوانينها المتعلقة بوسائل الإعلام. علينا ً جميعا أن نبذل مزيداً من الجهود.

وناشدت بوكوفا ، بمناسبة اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين ، الدول الأعضاء بذل كل ما بوسعها لتقديم مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة ، من خلال وضع وتعزيز القوانين والآليات اللازمة المتوافقة مع القانون الإنساني الدولي والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، وقالت أهيب بوسائل الإعلام واﻟﻤﺠتمع المدني وأجهزة الشرطة والهيئات القضائية تعزيز الجهود المبذولة للوقاية من العنف الذي يستهدف الصحفيين ، وتعزيز حماية من يتعرض منهم للخطر، ومقاضاة مرتكبي الاعتداءات عليهم . وأشجع الجميع على الوقوف إلى جانب اليونسكو في شجب كل اعتداء قاتل يقع ضحيته صحفيون ، وذلك بطلب التحقيق الكامل في هذه الجرائم وبالمطالبة بإنزال العقوبة المناسبة بمرتكبي هذه الانتهاكات. وعلينا جميعاً أن نضاعف جهودنا للتوعية بأهمية حرية التعبير التي تشمل الحق في التعبير دون الخوف من التعرض لأعمال انتقامية عنيفة.

وأوضحت أن لجنة حماية الصحفيين تعرف جريمة القتل بأنها القتل المتعمد ضد صحفي معين على خلفية عمله في الصحافة ، وتشكل جرائم القتل سبب أكثر من70 % من حالات وفاة الصحفيين المرتبطة بعملهم ، ولا يتضمن هذا المؤشر حالات قتل الصحفيين أثناء الأعمال الحربية أو حالات الوفاة التي تحدث أثناء أداء مهمات خطرة مثل الاحتجاجات في الشوارع ، وتعتبر الحالات بأنها لم تحل عندما لا يتم الوصول إلى حكم إدانة ضد مرتكبي الجريمة.

وكشفت دراسة حديثة للمرصد الأور ومتوسطي لحقوق الانسان أن ما نسبته 90 % من مرتكبي الانتهاكات والجرائم بحق الصحفيين لم يطلهم العقاب بسبب انتهاكاتهم ، أما فيما يخص واقع الحريات في مناطق النزاع فحدث ولا حرج وتحديداً فيما يخص الحريات وتوفير السلامة للصحفيين وضمان وصولهم الحر والآمن للمعلومات، وبطبيعة الحال باتت لذلك انعكاسات على مستوى الحريات بالعالم كافة وليس فقط بهذه الدول، فباتت مؤشرات الحريات الصحفية إما أن تتراجع أو تراوح مكانها منذ أعوام أو تحدث تقدما لا يكاد يذكر.

وتشير تقارير اللجنة الدولية لحماية الصحفيين، أن عام 2016 شهد مقتل 52 صحفيا أثناء ممارستهم لمهنتهم، ففي سوريا قتل 21 مراسلا فيما اعتقل 13 آخرين، فيما قالت منظمة مراسلون بلا حدود إن عدد الصحفيين المختطفين تضاعف خلال عام 2016، مشيرة إلى اختطاف 87 صحفيا، أي بزيادة 49 حالة عن السنة الماضية 2015، كما أشارت المنظمة إلى انخفاض طفيف في عدد الصحفيين الذين قتلوا أثناء أداء عملهم خلال هذه السنة مقارنة بالسنة الماضية، إذ وصل عددهم إلى 71.

ومع ازدياد حدة الصراع المسلح في سوريا والعدد القياسي للمراسلين المسجونين في تركيا يغلق العام 2016 على حصيلة سوداء بالنسبة للصحافيين في العالم بحسب تقرير أصدرته لجنة حماية الصحافيين. وتعتبر سوريا أخطر دولة بالنسبة للصحفيين للسنة الثانية على التوالي من حيث عدد القتلي من الصحفيين.

وحسب التقارير قتل 5 صحفيين في باكستان، و4 في الصومال، و3 في العراق، و3 في البرازيل ، و2 في مالي وفي روسيا، وسجل سقوط قتيل هذا العام في كل من تركيا وبنغلادش وكولومبيا والفيليبين والهند وليبيا. وللسنة الثانية على التوالي تعد تركيا البلد الذي يسجن فيه أكبر عدد من الصحافيين تليه مباشرة إيران والصين، فهذه البلدان الثلاثة تضم أكثر من نصف المراسلين الـ211 المعتقلين في العالم في العام 2016.

وأشار جويل سايمون مدير لجنة حماية الصحافيين إلي أن وضع صحفيين في السجن هو دليل على مجتمع غير متسامح وقمعي ، ففي فيتنام ارتفع عدد الصحفيين المسجونين من 14 صحفيا في 2015 إلى 18 في عام 2016. وأوضح أنه في خضم حملة قمع تستهدف المدونين ارتفع عدد الصحفيين المعتقلين في فيتنام وتركيا وهو أمر يدعو إلى القلق، لكنه من المثير للصدمة فعلا أن تكون تركيا البلد الذي يسجن أكبر عدد من الصحفيين للعام الثاني على التوالي وخاصة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في شهر يوليو الماضي . أما في سوريا فان عدد الصحفيين المعتقلين تراجع من 15 عام 2015إلي 13 العام الجاري، لكن تم اختطاف نحو 30 مراسلا أجنبيا في سوريا منذ بدء النزاع المسلح، بينهم الأميركيان أوستن تايس وجيمس فولي ؛ والفرنسيون ديديه فرنسوا ، وأدوار إلياس ، ونيكولا هينين ، وبيار توريس.

في حين نشر الاتحاد الدولي للصحفيين تقريره الـ 25 للصحفيين والإعلاميين الذين قتلوا منذ عام 1990. ويسرد التقرير 2297 حالة وفاة نتيجة العنف الموجه ضد الصحافة، فقد قتل عام 2015 وحده 112 صحفيا وعاملا اعلامياً. وكان عدد القتلى يقدر بالعشرات عندما بدأ الاتحاد بنشر هذا التقرير ووصل العدد إلى آلاف خلال 11 سنة، وبلغ ذروته في عام 2006، العام الأكثر دموية على الاطلاق حيث قتل 115 صحافي وإعلامي وفقا لتقارير الاتحاد الدولي للصحفيين. وأشار جيم بوملحة رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين ، حيث يظهرهذا التقرير مسار أزمة السلامة المهنية ويوضح أساس حملة الأتحاد الدولي للصحفيين المستمرة منذ فترة من أجل إنهاء الحصانة ومقاومة الإفلات من العقاب لمرتكبي العنف ضد الإعلاميين.

وأشارت التقارير ، في هذا الصدد ، إلي البلدان الـ10 التى تتصدر القائمة من حيث خطورتها والتي تتميز بعنف الحرب، وانهيار القانون والنظام والجرائم والفساد. وتأتي هذه البلدان كالتالي : العراق (309) والفلبين (146) والمكسيك (120) وباكستان (115) وروسيا (109) والجزائر (106) والهند (95) والصومال (75) وسوريا (67) والبرازيل (62). أما في العام الماضي، فقد تشاركت فرنسا (10) مع العراق(10) واليمن (10) في احتلال المرتبة الأولى للائحة الدول التي تضم أكبر عدد من عمليات القتل، عندما اغتال الإرهابيون في باريس الصحفيين العاملين في المجلة الساخرة "شارلي ابدو" الفرنسية.

وسجلت منطقة آسيا والمحيط الهادئ أكبر عدد من القتلى (571)، ويليها العالم العربي والشرق الأوسط مع (473) قتيل، أكثر برقم واحد من الأميركتين (472). تأتي أفريقيا في المركز الرابع حيث سجلت (424) ضحية قبل أوروبا مع (357) قتيلا. وفي عام 2015، تصدرت الأميركتين عدد الوفيات (27)، وتليها منطقة الشرق الأوسط (25) .

وتظهر التقارير ملاحظة أخرى وهي قلة النظر في مستويات العنف ضد الصحفيين في جميع أنحاء العالم، حيث يتم التحقيق بجريمة واحدة فقط من عشر جرائم . ويقول الاتحاد الدولي للصحفيين أن عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة للقضاء على ظاهرة الإفلات من العقاب عن أعمال القتل وغيرها من الهجمات على الإعلاميين يستمر في إشعال العنف الذي يستهدفهم.

ويقدم التقرير أيضا تفاصيل عن الحملات التي يقودها الاتحاد الدولي للصحفيين وشركاؤه على جبهات عديدة على مدى سنوات لجعل الصحافة أكثر أمنا. وتشمل مبادرات الاتحاد إنشاء صندوق السلامة الدولية لتقديم المساعدة للصحفيين الذين هم بحاجة وإنشاء مراكز تضامن في الجزائر وكولومبيا والفلبين وسري لانكا لرصد الأزمات وتوزيع المساعدات. وكانت هناك أيضا أدوات عملية لتقديم المشورة للصحفيين في مهمات خطرة مثل اعتماد مدونة سلوك دولية لممارسة آمنة للصحافة ونشر "دليل البقاء" للصحفيين الذين يغطون مناطق الحرب.

وعلاوة على ذلك، لعب الاتحاد الدولي للصحفيين دوراً قيادياً في بناء تحالفات في المجتمع الصحافي ومؤسسات تنمية الإعلام لحماية الصحفيين من خلال تأسيس منظمات مثل "آيفكس" والمعهد الدولي للسلامة الإخبارية. وطور الاتحاد ايضاً الشراكة مع المنظمات الحكومية الدولية، بما فيها اليونسكو وخطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب، وتعاون الاتحاد مع المجلس الأوروبي من خلال المنصة الالكترونية من أجل تعزيز الصحافة وسلامة الصحفيين. وقد عمل ايضاُ مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر لتسهيل استخدام الصحفيين للخط الساخن عند الحاجة في حالات الطوارئ. ويؤكد الاتحاد الدولي للصحفيين أن الغرض من هذه التقارير هو التوعية ضد العنف في وسائل الإعلام وتعزيز حماية الصحفيين وأهمية تخفيف المخاطر على سلامتهم وأمنهم.

وبحسب التقرير فإن من مسؤولية الصحفيين وأصحاب العمل تثقيف أنفسهم في تقييم المخاطر، وتجنب المهام المتهورة واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة أثناء عملهم في البيئات الخطرة. ويبدأ هذا الفهم عندما يفهم مسؤولو الحكومات وأجهزة الأمن والجيش وغيرهم من الذين يتعاملون مع الصحفيين الحاجة إلى احترام استقلاليتهم. ويتطلب ذلك تنفيذ الحكومات التزاماتها الدولية بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين وتقديم مرتكبيها إلى العدالة، وبالتالي ردع العنف في المستقبل. ويعتمد ذلك على رغبة الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها والقيمين على الصكوك الدولية التي تكرس الحق في السلامة الجسدية لجميع البشر، في فرض هذه الضمانات لصالح الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً