"من مستصغر الشرر تنفجر الأزمات"، ربما يكون هذا هو الوضع في المغرب حاليًا بعد مصرع بائع السمك محسن فكري، داخل سيارة النفايات التي ألقى فيها نفسه، وذلك احتجاجًا على مصادرة السمك منه من قبل السلطات المحلية، لتنفجر مواقع السوشيال ميديا هناك غضبًا مما حدث.
وارتفعت حدة الاحتجاجات في بعض المدن المغربية، اعتراضًا على مقتل بائع السمك مطحونا في شاحنة النفايات، وانتقل التعبير عن الغضب إلى موقعي "فيس بوك" و"تويتر"، حيث رفع رواد مواقع التواصل الاجتماعي شعارات وهاشتاجات تستهجن ظروف موت البائع، من بينها "#كلنا_محسن، #شهيد_الحكرة، و#كلنا_شهيد_سمك_الحسيمة، والأبرز هو هاشتاج "#طحن_مو".
وتحولت جنازة "بائع السمك"، إلى مظاهرات احتجاجية بعد مشاركة الآلاف من الموطنين، حيث رفع بعض متصدري الموكب علما أمازيغيا، وهتف بعض المشيعين "مجرمون، قتلة، إرهابيون"، وسط نحيب النساء، كذلك صاح أحدهم "نم قرير العين أيها الشهيد محسن، سنواصل النضال".
وتعد المظاهرات التي تشهدها المغرب بعد مقتل "فكري"، هي الأكبر منذ المظاهرات التي نظمتها حركة "20 فبراير" عام 2011، والتي كانت تطالب فيها بإصلاحات ديمقراطية مستلهمة من انتفاضات ماتزامنًا مع الثورات التي اندلعت في عدد من الدول آنذاك.
واندلعت مظاهرات المغرب في وقت حساس، حيث تتأهب المملكة لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية في شهر نوفمبر الحالي، ويتأهب رئيس الوزراء لتشكيل حكومة ائتلافية بعد الانتخابات الشهر الجاري.
وحاول العاهل المغربي محمد السادس، احتواء التوتر، خاصة أنه يقوم بجولة في إفريقية، وزير الداخلية أن يزور أسرة "بائع السمك"، وأن يقدم لها العزاء الملكي، وعلى إثرها إصدر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة، قرارًا إحالة 11 شخصًا إلى قاضي التحقيق، من بينهم اثنين من رجال السلطة ومندوب الصيد البحري ورئيس مصلحة بمندوبية الصيد البحري وطبيب رئيس مصلحة الطب البيطري، بعد أن وجهت لهم تهم التزوير في محرر رسمي والمشاركة فيه والقتل غير العمد. وتعهدت الحكومة بإجراء تحقيقات.
من جانبه حمل حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، الحكومة المسؤولية عن هذه الواقعة ووقائع أخرى مماثلة من خلال طريقة تعاملها التي تهدر أبسط حقوق المواطن وهي الكرامة والعيش الكريم والحق في الحياة.
وطالب نبيل الأندلسي، عضو فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس المستشارين بالمغرب، بفتح تحقيق في حيثيات وملابسات الوفاة للشاب، وذلك في سؤال موجه إلى كل من وزيري الداخلية المغربي محمد حصاد، والعدل والحريات مصطفى الرميد.
وقال "الأندلسي": "يؤسفني أن أراسلكم السيد الوزير، بخصوص حيثيات وملابسات وفاة فكري الذي كان يشتغل قيد حياته كتاجر وبائع للسمك، وذلك بعدما دعسته (دهسته) حاوية ضاغطة للنفايات لشاحنة تابعة لشركة خاصة، ليلة الجمعة 28 أكتوبر 2016".
وواصل "الأندلسي: "لقد حاول هذا الشاب الحيلولةَ دون إتلاف السلطات لكمية من سمك أبو سيف (نوع من الأسماك)، ممنوع الصيد، التي تم حجزها لديه من طرف السلطات الأمنية، والتي كان يود بيعها خارج المدينة".
بينما دعا رئيس الحكومة المكلف عبد الإله بنكيران أنصار حزبه إلى عدم الاستجابة لأي احتجاجات ضد الحادث، في ظل حالة الاحتقان الكبيرة التي تشهدها المغرب، واستمرار التظاهرات لليوم الرابع على التوالي، وهو ما قد يؤدي إلى تطور الأمر أكثر إلى ما هو أبعد من محاسبة المتورطين في الحادث.