"تفاصيل تُعاد.. آلاف المغاربة يجتاحون شوارع مدينة الحسيمة، أيامًا متوالية، احتجاجًاعلى مقتل بائع السمك، طحنًا، في شاحنة لجمع النفايات بعدما حاول استعادة سلعته التي صادرتها الشرطة.
"محسن فكري" مرشح للانضمام إلى اثنين من الأسماء اللاتي أصبحت "أيقونات" شعوب، كهذا السكندري "خالد سعيد" في مصر، والشاب الذي أحرق نفسه في تونس، وبعدما حذرت منظمة حقوق الإنسان من "إمكانية عودة" احتجاجات 2011 في منطقة الريف، قبل أسبوع فقط من استضافة المغرب لمحادثات دولية تخص تغير المناخ، فهل تنبئ "شرارة" بائع السمك بربيع عربي في المغرب؟.
صورة مؤلمة، لخصت مشهد مقتل "محسن" الذي قالت عنه هيئة الطب الشرعي المغربية، إن تشريح الجثة كشف عن "كسور في الأضلاع الخمسة الأولى من الجهتين اليمنى واليسرى"، وأن سبب الوفاة هو "نزيف نتج عن جرح في الصدر"، وأنه غير معروف حتى الآن ظروف مقتل بائع السمك.
وبحسب ما نقلت "بي بي سي" فإن ناشطًا حقوقيًا، روى حادثة مقتل "فكري" بأن السلطات أرغمته على إتلاف صناديق عديدة من سمك السيف، الذي يمنع صيده بالشبكة في المغرب، ورمى فكري بنفسه في الشاحنة بعدما ألقيت سلعته لطحنها مع النفايات، حسب المنظمة المغربية لحقوق الإنسان.
واتهم ناشطون رجال الأمن بأنهم أمروا سائق شاحنة النفايات بتحريك آلة الطحن، بعدما رمى فكري نفسه فيها، ولكن مديرية الأمن الوطني نفت هذه الاتهامات في بيان أصدرته الأحد.
وزير الداخلية المغربي، محمد حصاد، تعهد بفتح تحقيق "يكشف ملابسات المأساة ويعاقب المسؤولين عنها"، مؤكدًا أن السلطات عثرت على كمية كبيرة من سمك السيف في سيارته في نقطة تفتيش، وتقرر "إتلاف السلعة غير القانونية".
وأضاف: "لا نقبل أن من المسؤولين أن يتصرفوا بتسرع أو غضب أو بطريقة لا تحترم حقوق الناس".
وفي تصريح لها، متابعة للحادث، قالت السلطات المغربية، اليوم الثلاثاء، إنها قبضت على 11 شخصًا على صلة بقضية مقتل بائع السمك، محسن فكري، مطحونًا في شاحنة نفايات.
وحضر الآلاف جنازة فكري في مدينة الحسيمة الأحد، بعدما انتشرت صورة على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر جسده ميتا داخل شاحنة النفايات.
وكان الملك محمد السادس أمر "بتحقيق شامل" في مقتل فكري، "ومحاكمة المسؤولين" عن ذلك.
وأصدر العاهل المغربي الملك محمد السادس تعليمات صارمة بمحاسبة من يثبت تورطه في مقتل تاجر الأسماك، وأمر بفتح تحقيق في الحادثة التي أثارت موجة غضب في عدد من المدن.
وقال بيان صادر عن وزارة الداخلية إن " الملك محمد السادس أصدر تعليماته لوزير الداخلية للتوجه الأحد 30 أكتوبر 2016 لمدينة الحسيمة لتقديم التعازي والمواساة إلى عائلة المرحوم، الذي لفظ أنفاسه الأخيرة بين فكي آلة شفط النفايات، مساء الجمعة بالحسيمة، حينما صعد إلى مؤخرة شاحنة الأزبال في محاولة لاسترجاع بضاعته من السمك التي صودرت من طرف عناصر من رجال الأمن والسلطة المحلية ".
وبحسب تقرير إخباري لـ"بي بي سي" فربما يمكن للمهمشين في المغرب استغلال الحادث، وأن يتحول "إلى رمز لحركة احتجاجية للمهمشين في المغرب على غرار التونسي محمد بوعزيزي، الذي أحرق نفسه احتجاجا على ممارسات مشابهة من قبل رجال الشرطة التونسية مؤديًا إلى تفجر ثورة تونس على حكم بن علي، وتعالت أصوات مطالبة بالثورة على الفساد وسلوك رجال الأمن؛ حيث يتهم المغاربة من يصفونهم برجال "المخزن" بالمسؤولية عن قتل فكري.
لكن علي فكري والد الضحية محسن فكري، أكد في تصريحات لوسائل الإعلام المغربية، أنه لا يريد أن تكون وفاة ابنه سببًا في "إشعال نار الفتنة" بالبلاد.
ويرى مراقبون أن هناك قطاعا كبيرا من المهمشين في المغرب ممن يعانون من البطالة والفقر، وأن ذلك يترافق مع تجاوزات من قبل رجال السلطة، يتحدث عنها كثير من المواطنين المغاربة خلال حياتهم اليومية خاصة ما يتعلق بإساءة قيادات الشرطة استغلال نفوذها في التعامل مع هؤلاء المواطنين، وأن حادثة فكري ربما تمثل رمزًا احتجاجيًا لمثل ذلك القطاع العريض.