سرعان ما اتجهت أنظار وسائل الاعلام، متحولةً عن تداعيات 11 نوفمبر ودعوات الجماعة الإرهابية للنزول في الشوارع والتظاهر، إلي إقرار صندوق النقد الدولي قرضا بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات لمصر.
وأفاد مجلس صندوق النقد الدولي، في بيان، أن القرض "سيساعد مصر في استعادة استقرار الاقتصاد الكلي وتعزيز النمو الشامل".
وأضاف أن "السياسات التي يدعمها البرنامج تهدف إلى تصحيح الاختلالات الخارجية واستعادة القدرة التنافسية، ووضع عجز الموازنة والدين العام على مسار تنازلي، وتعزيز النمو وخلق فرص العمل وفي الوقت نفسه حماية الفئات الضعيفة".
من جانبه، قال طارق عامر محافظ البنك المركزي، في تصريحات صحفية، إن هذه الدفعة ستسهم في زيادة احتياطي البنك من العملة الأجنبية إلى 23.5 مليار دولار.
ويأتي صدور قرار صندوق النقد الدولي عقب ساعات من إعلان وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني أنها عدلت من نظرتها لديون مصر المستقبلية من سلبية إلى مستقرة.
وقالت الوكالة، في بيان، أنها عدلت من نظرتها المستقبلية للديون السيادية إلى مستقرة من سلبية لكنها أبقت على تصنيفها "بي سلبي" بالنسبة لديون العملة الأجنبية والمحلية على الأمد الطويل و"بي" على الأمد القصير.
وأضافت أن زيادة التضخم في مصر في الأجل القريب جراء تخفيض قيمة العملة وتخفيض الدعم بالإضافة إلى رفع أسعار الفائدة سيضع ضعوطًا على الاستهلاك المحلي وقد يسبب قلاقل اجتماعية.
وأوضحت الوكالة أن تصنيفاتها لمصر لا تزال مقيدة نتيجة "العجز المالي الواسع النطاق والدين العام المرتفع ومستويات الدخل المنخفضة وهشاشة المؤسسات والمجتمع".
من جانبهم، اتفق عدد من الخبراء في عالم الاقتصاد علي أن لقرض صندوق النقد الدولي عدد من الفؤائد، حيث يساهم القضرفي عودة الاستثمارات الأجنبية التي تراجعت بشكل كبير علي مدار السنوات الماضية خاصة عقب احداث ثورة 25 يناير 2011.
كما يساهم القرض في ارتفاع نسبة الاحتياطي من النقد الأجنبي كما انه سيدعم الفجوة التمويلية المقدرة بـ30 مليار دولار خلال 3 سنوات عن طريق التمويل الثنائي.
ويري الكثير من الخبراء ان القرض باب جديد لدعم الإصلاح المالي والاقتصادي وفتح نوافذ الاقتصاد لقدوم استثمارات أجنبية بعد هذا الاتفاق حيث أن الاقتصاد المصري أصبح يحمل شهادة ثقة من صندوق النقد، وهو ليس مقرض تقليدي.
وللقرض عدد من المدلولات الهامة من بينها اطمئنان مجتمع المستثمرين إلى الخطوات الإصلاحية التي تم دراستها من قبل خبراء الصندوق قبل الموافقة على القرض، مضيفا، أن سيحسن القرض تصنيف مصر الائتماني من قبل مؤسسات التصنيف الكبرى ما يعطى المستثمرين مزيدًا من الثقة فضلا عن خفض تكلفة الديون على مصر نتيجة انخفاض درجة المخاطرة.
ويساعد القرض علي علي تيسير الاقتراض من الأسواق العالمية بأسعار فائدة جيدة أفضل مما سبق، بالإضافة إلى أن قرض الصندوق سيكون لفترة طويلة مما يجعله ميسر وفائدة مخفضة لا تتجاوز2%.
ويساهم القرض في تدشين مشروعات استثمارية وسد عجز الموازنة، بالإضافة إلى استيراد السلع والمواد الخام اللازمة للصناعة.
وللقرض عيوب علي الرغم من فوائده المتعددة حيث يري خبراء الاقتصاد أن القرض يساهم في اختراق الوطنية للدول، من باب الاقتصاد.
كما يسعي الي السيطرة علي القرار السياسي ومن هنا تكمن خطورة الانصياع لسياساته، لأنها تفقد الدول استقلالها الاقتصادي والسياسي.
ومنذ نشأته يستطيع صندوق النقد الدولي أن يتبين فقدان هذه الانتقادات للكثير من قوتها بعد سقوط النظام الشيوعي في روسيا والدول المتحالفة معها، وتبني هذه الدول لاقتصاديات السوق علي نحو أو آخر وبعد أن تطورت سياسات الصندوق وحرصها علي أن تأتي شروطها محققة للإصلاح الاقتصادي دون التضحية بالجانب الاجتماعي وعدالة التوزيع وعلي أية حال إذا كان هناك من الأسباب الموضوعية التي تدعو إلي الاقتراض من صندوق النقد الدولي في المرحلة الحالية.