من ينظر إلى فوز دونالد ترامب المرشح الأمريكي أمام وزيرة الخارجية السابقة للولايات المتحدة، الأشهر والأقرب للفوز من وجهة الساسة الأمريكان والإعلام الأمريكي والعالمي، يلحظ تغيرًا كبيرًا في وجهة النظر التي كانت سائدة لدى الكل، من أن للسياسة الأمريكية خطًا ونهجًا ثابتًا، تحدده المؤسسات القومية للدولة، وأنه ليس على الرئيس أيًا كان، سواء كان ينتمي للجمهوريين أو الدميقراطيين، إلا أن يكون أداة طيعة لتنفيذ تلك السياسات.
عصف فوز دونالد ترامب بهذه النظرية القديمة، بوضعنا أمام حقيقة ثابتة، وهي أن فوزه كان انقلابًا ناعمًا مـن جنـرالات البنتاجـون الأمريكـي علـى ساسـة البيـت الأبيـض وقـادة الصفـوف الخلفيـة، نحـو إنقـاذ مـا يمكـن إنقـاذه أمـام تحديـات أمـن قومـي تنـذر بجولـة بقـاء أو فنـاء.
ودعونا نتفق أن العالم يعيش مؤامرات يخوضها لفرض رؤيته وأهدافه، وتنفيذ تلك الاستراتيجية بأدوات مباشرة وغير مباشرة، وقد يجيد أو يخطيء في توظيفها أو حسن استغلال معطياتها.وتتعدد الجولات الانتخابية، وتجري تلك الانتخابات وسط شد وجذب من المرشحين لرسم ملامح الديمقراطية أمام العالم، وليعتلى فائز واحد فقط كرسي الحكم، لكنها فى النهاية تبقى نتائج يحكم نهايتها آخرون من خلف ستار.والعالم الآن فى حالة ترقب ومتابعة لنهج السياسة الأمريكية فى جميع الاتجاهات، ولا يمكن أن نغفل باقي أطراف المشهد، فهم دائمًا ماتأتي أفعالهم مقدرة بلسان منطق تغير خطوط السير إجبارًا لاتجاهات أكثر منها هدوءًا ومهادنة.ومصر نجحت هى وآخرون في (فرض واقع) بلا رفاهية اختيار، ولم يبقى أمام العالم إلا الانصياع لشروطه، ومن ثم تم فرض قواعد جديدة للعبة، والبحث عن طريق أخر، أو نهج أخر، ترقبًا لجولات أخرى.وكان الدرس قاسيًا، بالقدر الذي جعله جرحًا غائرًا في الجسد الأمريكي، أمام تحديات في معادلة بقاء أو فناء.