بعد إعلان الجيش العراقي، بسط سيطرته على مدينة نمرود الآشورية الأثرية القريبة من الموصل، بعد سلسلة من المعارك العنيفة مع مسلحي تنظيم داعش الإرهابي، ورفع العلم العراقى على مبان المدينة، إلا أن سيطرة مسلحى التنظيم على مجريات الأمور في المدينة الأثرية في السابق، أدى إلى تدمير الآثار الموجودة فيها، وهو ما نشره التنظيم في مقاطع فيديو لبعض عناصره وهم يستخدمون آلات ثقيلة في تدمير تماثيل تعود إلى الحضارة الآشورية.
وذكرت الحكومة العراقية في حينها أن مدينة نمرود تعرضت إلى "تجريف" باستخدام الآليات، الأمر الذي اعتبرته منظمة اليونيسكو "جريمة حرب".
تقع المدينة التاريخية عند ضفاف نهر دجلة على مسافة 30 كلم إلى الجنوب من الموصل، كبرى مدن شمال العراق وتعتبر كنز الإكتشافات الأثرية في القرن العشرين.
وصمم التخطيط العام لمدينة نمرود على شكل مربع محاط بسور طوله ثمانية كيلومترات، ومدعم بأبراج دفاعية، وفي الزاوية الجنوبية من السور يوجد تل نمرود.
وقال عالم الآثار العراقي في جامعة ستوني بروك الأمريكية حيدر حمداني لوكالة الأنباء الفرنسية إن "نمرود كانت عاصمة آشور في العصر الآشوري الحديث".
وقد أسس المدينة الملك شلمنصر الأول، ولكنها ظلت مغمورة حتى اختارها الملك آشور ناصربال الثاني مقرا ملكيا له وعاصمة عسكرية للدولة الآشورية، فجددها ووسع في قلعتها وفي المنطقة خارج الأسوار، ثم أكمل ملوك من بعده بناء المدينة، وعلى مدار تاريخها تعاقبت عليها شعوب وشهدت ديانات وثقافات عديدة.
وبدأ ذكر المدينة لدى علماء الآثار عام 1820، ثم جدّ علماء أجانب في استكشافها والتنقيب عنها في العقود اللاحقة.
فقد اكتشف خبير الآثار البريطاني أوستن لايارد مدينة نمرود في القرن التاسع عشر، ثم نشط عالم الآثار البريطاني ماكس مالوان في الموقع خلال الخمسينيات من القرن الماضي، واستلهمتها زوجته الروائية أغاثا كريستي في رواياتها، ومنها "جريمة في قطار الشرق السريع" و"جريمة في بلاد الرافدين".
تعرضت مدينة نمرود على مدار تاريخها لعمليات نهب مختلفة، منها ما كان إبان الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، بالتزامن مع عملية نهب واسعة لمختلف الآثار العراقية.
وفي عام 2014 قام تنظيم داعش الذي سيطر على مساحات واسعة من البلاد منتصف يونيو في 2014 بتجريف مدينة نمرود الأثرية بالآليات الثقيلة، ما اعتبرته وزارة السياحة والآثار العراقية انذاك "اعتداء" على المعالم الأثرية التي تعود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد وما بعده".
وفي 17 أكتوبر، انطلقت معركة الموصل بمشاركة 45 ألفا من القوات التابعة لحكومة بغداد، مدعومين بالحشد الشعبي وحرس نينوى، إلى جانب قوات البشمركة التابعة لإقليم كردستان العراق، وبتغطية جوية من قوات التحالف الدوليب قيادة الولايات المتحدة.
وبعد نحو شهر من انطلاق العملية، أعلن الجيش العراقي سيطرته على ناحية النمرود جنوب الموصل بعد مواجهة عنيفة مع تنظيم داعش.
تعتبر نمرود من المواقع الأثرية المرشحة لتدرج على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو).
واسمها المعتمد هو الاسم العربي للمدينة التي كانت تعرف أساسا باسم "كلحو".
ومن معالم نمرود الأثرية تماثيل الثيران المجنحة الشهيرة ذات الوجوه البشرية ويطلق عليها اسم "لاماسو" وتقف عند مداخل قصر "آشور ناصربال الثاني" ملك الإمبراطورية الآشورية في القرن التاسع قبل الميلاد ومعابد قريبة من الموقع.
ومن أبرز الآثار التي عثر عليها في الموقع "كنز نمرود" الذي بدأ التنقيب عنه عام 1988 وانتهى بعد أربع سنوات، وهو 613 قطعة من الأحجار الكريمة والمجوهرات المصنوعة من الذهب.
ووصف العديد من علماء الآثار هذا الاكتشاف بأنه الأهم منذ اكتشاف قبر الملك الفرعوني توت عنخ آمون في العام 1923.
ويعود تاريخ الكنز إلى نحو 2800 عام، وقد أخفته السلطات العراقية حينها بعد فترة قصيرة من العثور عليه.
وعثر على الكنز محفوظا في المصرف المركزي العراقي، بعد أسابيع من سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين إثر دخول القوات الأمريكية بغداد في أبريلنيسان 2003.
وعن قصة كنز نمرود الأسطوري، يقول خبير الآثار العراقي بهنام أبو الصوف إنه يتكون من حوالي 45 كيلو جراما من المصوغات الذهبية ومجموعة من القطع الأثرية النادرة، وكشف أن المصوغات الذهبية تعود إلى ملكتين آشوريتين وأنها دفنت بعد موتهما في قبريهما بالقصر الشمالي الغربي للملك آشور ناصربال الثاني في نمرود.